“17 دقيقة من الرعب”: طالبة تنقل بصوت الأمل تفاصيل مجزرة مدرسة غراتس

وقفت الطالبة فاتلومي، البالغة من العمر 17 عامًا، أمام حشد من الحضور أمام قاعة بلدية مدينة غراتس، لتروي بصوت مكسوّ بالثبات والانكسار تفاصيل 17 دقيقة كانت، كما وصفتها، “الأكثر رعبًا” في حياتها، وذلك خلال الهجوم المسلح الذي وقع في مدرسة BORG Dreierschützengasse يوم الثلاثاء، وأسفر عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم طلاب ومعلمون، وإصابة آخرين بجروح بعضها خطير.

أُلقيت هذه الشهادة المؤثرة في حفل تأبيني رسمي أقيم تكريمًا للضحايا، حضره الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين (Alexander Van der Bellen)، البالغ من العمر 81 عامًا، إلى جانب عمدة مدينة غراتس إلكه كاهر (Elke Kahr)، وعدد كبير من الأهالي والمعلمين والناجين.

“ظنناها أصوات بناء… ثم صرخ أحدنا: إنها طلقات!”

بدأت فاتلومي حديثها بإعادة الحضور إلى لحظة البداية:

“في البداية، خلت أن الصوت ناتج عن أعمال بناء قريبة. لكن زميلي صرخ: إنها طلقات!

وأكملت، وهي تصف أولى لحظات إدراك الخطر:

“أدركنا حينها أننا في خطر. بعض الطلاب قفزوا من النوافذ، وآخرون فرّوا عبر المدخل الرئيسي. كنا نركض من أجل حياتنا.”

“هربت بالأصغر سناً إلى سوبر ماركت… لكن قلبي بقي مع من تُركوا خلفنا”

رغم الفوضى، حاولت فاتلومي التصرف بسرعة لحماية من هم أصغر منها سنًا:

“هرعت مع مجموعة من الطلاب الصغار نحو سوبر ماركت قريب. للحظة، شعرت بالأمان، لكن عقلي كان مع من تُركوا خلفنا، ومن لم يتمكنوا من الهرب.”

وتحدثت عن ما رأته حين نُقل الناجون لاحقًا إلى صالة رياضية قريبة حُوّلت إلى مركز للإجلاء والطوارئ: “كانت المشاهد مروّعة: وجوه مذعورة، دموع، ارتباك. لن أنسى أبدًا كيف كان حتى رجال الشرطة يبكون.”

“آباء في الانتظار… بعضهم عاد ومعه ابنه، وآخرون عادوا وحدهم”

وصفت الطالبة الشابة اللحظات التي شاهدت فيها أولياء الأمور بانتظار أبنائهم خارج المدرسة، وقالت: “رأيت الآباء والأمهات يقفون، يترقبون خبراً. بعضهم عاد إلى منزله حاملاً ابنه، والبعض الآخر… لم يعد معه أحد، هذا الحزن بات يسكنني”

“أراد أن ينشر الخوف… فوجد فينا الحب”

في ختام كلمتها، وجّهت فاتلومي نداءً شامخًا، صيغ بالألم والإصرار: “لن نسمح لهذا اليوم أن يفرّقنا، لقد أراد أن ينشر الخوف، لكنه وجد فينا الحب والتكاتف، أراد أن ننهار، وسنقف معًا، أراد أن يزرع الكراهية، وسنزرع نحن الإنسانية”.

كما لم تنسَ أن توجه تحية امتنان لقوات الإنقاذ والشرطة، قائلة: “كنتم شجعانًا، سريعين في استجابتكم، ضحيتم من أجلنا، لن ننسى ذلك”.

“مرّت دقائق كأنها دهر”… طلاب آخرون يروون ما حدث خلف الأبواب المغلقة

إلى جانب فاتلومي، تحدّث طلاب آخرون عن ما عايشوه داخل الصفوف المغلقة خلال الهجوم، بعضهم احتمى خلف الأبواب، آخرون لم يُكتب لهم النجاة، وأجمع الناجون على أن الوقت الذي استغرقته الشرطة – نحو 15 دقيقة – بدا كما لو أنه “دهرٌ من الرعب”.

إحدى الطالبات ختمت حديثها قائلة: “لا نعلم كيف يمكننا العودة إلى هذه المدرسة بعد الآن”، أما فاتلومي، فبقي صوتها – وسط كل الحزن – يحمل ومضة أمل: “لا مكان للكراهية هنا، لا في مدرستنا، ولا في مدينتنا، ولا في قلوبنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى