وصف المدون

اليوم

تعتبر الأفاعي الجرسية (Rattlesnakes) من الثعابين السامة التي تقتل فرائسها بلدغاتها السامة. ويتزامن بث السم في هذه الأفاعي مع اهتزاز ذيلها محدثا ضجيجا عاليا "كالجرس"، والذي استمدت منه هذه الأفاعي اسمها المميز.
أجراس معقدة

ويصدر هذا الصوت إثر اهتزاز بنية أحد البروتينات الموجودة في ذيل الأفعى، والذي يعرف بالكيراتين. وتستخدم الأفاعي الجرسية هذه القعقعة الصاخبة لتحذير مفترِساتها. ويذكر أن هذه الأفاعي الجرسية تزيد من وطأة هذا الصوت كلما اقترب منها أي مُفتَرِس.

غير أن دراسة حديثة نُشِرت في دورية "كارنت بيولوجي" (Current Biology) في 19 من أغسطس/آب الجاري قد أشارت إلى أن هذه الأفاعي تستخدم حيلة أخرى تخلق بها وهما سمعيا يخدع الكائنات المحيطة بأنها أقرب مما هي عليه بالفعل. وبالتالي، فإن القعقعة الجرسية التي تصدرها هذه الأفاعي لها طبيعة ووظيفة أكثر تعقيدا مما اعتقد في السابق.

ويذكر بوريس تشاغنو -أستاذ علم الأعصاب والمؤلف الرئيس للدراسة في جامعة كارل فرانزينس في غراتس بالنمسا (Karl-Franzens-University Graz)- في البيان الصحفي الذي نشره موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert) أن بياناتهم تُظهر أن "القعقعة الصوتية التي تُصدرها الأفاعي الجرسية، والتي فُسِّرَت طيلة عقود بأنها إشارات تحذير بسيطة، ليست كذلك في واقع الأمر. بل إنها إشارات تواصل معقدة بين بعضها بعضا".
معدل قعقعة الذيل الصوتية يزداد بسرعة أكبر كلما اقترب الجسم المهاجم من الأفعى بشكل أسرع (بيكسابي)

اكتشاف وليد الصدفة
وقد كان اكتشاف هذه الإشارات المعقدة محض صدفة. فبينما كان يقترب تشاغنو يوما من إحدى الأفاعي في معمله، لاحظ أن وتيرة القعقعة الصوتية قد ازدادت حدة وقوة باقترابه، ثم خفتت بعدما ابتعد عنها.

ولدراسة الأمر، قام الفريق بتسجيل تردد القعقعة الصوتية أثناء اقتراب أجسام مختلفة -كقرص أسود أو جسم يشبه الإنسان- من الأفعى.

وقد لاحظ العلماء أن تردد الصوت قد ارتفع بمعدل ثابت مقداره 40 هرتزا كلما اقترب منها مصدر التهديد للمرة الأولى. ولكن التردد قد قفز فجأة ليصل 60 إلى 100 هرتز كلما اقترب المزيد من مصادر التهديد حولها.

كما أشار الباحثون إلى أن معدل القعقعة الصوتية قد ازداد بسرعة أكبر كلما اقترب الجسم من الأفعى بشكل أسرع. غير أن تباين حجم الجسم لم يؤثر على مستوى التردد الذي تصدره الأفعى.

ولمعرفة السبب الذي يدفع الأفعى إلى تغيير تردد الصوت بهذا الشكل المفاجئ، قام الفريق بإدخال مجموعة من المتطوعين في تجربة محاكاة مع ثعبان افتراضي، إذ طُلب من المتطوعين الاقتراب من الثعبان الافتراضي، ومن ثم قاموا برصد التغير في معدل القعقعة الصوتية.
الأفعى الجرسية تصدر قعقعة صوتية ذات تردد أعلى لإيهام ما حولها بأنها أقرب إليهم مسافة (يوريك ألرت – توبياس كوهل)

جهاز إنذار خاص بالمسافة
وعندما كان المتطوعون على بُعد 4 أمتار من الأفعى الافتراضية، أصدرت الأفعى قعقعة مقدراها 70 هرتزا والتي توحي بأنها على بعد متر واحد فقط من مهاجميها، مما يعني أن الأفعى تصدر قعقعة صوتية أعلى لإيهام ما حولها بأنها أقرب إليهم مما هي عليه بالفعل.

ويعتقد تشاغنو أن "الأفاعي الجرسية تنسج هذا الوهم السمعي من حولها لتخلق مسافة كافية كهامش أمان بينها وبين مهاجميها"، إذ يلتقط الجهاز السمعي للإنسان -وكذلك الثدييات الأخرى قريبة الصلة- تلك الترددات الصوتية ويربط بينها وبين اقتراب المسافة. غير أن ما تصدره الأفعى من تردد فجائي متزايد يخدع الأجهزة السمعية ويوهمها باقتراب المسافة.

وطبقا للتقرير الذي نشره موقع "لايف ساينس" (Live Science)، يؤكد تشاغنو أن هذه الأفاعي تخدع مهاجميها كلما اقتربوا منها في المسافة، إذ يذكر أن هذه الأفاعي "لا تكتفي بالتحذير من وجودها فحسب، بل إنها طوّرت نظام تحذير سمعيا خاصا بالمسافة كالذي تصدره السيارة أثناء القيادة للخلف".

الجزيرة
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button