أحدثها في غراتس.. سلسلة تفجيرات تستهدف الصرافات الآلية في النمسا رغم الاجراءات الأمنية

شهدت النمسا في الفترة الأخيرة سلسلة من تفجيرات أجهزة الصراف الآلي، حيث يحاول اللصوص الوصول إلى الأموال بطرق عنيفة، رغم التهديدات بعقوبات قاسية. ورغم ذلك، لم تردع هذه العقوبات الجناة عن مواصلة عملياتهم، حيث فجر الخميس، وقع هجوم جديد في مدينة غراتس، حيث دمر اللصوص صرافًا آليًا، لكنهم لم يتمكنوا من سرقة أي أموال، في معظم الحالات، تتجاوز الأضرار الناجمة عن التفجيرات بكثير المبالغ التي يتمكن الجناة من الاستيلاء عليها.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، شهدت الأشهر الأولى من عام 2025 تكرارًا لهذه الجرائم بشكل لافت، حيث وقعت 14 محاولة تفجير لأجهزة الصراف الآلي في مختلف الولايات النمساوية، مثل النمسا السفلى، بورغنلاند، سالزبورغ، النمسا العليا، تيرول، وستيريا، وهذا العدد تجاوز بالفعل إجمالي عدد التفجيرات المماثلة في عام 2024، والذي سجل 13 حالة فقط، وهو نفس العدد المسجل في عام 2023، ووفقًا لإحصائيات المكتب الفيدرالي لمكافحة الجريمة (BK)، فإن عدد تفجيرات الصرافات هذا العام قد يتجاوز المعدلات المسجلة في السنوات الأخيرة، مما يجعل 2025 عامًا استثنائيًا في هذا النوع من الجرائم.

التقلبات في عدد الجرائم على مر السنين

يُظهر تحليل الإحصائيات أن هذه الظاهرة تشهد تقلبات عبر السنوات، ففي عام 2018، تم تسجيل 21 تفجيرًا لصرافات آلية، بينما كان العدد 20 في 2019. ومع بداية جائحة كورونا، انخفضت الأرقام بشكل ملحوظ، قبل أن تعود للارتفاع مجددًا في العامين الماضيين، ووفقًا للشرطة، فإن هذه التقلبات مرتبطة بعدة عوامل، مثل توقيف الجناة، أو تغيير استراتيجياتهم، أو تعديل البنوك لتدابيرها الأمنية لمنع هذه العمليات.

ظاهرة دولية وعصابات منظمة

تعد تفجيرات الصرافات الآلية ظاهرة تمتد إلى ما وراء حدود النمسا، حيث تُسجل بانتظام في دول مثل ألمانيا وهولندا، في عام 2020، تم الإبلاغ عن 414 عملية تفجير في ألمانيا، وهو أعلى رقم تم تسجيله هناك حتى الآن، ويرتبط العديد من منفذي هذه العمليات بشبكة إجرامية في هولندا، خصوصًا في مدن مثل أمستردام، روتردام، وأوتريخت، حيث تنشط مجموعات صغيرة من الجناة في تنفيذ عمليات السطو العنيفة عبر أوروبا.

خلال محاكمة في مدينة لينز يوم الثلاثاء الماضي، ثبت أن أحد المتهمين، وهو هولندي الجنسية، كان جزءًا من هذه العصابات التي تنفذ الجرائم عبر الحدود، وأشار الادعاء العام إلى أن أفراد هذه العصابات لا ينفذون عمليات التفجير في هولندا نفسها، بل يستخدمون بلادهم كقاعدة للتخطيط والتدريب، قبل أن ينفذوا هجماتهم في دول أخرى مثل النمسا وألمانيا، حيث لا تزال الإجراءات الأمنية أقل صرامة من تلك المتبعة في هولندا.

إجراءات أمنية مشددة في البنوك

ردًا على تزايد هذه الهجمات، بدأت البنوك في أوروبا، وخاصة في هولندا، بتنفيذ تدابير أمنية متقدمة، مثل تقنية تلطيخ الأوراق النقدية بالحبر عند حدوث انفجار، مما يجعلها عديمة القيمة، في المقابل، لا تزال مثل هذه التدابير قيد الدراسة في كل من النمسا وألمانيا.

في النمسا، ترفض المؤسسات المصرفية الكشف عن تفاصيل تدابيرها الأمنية لأسباب تتعلق بالسلامة، ومع ذلك، أكدت الغرفة الفيدرالية للتجارة (WKO) أن البنوك عززت إجراءاتها الأمنية بعد أولى الهجمات الأخيرة، وعلى سبيل المثال، أعلنت خدمة البريد النمساوية أنها أزالت الأموال من بعض الصرافات في فروعها، وأبقت الأبواب مفتوحة حتى يرى الجناة أنه لا توجد أموال يمكن سرقتها. من جهتها، أعلنت مجموعة BAWAG المصرفية عن إغلاق أروقة الصرافات بين الساعة العاشرة مساءً والخامسة صباحًا للحد من احتمالات الهجوم الليلي.

خسائر تفوق المكاسب

من الناحية المالية، تشير البيانات إلى أن قيمة الأضرار الناجمة عن التفجيرات غالبًا ما تفوق بكثير المبالغ التي يتمكن اللصوص من الاستيلاء عليها. في قضية اللص الهولندي الذي أدين مؤخرًا في لينز، تمكن الجناة من سرقة أكثر من 100,000 يورو في عمليتين فقط، لكنهم تسببوا في خسائر مادية قُدرت بنحو 500,000 يورو.

تشمل الأضرار عادة تدمير الصراف نفسه، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمباني المحيطة، كما أن استخدام المتفجرات الصلبة بدلًا من الغازات التقليدية زاد من خطورة هذه العمليات، حيث تتسبب الانفجارات العنيفة في انتشار الحطام والشظايا، ما يشكل تهديدًا على حياة السكان والمارة، بل وحتى الجناة أنفسهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى