الاحتباس الحراري يحوّل “رئة النمسا” إلى ملوّث للغلاف الجوي بسبب اطلاق 5.4 مليون طن من الكربون

كشف التقرير التقييمي الثاني بشأن تغير المناخ Zweiter Österreichischer Sachstandsbericht zum Klimawandel (AAR2)، والذي أعده علماء وخبراء مختصون منذ عام 2022، أن الغابات في النمسا، التي كانت تمثل على مدار عقود رئة طبيعية لامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، قد تحولت الآن إلى مصدر رئيسي لانبعاث هذا الغاز الضار، نتيجة تداعيات الاحتباس الحراري العالمي وتسارع وتيرة التغير المناخي.

وأوضح التقرير أن التحولات المناخية السلبية، المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة، وانتشار الجفاف، وزيادة الآفات الضارة التي تهاجم الأشجار، أدت إلى تدهور قدرة الغابات النمساوية على أداء وظيفتها البيئية الحيوية، ما نتج عنه إطلاق كميات من ثاني أكسيد الكربون تفوق ما يتم امتصاصه، وهو ما يُعد مؤشراً خطيراً على تحوّل التوازن المناخي في البلاد في الاتجاه الخاطئ.

انبعاثات الكربون من الغابات تجاوزت قدرتها على الامتصاص

ووفقاً للتقرير، فإن عام 2023 شهد تسرب حوالي 5.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي من الغابات النمساوية، بينما كانت هذه الغابات في عام 2000 قد احتجزت نحو 18.6 مليون طن من الغاز ذاته، وأسهمت آنذاك بشكل ملموس في الحد من الانبعاثات الكربونية.

وكالة البيئة: الغابات ضحية أزمة المناخ

من جهتها، أكدت وكالة البيئة النمساوية Umweltbundesamt أن الأسباب الرئيسية لهذا التحول الخطير تعود إلى الآثار المتفاقمة لأزمة المناخ، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع تحلل وتنفس المواد العضوية في التربة، ما يزيد من انبعاث الكربون، فيما يتسبب الجفاف المصاحب لهذه الحرارة المرتفعة في إبطاء نمو الأشجار، وبالتالي تراجع قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الجو.

تحذيرات من تأثيرات تتجاوز حدود النمسا

وأشار Peter Weiss، الخبير في شؤون المناخ، إلى أن هذا التحول في دور الغابات لا يقتصر على النمسا وحدها، بل يمتد إلى دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، حيث تم تسجيل انخفاض كبير في مخزون الغابات من ثاني أكسيد الكربون في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لتأثيرات مشابهة.

وأضاف فايس أن هذا الاتجاه السلبي بات واضحاً في النمسا منذ عدة سنوات، حيث سجّلت الغابات في عامي 2018 و2019 انبعاثات أعلى مما امتصته من الكربون، بينما بلغ عام 2023 ذروة هذه الظاهرة، محققاً أعلى مستويات انبعاث كربوني على الإطلاق من الغابات النمساوية.

ويأتي هذا التحول البيئي الخطير في وقت تواجه فيه الدول الأوروبية ضغوطاً متزايدة لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات، ما يسلّط الضوء على ضرورة مراجعة السياسات المناخية وإعادة النظر في سبل حماية الغابات، ليس فقط كمساحات خضراء، بل كخط دفاع حيوي في مواجهة أزمة المناخ العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى