وزير المالية يطلق خطة موسعة لمكافحة الاحتيال الضريبي ضمن إجراءات ضبط ميزانية النمسا المتعثرة

أعلن وزير المالية النمساوي ماركوس مارترباور عن خطط لتعزيز مكافحة الاحتيال الضريبي في إطار إجراءات ضبط الميزانية، مؤكداً تفاؤله بتحقيق أهداف العجز رغم احتمال خفض التصنيف الائتماني للبلاد، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

وكشف وزير المالية ماركوس مارترباور (عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPÖ) عن توجه الحكومة نحو توسيع جهود مكافحة الاحتيال، ضمن إطار سياسة تقشف تهدف إلى ضبط الميزانية العامة وتقليص العجز. وأعلن عن تعديلات قانونية مرتقبة لمكافحة ما يُعرف بـ«الاحتيال عبر دوامة ضريبة القيمة المضافة» (VAT-Karussellbetrug)، مشيراً إلى أن وزارته تعتزم تعزيز عمليات التفتيش الضريبي، بعد أن بقيت العديد من الشركات دون رقابة في السنوات الماضية.

وأكد مارترباور أنه يتوقع جمع نحو 270 مليون يورو خلال عام 2025 من خلال الإجراءات الجديدة لمكافحة الاحتيال، والتي تعمل فرقة عمل خاصة حالياً على إعداد تفاصيلها، مشدداً على أن “إرسال إشارات واضحة أمر ضروري”.

خفض التصنيف الائتماني والتوقعات الاقتصادية

فيما يتعلق بالتطورات المالية على الساحة الأوروبية، أشار مارترباور إلى أن خفض وكالة “فيتش” (Fitch) في يونيو الماضي للتصنيف الائتماني طويل الأجل للنمسا من “AA+” إلى “AA” مع نظرة مستقبلية مستقرة، لا علاقة له مباشرة بإجراءات العجز المفرط التي بدأت المفوضية الأوروبية اتخاذها. وقال: “وكالات التصنيف تراقب بدقة المؤشرات الاقتصادية والمالية دون الحاجة إلى تنبيه خارجي”.

وأوضح أن قرار الاتحاد الأوروبي ببدء إجراءات عجز الميزانية المفرط ليس له أثر يُذكر على الأسواق المالية، واصفاً الإجراء بأنه “أداة لتبادل المعلومات”، مشدداً على أن النمسا كانت ستقوم بنفس الخطوات الإصلاحية حتى في حال عدم بدء هذا الإجراء الأوروبي.

أهداف الميزانية: بين الواقع والتفاؤل

أكد الوزير أن العجز المستهدف في الميزانية لعام 2024، والبالغ 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي، يُعد رقماً “واقعياً”، لكنه ربط تحقيقه بأداء الاقتصاد الوطني. وانتقد توقعات معهد البحوث الاقتصادية Wifo التي رجحت عجزاً أقل يبلغ 4.1% لهذا العام و3.3% للعام 2025، معتبراً أنها “بعيدة عن الواقع”.

وأعرب عن أمله في أن تؤدي حزمة الاستثمار الكبيرة التي أعلنتها ألمانيا إلى تحفيز الاقتصاد النمساوي، وهو ما سينعكس إيجاباً على وضع الميزانية، قائلاً: “الحزمة الألمانية ستساعدنا كثيراً”. لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الحيز المتاح لتحفيز اقتصادي داخلي واسع محدود جداً، في ظل ضرورة الالتزام بإجراءات التقشف.

ورغم الضغوط الاقتصادية، أبدى مارترباور قدراً من التفاؤل بشأن الطلب المحلي، موضحاً أن “الطلب الاستهلاكي يبدو أنه في حالة استقرار”، رغم استمرار ارتفاع معدلات البطالة.

النقاشات حول ميثاق الاستقرار الداخلي والضرائب المحلية

تحدث الوزير عن النقاش الدائر حول “ميثاق الاستقرار الداخلي” (Stabilitätspakt)، الذي يحدد سقوفاً للديون على مستوى الولايات والمجالس المحلية، قائلاً إن هناك توافقاً عاماً على مبدأ “ضرورة الادخار”، لكنه أشار إلى أن “النقطة الصفرية التي ننطلق منها صعبة”، لذا يجب التركيز حالياً على تحديد الأهداف المالية العامة وليس الإجراءات المفصلة.

وبشأن المقترحات المقدمة من رابطة البلديات، مثل فرض رسوم على خدمات الإسعاف أو زيادة ضريبة العقارات، أبدى مارترباور انفتاحاً على الحوار، قائلاً: “إذا قدمت البلديات نموذجاً مشتركاً، فنحن منفتحون على دراسته”.

نظام المعاشات ودور كبار السن في سوق العمل

وفيما يخص ملف الشيخوخة والعمل، جدّد الوزير دعوته إلى “نظام المكافآت والعقوبات” (Bonus-Malus-System) لتشجيع كبار السن على البقاء في سوق العمل، موضحاً أن هذه مجرد “مقترحات وليست مطالب”. وابتعد عن ربطها بما يُعرف بـ«الضريبة الموحدة» (Flat Tax)، التي تتيح حوافز ضريبية لمن يواصلون العمل بعد سن التقاعد، واصفاً ذلك بأنه “إجراء يُروج له شريك في الائتلاف الحكومي، وسننفّذه بحذر مع تقييم تكلفته وأثره التوزيعي”.

وأكد مارترباور أن نظام التقاعد الجزئي الجديد قد أُقر بالفعل في البرلمان، فيما لا تزال القواعد المتعلقة بموظفي الخدمة المدنية قيد النقاش. وأضاف: “النقابات طرحت مطالبها، ونحن منفتحون على الحوار، لكن دون أي وعود. لم نناقش الأمر بعد، ومن المؤكد أنه لا يجب أن يتسبب في أعباء مالية إضافية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى