افتتاح مراكز الاقتراع في فيينا.. سباق محموم لتشكيل الحكومة المحلية
فيينا – INFOGRAT:
افتتحت مراكز الاقتراع في مدينة فيينا صباح اليوم عند الساعة السابعة بالتوقيت المحلي، حيث تُحدَّد اليوم ملامح الحكومة المحلية الجديدة، ويُنتخب مجلس بلدي (Gemeinderat) وبرلمان محلي (Landtag) جديدان، بالإضافة إلى انتخاب ممثلي المناطق (Bezirksvertretungen)، ويحق لـ1.37 مليون شخص الإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، وبما أن فيينا تمثل في الوقت ذاته ولاية اتحادية وبلدية، فإن المجلس البلدي (Gemeinderat) والبرلمان المحلي (Landtag) هما نفس الهيئة في هذه الحالة، وقد ترشحت سبعة أحزاب على مستوى مدينة فيينا بأكملها، وتبقى مراكز الاقتراع مفتوحة حتى الساعة الخامسة مساءً.
ويُتوقع أن تكون المنافسة على المركز الثالث الأكثر إثارة في هذه الانتخابات، بينما لا يبدو أن أحداً سيزاحم الحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي (SPÖ) على الصدارة، ووفقاً للاستطلاعات، من المنتظر أن تشهد هذه الانتخابات تغيرات ملحوظة بالنسبة لحزب الحرية النمساوي (FPÖ) وحزب الشعب النمساوي (ÖVP)، ففي حين تعرض حزب الحرية لانهيار كبير بعد فضيحة “إيبيزا” (Ibiza) عام 2020 ليهبط إلى المركز الخامس، يبدو هذه المرة في وضع جيد لحجز المركز الثاني، أما حزب الشعب، الذي استفاد سابقاً من “تأثير سيباستيان كورتس” (Sebastian-Kurz-Effekt)، فمن المتوقع أن يتعرض لخسائر كبيرة، أما السؤال الحاسم فيبقى حول الجهة التي ستتمكن من تشكيل ائتلاف ثنائي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ).

غياب المنافس الحقيقي أمام SPÖ
يفتقد الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) هذه المرة إلى عنصر التعبئة الحاسمة، إذ لم يعد هناك “عدو خارجي” بعد انهيار مفاوضات تشكيل الائتلاف بين الحزبين الأزرق والأسود (FPÖ وÖVP) على المستوى الاتحادي، وكان الخوف من تولي رئيس حزب الحرية، هربرت كيكل (Herbert Kickl)، لمنصب المستشار الاتحادي، سبباً رئيسياً في تقديم موعد الانتخابات إلى الربيع، وإذا ما بقي مؤيدو الحزب الاشتراكي في منازلهم بسبب الاطمئنان إلى فوز الحزب، فقد تحدث مفاجآت غير متوقعة، ويتطلع المرشح الأبرز، ميخائيل لودفيغ (Michael Ludwig)، إلى بلوغ نسبة 40% من الأصوات مجدداً، علماً بأنه حقق نسبة 41.6% في أول انتخابات خاضها قبل خمس سنوات.
وتُقيّم في هذه الانتخابات أيضاً حصيلة أربع سنوات ونصف من عمل أول ائتلاف أحمر-زهري (rot-pinken Koalition) في فيينا، والذي تطلق عليه الأطراف المشاركة اسم “ائتلاف التقدم” (Fortschrittskoalition)، وعلى الرغم من وجود مؤشرات كثيرة تدعم تجديد هذا الائتلاف، إلا أن تحقيقه لم يُحسم حسابياً بعد.
NEOS بدون شخصية قيادية بارزة
في انتخابات 2020، حقق حزب NEOS نسبة 7.47%، محققاً المركز الرابع، وتبدو مهمة الحزب هذه المرة أكثر صعوبة، خصوصاً بعد مغادرة مرشحه الأبرز، كريستوف فيدركير (Christoph Wiederkehr)، إلى الحكومة الاتحادية كوزير للتعليم، خلال الحملة الانتخابية، وقد تقدمت سيلما أرابوفيتش (Selma Arapovic) كرئيسة للكتلة البرلمانية في المرتبة الثانية على القائمة، وبِتّينا إمرلينغ (Bettina Emmerling) كعضوة مجلس المدينة لشؤون التعليم في المرتبة الثالثة، كلتاهما شاركتا في الحملة الانتخابية وأجرتا مقابلات بوصفهما وجهين بارزين للحزب، رغم أنهما كانتا مجهولتين إلى حد كبير لدى الرأي العام قبل ذلك.
الصراع على مقعد بجانب لودفيغ
تتنافس أحزاب NEOS وحزب الشعب (ÖVP) وحزب الخضر (Die Grünen) للحصول على موقع الشريك الائتلافي مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، ففي انتخابات 2020، حقق حزب الشعب نسبة 20.43%، وهو أحد أفضل نتائجه في فيينا، لكنه حالياً مهدد بفقدان نصف قاعدته الانتخابية. وقد أعاد مرشح الحزب، كارل ماهرر (Karl Mahrer)، تأكيد رغبته في دخول الحكومة المحلية، إلا أنه يواجه اختباراً صعباً، إذ بالإضافة إلى التراجع المنتظر في الأصوات، يلاحقه خطر توجيه اتهامات قضائية ضده في قضية “Wienwert”.
أما حزب الخضر، فقد عرض نفسه مراراً كشريك محتمل في هذا السباق الانتخابي المتواضع الحدة، مع انتقاد ملحوظ لحزب NEOS، وبعد خمس سنوات في مقاعد المعارضة، يسعى الخضر بقيادة مرشحتهم الرئيسية، يوديت بويرينغر (Judith Pühringer)، إلى العودة إلى السلطة ضمن ائتلاف أحمر-أخضر، مع هدف واضح يتمثل في الوصول إلى منصب نائبة رئيس البلدية والحصول على المركز الثالث.
FPÖ يتجه نحو مضاعفة نتائجه ثلاث مرات
يُرجّح أن يحافظ حزب الحرية (FPÖ) على المركز الثاني، وفقاً للاستطلاعات التي تتوقع له تقريباً ثلاثة أضعاف نتائجه في الانتخابات الماضية، حيث حصل عام 2020 على 7.11% فقط، ليكون أضعف حزب ممثل في بلدية فيينا آنذاك. وكان المرشح آنذاك هو نفسه المرشح الحالي، دومينيك نييب (Dominik Nepp). إلا أن مشاركة حزب الحرية في الحكومة المحلية تبدو مستبعدة جداً، إذ سبق لميخائيل لودفيغ أن استبعد تشكيل ائتلاف أحمر-أزرق بشكل قاطع. من الجدير بالذكر أيضاً أن تحقيقات ما زالت جارية بحق نييب على خلفية فضيحة النفقات داخل الحزب.
ويشعر حزب الحرية بالاستياء من عودة زعيمه السابق، هاينز كريستيان شتراخه (Heinz Christian Strache)، عبر قائمة “Team HC Strache”، كمرشح ثالث تطاله التحقيقات القضائية. كما يحاول تحالف الحزب الشيوعي (KPÖ) وحركة “Links” دخول المجلس البلدي، وهو ما يتطلب الحصول على نسبة 5% على الأقل من الأصوات.

مواضيع الحملة الانتخابية: من الجرائم الشبابية إلى دعم اللغة الألمانية
ركزت الحملة الانتخابية الهادئة نسبياً على مواضيع الأمن، مع تصاعد الحديث عن ارتفاع معدلات الجريمة بين الشباب، ومطالبات متكررة بزيادة عدد أفراد الشرطة، لا سيما من قبل الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ). أما حزب الشعب (ÖVP)، فقد قدّم نفسه كـ”حزب الأمن”، متنافساً بذلك مباشرة مع حزب الحرية (FPÖ). بينما سعى الخضر إلى كسب التأييد عبر ملفات المناخ والإسكان، وركز حزب NEOS بشكل خاص على قضايا التعليم.
وسيطرت على النقاشات الانتخابية أيضاً مسألة ضعف إتقان اللغة الألمانية في رياض الأطفال والمدارس، إضافة إلى قضايا متعلقة بالحد الأدنى للمعيشة (Mindestsicherung)، وكذلك العجز المالي في ميزانية المدينة الذي كان مادة دسمة للمعارضة.
تصويت بطريقتين وإقبال متفاوت على بطاقات الاقتراع عبر البريد
يجدر بالناخبين تعبئة بطاقتين انتخابيتين: البطاقة البيضاء لمجلس المدينة (Gemeinderat) والبطاقة الصفراء للانتخابات المناطقية (Bezirksvertretung). ويُسمح بالمشاركة في الانتخابات البلدية فقط لمواطني النمسا ممن تجاوزوا سن 16 عاماً، بينما يحق لمواطني الاتحاد الأوروبي التصويت في انتخابات المناطق ابتداءً من سن 16 أيضاً.
وفيما يتعلق بالتصويت عبر البريد، فإن الغالبية العظمى من بطاقات الاقتراع سيتم فرزها مساء اليوم، على غرار ما جرى في الانتخابات البرلمانية الوطنية الأخيرة. وقد سُجل انخفاض في عدد بطاقات الاقتراع عبر البريد مقارنة بانتخابات 2020، حيث تم تقديم 284,956 طلباً فقط هذا العام.
المشاركة المتوقعة وأهمية المناطق
بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الماضية 65.3% وسط ظروف جائحة كورونا، ومن المتوقع تسجيل زيادة طفيفة هذا العام. يبلغ عدد الناخبين المؤهلين للمجلس البلدي 1,109,936 ناخباً، فيما يبلغ عدد الناخبين المؤهلين لانتخابات المناطق 1,374,712 ناخباً.
وفيما يخص السيطرة الحزبية على المناطق، فإن الحزب الاشتراكي الديمقراطي يهيمن حالياً على 17 من أصل 23 منطقة، بينما تسيطر حزب الشعب على ثلاث مناطق وهي: المدينة الداخلية (Innere Stadt)، هيتزينغ (Hietzing)، ودوبلينغ (Döbling). أما الخضر، فيرأسون مناطق نويباو (Neubau)، ووفيرينغ (Währing)، ويوزفشتات (Josefstadt). وقد تشهد بعض المناطق تغييرات في قيادتها، خاصة مع تطلعات حزب الحرية (FPÖ) لاستعادة منطقة سيميرينغ (Simmering).



