INFOGRAT - فيينا:
ما تزال النمسا تعتمد في تلبية أكثر من نصف احتياجاتها على الغاز الروسي، رغم دعاوى تنويع مصادر الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي بعيدًا عن موسكو، منذ شنّها حربًا على أوكرانيا، وفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
attaqa |
وتحتضن أوكرانيا -التي غزتها روسيا في فبراير/شباط 2022- خطوط الأنابيب التي تنقل غاز موسكو إلى فيينا، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، اليوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتمتلك النمسا، الواقعة وسط القارة العجوز، مستودعات تخزين ضخمة، وعقود غاز طويلة الأجل ،من خلال شركتها "أوه إم في إيه جي" (OMV AG)، مع شركة "غازبروم" الروسية (Gazprom)، تجبرها على مواصلة شراء الغاز الروسي.
علاقة طويلة مع الغاز الروسي
تمتد علاقة شركتي "أوه إم في" النمساوية وغازبروم الروسية إلى سنوات طويلة لا تقل عن نصف قرن (50 عامًا)، ورغم الحرب في أوكرانيا، فإنه من الواضح أن فيينا ما تزال غير قادرة على اتخاذ قرار بقطع تلك العلاقة.
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، تتخذ الدول الغربية -متضمنةً الاتحاد الأوروبي- موقفًا معاديًا لموسكو، إذ فرضت الكثير من العقوبات على روسيا، كما وضعت أسقفًا سعرية للنفط الروسي ومشتقاته.
وبذلت أوروبا مجهودات هائلة في سبيل فطام نفسها عن الغاز الروسي وباقي منتجات النفط، لكن واجهت دول القارة في بداية الأمر عقبات ضخمة تمثلت في ارتفاع أسعار الطاقة إلى مستويات قياسية، قادت معدلات التضخم إلى أعلى مستوى في 4 عقود تقريبًا، ما سبّب ضغوطًا على المواطنين.
وتمتلك النمسا مستودعات تخزين هائلة، ما سمح بوجود كميات كبيرة من الغاز الروسي بها حتى الآن، مكّنتها من تزويد جاراتها الأوروبيات، مثل ألمانيا والمجر وإيطاليا وسلوفينيا، ببعض تلك الكميات.
وتُجري النمسا تدقيقًا للإمدادات لديها، بغرض تنفيذ رغبتها في تنويع وارداتها بعيدًا عن موسكو، لكن البيانات التجارية تشير إلى أن تدفقات الغاز الروسي إليها متواصلة بمعدلات ثابتة، وأنها تلبي أكثر من نصف الطلب المحلي في الدولة الأوروبية.
سوق أفضل بعد الحرب
قال منظم الطاقة النمساوي السابق، الذي يعمل حاليًا كبيرًا لمستشاري الطاقة في شركة "باكر آند ماكنزي إل إل بي" (Baker & Mckenzie LLP) والتر بولتز: "إن الكميات المُخزّنة، واستمرار تدفّق الإمدادات يؤشران على أن السوق باتت أفضل بعد غزو أوكرانيا.. ومن المتوقع ألّا يكون الأمر صعبًا على النمسا، حتى مع القطع المفاجئ لإمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا خلال العام الجاري".
وحذّر من استمرار اعتماد النمسا على الغاز الروسي، وهو ما يجعل التعامل صعبًا مع انتهاء عقد موسكو مع كييف في نقل الغاز عبر أراضي الأخيرة، نهاية العام المقبل (2024).
ورغم أن عقود تصدير الغاز الروسي إلى النمسا ممتدة حتى عام 2040، فإن عقود نقله عبر أوكرانيا تنتهي في شهر ديسمبر/كانون الأول المقبل.
كما أنه بالرغم أن أوكرانيا منحت إشارات على إمكان استمرار تدفق الغاز الروسي عبر أراضيها إلى أوروبا، وفق شروط فردية (لكل حالة على حدة)، فإن استمرار الحرب يعوق توفر أيّ ضمانات لتلك التدفقات، إذ إنه من الجائز أن تتعرض خطوط الأنابيب أو ضواغط المحطات لأضرار، على سبيل المثال.
مشروع بطيء
قالت شركة "غاز كونكت أوستريا غمب إتش" ( Gas Connect Austria GmbH )، المسؤولة عن إدارة خطوط الأنابيب المحلية في النمسا، والتي تربط شرق وغرب البلاد، إنها بدأت توسيع شبكتها نحو ألمانيا، بخطوط أنابيب يبلغ طولها 40 كيلومترًا (25 ميلًا).
وأوضحت أن تلك التوسعة ستمكّن البلاد من إضافة 27 تيراواط/ساعة من الغاز، تعادل ثلث احتياجات النمسا، لكنها لن تصبح جاهزة للتشغيل قبل عام 2027، إذ ما تزال في مراحل الحصول على الموافقات البيئية والقانونية للمشروع، الذي تبلغ تكلفته 200 مليون يورو (217 مليون دولار).
وقال متحدث رسمي من الشركة، إن المفاوضات جارية حاليًا بشأن التعرفة الجديدة، والتي تتحد مع قيود تشريعية وغياب الالتزامات التمويلية، وعدم وجود عقود طويلة الأجل، وتعمل جميعها على إعاقة تسريع العمل في توسعة خطوط الأنابيب.
بينما حذّرت وزارة المناخ والطاقة النمساوية من بطء خطوات المشروع المهم في ضمان تدفقات الغاز إلى البلاد، وقالت الوزارة في ردّها على تساؤلات لوكالة بلومبرغ: "إنه ليس هناك أسباب للانتظار طويلًا".
وأكدت الشركة المعنية بالتوسعة، ومعها منظم الطاقة النمساوي السابق، الذي يعمل حاليًا كبيرًا لمستشاري الطاقة في شركة "باكر آند ماكنزي" والتر بولتز، أن النمسا تستطيع تلبية احتياجاتها إلى عام 2025، حتى في غياب الغاز الروسي، لكن سرعة تنفيذ المشروع تضمن استقرار الأسعار.
وقال بولتز: "المخاطر في 2025 و2026 لا ترتبط بعدم إتاحة الغاز، وتوقّف تدفّقه إلى النمسا، ولكن بقلّته وعدم استقراره، ما يهدد بعودة الأسعار إلى الارتفاع مجددًا".
شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة