الاتحاد الأوروبي يطلق إجراء عجز ضد النمسا بسبب تجاوز السقف المالي
فيينا – INFOGRAT:
يتجه وزراء المالية في الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء إلى اتخاذ قرار بفتح إجراء عجز ضد النمسا، بعد أن تجاوز عجز ميزانيتها الحدود المسموح بها من قبل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ 4,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، مع توقعات باستمراره فوق العتبة المحددة عند 3٪ خلال السنوات القادمة، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
خلفية القرار والإجراءات المرتقبة
أوصت المفوضية الأوروبية في يونيو الماضي بفتح إجراء عجز (EU-Defizitverfahren) ضد النمسا، نظرًا لتجاوزها السقف المحدد لعجز الميزانية. ومن المنتظر أن يصوّت مجلس وزراء الاقتصاد والمالية في الاتحاد الأوروبي (Ecofin) في بروكسل على هذا المقترح، الذي يتطلب موافقة “أغلبية مؤهلة” – أي دعم ما لا يقل عن 55٪ من الدول الأعضاء التي تمثل على الأقل 65٪ من سكان الاتحاد. ولا يحق للدولة المعنية بالقرار – في هذه الحالة النمسا – التصويت.
الوضع المالي للنمسا
بلغ العجز المالي للنمسا عام 2024 نسبة 4,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يتراجع إلى 4,5٪ في عام 2025 و4,2٪ في 2026. أما نسبة الدين العام، فستصل بحسب وزارة المالية إلى 84,7٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهي أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 60٪ المنصوص عليه في معاهدات الاتحاد.
موقف الحكومة النمساوية
قال وزير المالية النمساوي ماركوس مارترباور (SPÖ) إن الأمور تسير “وفق الخطة”، مشيرًا إلى أن الجزء الأكبر من إجراءات التقشف دخل حيز التنفيذ فقط منذ 1 يوليو، وبالتالي فإن النصف الثاني من العام سيكون حاسمًا في تقييم مدى الالتزام بالأهداف. وأكد الوزير أنه لا يتوقع “أي ضرر لصورة النمسا” ولا “مشاكل في الأسواق المالية”.
كذلك شدد على أن خطة الهيكل المالي التي قدمتها النمسا للاتحاد الأوروبي قد حظيت بالموافقة، وهي تُعد جزءًا من الإصلاحات المرتبطة بحزمة النمو والاستقرار الجديدة التي بدأت العام الماضي.
من جهته، قال المستشار النمساوي كريستيان شتوكر (ÖVP) إن الحكومة كانت تفضل تجنب الإجراء، “لكن الأرقام لم تسمح بذلك”، مؤكدًا أن العملية ستدار “بشكل مهني”.
أما وزيرة الخارجية بياته ماينل-رايسينغر (NEOS)، فرأت أن خطة الميزانية المقدمة “طموحة”، وكانت تفضل تجنب الدخول في الإجراء، لكنها أضافت: “نحن الآن في طريقنا إلى المعالجة”.
مهلة لتقديم الإجراءات التصحيحية
بموجب الإجراء، ستمنح المفوضية الأوروبية النمسا مهلة حتى 15 أكتوبر 2025 لتقديم خطة مفصلة لتقليص العجز تدريجيًا على مدى أربع سنوات، مع إمكانية تمديد المدة إلى سبع سنوات في حال توافر خطط إصلاح واستثمار واضحة. النمسا هي من تقترح الإجراءات التي تراها مناسبة، فيما تتابع المفوضية التنفيذ بشكل نصف سنوي.
بحسب التوصيات، يجب أن ترفع النمسا تقارير عن التقدم في الربيع ضمن تقريرها السنوي، وفي الخريف ضمن مسودة ميزانيتها السنوية، إلى أن تتم معالجة العجز المفرط. وتطمح الحكومة للخروج من هذا الإجراء بحلول عام 2028.
مقارنة أوروبية
النمسا ليست الدولة الوحيدة المتأثرة، فهناك حاليًا إجراءات عجز جارية ضد دول عدة، أبرزها فرنسا وإيطاليا، ثاني وثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي. وتشمل القائمة أيضًا بلجيكا، المجر، مالطا، بولندا، وسلوفاكيا. ومن المرجح أن تتلقى رومانيا تحذيرًا رسميًا دون بدء إجراء فعلي.
يُشار إلى أن هذه هي المرة الثانية التي تخضع فيها النمسا لهذا النوع من الإجراءات، حيث سبق أن فُتح إجراء مماثل عقب أزمة المال العالمية عام 2008. ووصل عدد الإجراءات في الاتحاد الأوروبي إلى ذروته عام 2011، عندما كانت 24 من أصل 28 دولة تخضع لإجراءات عجز.
العقوبات المحتملة
رغم أن القواعد الأوروبية تنص على إمكانية فرض غرامات مالية تصل إلى مليارات اليوروهات على الدول التي لا تلتزم بخفض عجزها، إلا أن مثل هذه العقوبات لم تُطبّق فعليًا حتى الآن.
جدل داخلي
هاجم حزب الحرية النمساوي FPÖ الحكومة، واصفًا القرار بأنه “خضوع صريح لسلطة بروكسل”، واتهمها بنكث أحد أهم وعودها الانتخابية. من جانبه، رد ممثل المفوضية الأوروبية في النمسا باتريك لوبيس بأن الدولة المعنية هي من تقرر خطواتها، ولا تخضع لوصاية من الاتحاد.
في السياق نفسه، دعا كل من رئيس معهد الدراسات الاقتصادية غابرييل فيلبيرماير، ورئيس معهد البحوث العليا هولغر بونين إلى اعتماد الإجراء الأوروبي بدلًا من سياسة تقشف قاسية، نظرًا لما يوفره من مرونة في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الجيوسياسية.



