35% فقط يرون أنه يعمل بشكل جيد.. تقييمات متدنية للنظام السياسي النمساوي في ظل القيادة “الرشيدة”
أظهرت النتائج الرسمية لـ “مُرصد الديمقراطية” (Demokratie Monitor)، الذي قدمها معهد Foresight يوم الأربعاء، أن 35 بالمئة فقط من سكان النمسا يرون أن النظام السياسي يعمل بشكل جيد. وتُرجع Martina Zandonella من معهد Foresight هذا الانخفاض في القيم بشكل رئيسي إلى ارتفاع الأسعار (Teuerung) والشعور بأن مصالح المواطنين غير ممثلة. وعلى النقيض من ذلك، ظل الموقف العام تجاه الديمقراطية ثابتًا، حيث يرى 89 بالمئة أنها أفضل شكل من أشكال الحكم، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
تراجع حاد في الرضا مقارنة بعام 2018
شمل الاستطلاع الذي أجري في شهري أكتوبر ونوفمبر 2005 شخصًا مقيمًا في النمسا ويبلغ من العمر 16 عامًا فما فوق (بمدى تذبذب يبلغ 2.2 بالمئة). وعندما بدأ المشروع السنوي لأول مرة في عام 2018، كان مستوى الرضا أعلى بمرتين تقريبًا؛ حيث قال 64 بالمئة حينها إن النظام السياسي في النمسا يعمل جيدًا جدًا أو جيدًا إلى حد ما. وفي عام 2024، كان هذا الرقم قد وصل إلى 43 بالمئة، ثم تدهور إلى 35 بالمئة في الإحصاء الأخير.
ترى Zandonella وجود “أزمة تمثيل” (Krise der Repräsentation)، حيث يؤثر التطور السلبي بشكل خاص على المؤسسات والشخصيات المنتخبة. وتراجعت نسب الثقة في المؤسسات والأفراد:
- الرئيس الاتحادي (Bundespräsident): 48 بالمئة (مقارنة بـ 58 بالمئة في 2018).
- البرلمان (Parlament): 41 بالمئة (مقارنة بـ 48 بالمئة في 2018).
- الحكومة الاتحادية (Bundesregierung): 32 بالمئة (مقارنة بـ 43 بالمئة في 2018).
ثقة مستقرة في المؤسسات غير المنتخبة
أشارت الباحثة إلى أن هذا التطور ملحوظ في معظم الديمقراطيات الغربية. ووفقًا للاستطلاع، فإن المؤسسات التي تتمتع بقيم ثقة أفضل هي:
- الشرطة (Polizei): 73 بالمئة.
- المحاكم (Gerichte): 64 بالمئة.
- الإدارة العامة (Verwaltung): 60 بالمئة.
ولم تتغير هذه الأرقام كثيرًا منذ عام 2018.
تأثير الوضع المالي على الرضا
انخفض الرضا عن النظام السياسي في جميع الفئات السكانية. ويعد الوضع المالي عاملاً وثيق الصلة بهذا الأمر بشكل خاص:
- في الثلث الأدنى من الدخل، يرى 19 بالمئة فقط أن النظام يعمل بشكل جيد (مقارنة بـ 49 بالمئة في 2018).
- في الثلث الأوسط، يعتقد 38 بالمئة ذلك (مقارنة بـ 66 بالمئة في 2018).
- في الثلث الأعلى، يعتقد 50 بالمئة ذلك (مقارنة بـ 85 بالمئة في 2018).
التضخم هو الشاغل السياسي الأول
قالت Zandonella إن ذوي الدخل المنخفض نادرًا ما يختبرون تجارب تتوافق مع المثل الأعلى للديمقراطية، مثل أن يكون لكل صوت نفس القيمة. ولهذا السبب، يعتقد 17 بالمئة فقط في الثلث الأدنى من الدخل أن أشخاصًا مثلهم ممثلون جيدًا في البرلمان، مقابل 45 بالمئة في الثلث الأعلى. بالإضافة إلى ذلك، يتأثرون بشدة بارتفاع الأسعار (Teuerung): أشار 79 بالمئة في الثلث الأدنى إلى اضطرارهم للتوفير في مشتريات البقالة، بينما كانت النسبة الإجمالية لجميع المشاركين في الاستطلاع 47 بالمئة.
يعد ارتفاع الأسعار هو القضية الأهم سياسيًا بالنسبة للسكان، حيث ذكرها 35 بالمئة كأهم شاغل سياسي حالي لهم، مع التركيز بشكل خاص على ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة والسكن. وتأتي قضايا التوزيع، مثل مكافحة الفقر وتأمين الرفاهية، في المرتبة الثانية بنسبة 23 بالمئة.
وذكر 18 بالمئة الهجرة (Zuwanderung) كشاغل: عشرة بالمئة عبروا عن قلقهم بشأنها، على سبيل المثال بسبب الاندماج، واستخدم ثمانية بالمئة عبارات مهينة ومصطلحات يمينية متطرفة مثل “Remigration” (إعادة الهجرة)، حسب Zandonella. وتركز نسبة ثمانية بالمئة على الاقتصاد والعمل، وثمانية بالمئة على الرعاية الصحية، وثمانية بالمئة على الأمن الداخلي والخارجي، وسبعة بالمئة على قضية المناخ والاستدامة.
الديمقراطية “لا تفقد الدعم”
لم تتغير نظرة الناس للديمقراطية كثيرًا؛ إذ يرى 89 بالمئة أنها أفضل شكل من أشكال الحكم، بينما تمنى 20 بالمئة في الوقت نفسه وجود “زعيم قوي” (starken Führer). وتظهر هذه الصورة تشابهًا مع نتائج عام 2018. وعلقت Zandonella بالقول إنه في حين أن الوعي الديمقراطي يحتاج إلى تحسين، إلا أن الديمقراطية لا تفقد الدعم.
تعليقات الأحزاب السياسية
حزب الحرية (FPÖ): رأى الأمين العام للحزب Michael Schnedlitz أن نتائج “مُرصد الديمقراطية” تمثل “شهادة مدمرة” و”تصويت حجب ثقة من الشعب” للحكومة. وأشار إلى أن التدهور الدرامي للثقة في النظام السياسي من 64 إلى 35 بالمئة هو نتيجة مباشرة لسياسة تتجاهل مصالح السكان.
الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ): أشار المدير الفدرالي للحزب Klaus Seltenheim إلى أن ارتفاع الأسعار هو القضية الأهم، وأن مكافحة التضخم تحظى بأولوية قصوى بالنسبة للحزب. وأشار إلى “مزيد من الضوابط على إعلانات الأسعار المضللة واتخاذ إجراءات صارمة ضد الاحتيال في الخصومات”، مضيفًا: “يجب أن يكون السكن والطاقة والغذاء متاحين للجميع”.



