التجارة في النمسا تسجل عامًا صعبًا للعام الثالث على التوالي وسط تراجع الاستهلاك وارتفاع الإفلاس

شهد قطاع التجارة عامًا صعبًا للمرة الثالثة على التوالي، حيث تراجع حجم المبيعات في عام 2024 بنسبة 1.6% بعد احتساب تأثير التضخم. وأعلن رئيس اتحاد التجارة راينر تريفليك عن ذلك خلال مؤتمر صحفي يوم الجمعة. وكان التراجع ملحوظًا بشكل خاص في تجارة الأثاث والمجلات والمجوهرات. ومع ذلك، أعرب القطاع عن تفاؤل حذر للعام الحالي.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، عانى قطاع التجارة من انخفاض المبيعات بنسبة 1.0% في عام 2023، وبعد تراجع بنسبة 3.6% في 2022، ليكون عام 2024 هو العام الثالث على التوالي من التراجع. وبلغ إجمالي صافي المبيعات في العام الماضي 307.4 مليار يورو. وكان أداء تجارة التجزئة وقطاع السيارات أفضل بشكل ملحوظ مقارنة بتجارة الجملة. وقال تريفليك: “ما زلنا في أزمة، ولا يمكن إنكار ذلك”.

أحد التحديات الرئيسية التي تواجه القطاع هو انخفاض الربحية، حيث انخفض عدد العاملين في ظل ارتفاع حالات الإفلاس. ففي عام 2024، زادت حالات الإفلاس بنسبة 18%، ما أدى إلى انهيار 1,085 شركة. ومع ذلك، شهد الربع الرابع من العام انتعاشًا طفيفًا، وهو ما يطمح القطاع إلى الاستفادة منه. وأضاف تريفليك: “التجارة تتأثر بشكل كبير بحالة المزاج العام”.

تراجع تجارة الجملة بنسبة 3.4%

أظهرت بيانات الأرباح اختلافات كبيرة بين القطاعات المختلفة داخل التجارة. فقد شهدت تجارة الجملة تراجعًا حقيقيًا بنسبة 3.4%، بينما سجلت تجارة التجزئة وقطاع السيارات ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 0.5% و0.6% على التوالي بعد احتساب التضخم، وفقًا لما أوضحه بيتر فويتهوفر، الباحث الاقتصادي في معهد الاقتصاد النمساوي (IFÖW).

وبالرغم من تحقيق تجارة المواد الغذائية والسلع غير الغذائية نموًا طفيفًا على مدار العام، إلا أن النمسا لا تزال متأخرة مقارنة بباقي دول الاتحاد الأوروبي، حيث تحتل المرتبة 20 من بين 27 دولة من حيث أداء تجارة التجزئة.

تفاوت في أداء القطاعات

شهدت بعض قطاعات تجارة التجزئة نموًا إيجابيًا، مثل:

  • الإلكترونيات: +2.4%
  • التجارة الإلكترونية: +2.4%
  • الملابس: +2.1%
  • مواد البناء وأدوات الصيانة المنزلية: +1.9%
  • المواد الغذائية: +1.7%
  • الزهور: +0.9%

في المقابل، سجلت قطاعات أخرى خسائر ملحوظة، أبرزها:

  • تجارة الكتب والمجلات: -11.5%
  • تجارة الأثاث: -9.5%
  • تجارة المجوهرات: -5.3%

كما سجلت قطاعات الأحذية والمستلزمات الرياضية والألعاب والصيدليات انخفاضًا في المبيعات الحقيقية.

ارتفاع الأسعار والتأثير على سوق العمل

حقق قطاع المواد الغذائية أكبر زيادة في المبيعات بعد احتساب التضخم، يليه قطاع الصيدليات. ومع ذلك، شهدت بعض المنتجات ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، حيث ارتفعت أسعار الكتب والمجلات والمجوهرات، ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع أسعار الذهب. في المقابل، انخفضت الأسعار في قطاعي الملابس والمستلزمات الرياضية.

أما سوق العمل، فقد عكس التطورات الاقتصادية في القطاع، حيث انخفض عدد العاملين في معظم المجالات، باستثناء قطاع الصيدليات، الذي شهد زيادة في عدد الوظائف. وسجل قطاعا الأحذية والأثاث أكبر نسبة لتسريح العمال. وبشكل عام، بقي قطاع التجارة في حالة ركود، رغم توفر السيولة لدى المستهلكين، إلا أن الرغبة في الشراء ظلت منخفضة، مما زاد من هيمنة التجارة الإلكترونية التي لا تساهم بشكل كبير في الاقتصاد النمساوي.

الدعوة إلى “عام من التحرك” في 2025

دعا تريفليك الحكومة إلى اتخاذ إجراءات واضحة لدعم قطاع التجارة، مشددًا على الحاجة إلى إرسال رسالة مفادها: “نحن نتحرك ونعمل”. وقدم القطاع حزمة مطالب، تضمنت:

  • تعديل نظام ضريبة الدخل لتحفيز العمل بدوام كامل.
  • تخفيف قيود التقاعد، بما في ذلك تسهيلات للمتقاعدين الذين يرغبون في مواصلة العمل.
  • إدراج قطاع التجارة ضمن نظام العمل الموسمي لدعم توظيف العمالة المؤقتة.

وأكد: “نحن بحاجة إلى 2025 ليكون عامًا مليئًا بالتحرك”.

تحديات العقود الجماعية والتضخم

في مفاوضات العقود الجماعية خلال خريف 2024، اتفقت النقابات وأرباب العمل على عقد لمدة عامين، لكن هذا الاتفاق قد يصبح غير صالح بسبب ارتفاع التضخم. فإذا بلغت نسبة التضخم المتحرك 3%، سيتم إعادة التفاوض على العقود، بينما في حال انخفضت النسبة إلى 2.9%، فلن تكون هناك زيادة في الرواتب لعام 2026، إلا إذا انخفض التضخم إلى أقل من ذلك.

مطالبات بوقف الارتفاع في تكاليف المعيشة

أعرب تريفليك عن تفاؤله بإمكانية تراجع التضخم، مشيرًا إلى أن حسابات العقود الجماعية تستند إلى الفترة من أكتوبر 2024 إلى سبتمبر 2025، وأن التضخم في نهاية عام 2024 كان أقل مما هو عليه حاليًا.

وأكد على الحاجة الملحة إلى التدخل في تسعير الطاقة والإيجارات، قائلاً: “يجب وقف هذا التصاعد في التكاليف”. كما أبدى انتقاده لـ “البلاك فرايداي”، الذي أصبح يمتد إلى “أسبوع كامل من التخفيضات”، مؤكدًا أن هذا يؤدي إلى هامش ربح ضئيل ويؤثر سلبًا على مبيعات موسم أعياد الميلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى