الذكور وذوو الخلفيات المهاجرة يعانون من تدني الأداء التعليمي في فورارلبرغ

كشفت ولاية فورارلبرغ (Vorarlberg)، الولاية الوحيدة في النمسا التي تطبّق نظام مراقبة تعليمية خاص بها، عن نتائج مقلقة تتعلّق بمستوى التعليم لدى الطلاب، لا سيما في مادة اللغة الألمانية (Deutsch)، والتي وصفت بأنها “الطفل المُشكلة” في النظام التعليمي المحلي، وقد تم تقديم نتائج هذا الرصد التعليمي خلال زيارة وزير التعليم كريستوف فيدركير (Christoph Wiederkehr) من حزب NEOS إلى مدينة Bregenz، حيث تم عرض بيانات مفصّلة من جميع المراحل الدراسية استنادًا إلى اختبارات معيارية وتحليلات أداء دقيقة.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أظهرت النتائج وجود تفاوتات واضحة بين الذكور والإناث في المؤشرات التعليمية، حيث جاء أداء الذكور من خلفيات مهاجرة في العديد من الجوانب أضعف بكثير مقارنة بالإناث. واعتبرت باربرا شوبي-فينك (Barbara Schöbi-Fink)، المسؤولة عن التعليم في حكومة الولاية والمنتمية لحزب ÖVP، أن هذا التفاوت أحد المجالات التي تستوجب تدخلًا فوريًا بناءً على أول تقرير مراقبة تعليمية إقليمي.

وقد أكد الوزير فيدركير على اهتمامه بهذه القضايا على المستوى الوطني والدولي، مشيرًا إلى أن الحكومة تعمل على إدخال شهادة “Mittlere Reife” إلى النظام التعليمي، بالإضافة إلى تعزيز دعم تعلم اللغة الألمانية في المراحل المبكرة.

أرقام مقلقة في التعليم الأولي واحتياجات دعم خاص

بحسب التقرير، فإن عدد الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة في فورارلبرغ يبلغ سنويًا حوالي 700 طفل، وهو من أعلى الأرقام مقارنة بباقي الولايات، ويشكّل الذكور نسبة 62% منهم، فيما 65% لا يتحدثون الألمانية كلغة أم. كما أن 63% من التلاميذ ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة هم من الذكور، وهي نسبة مرتفعة تعكس هشاشة الوضع التعليمي لهذه الفئة.

عند الانتقال إلى المرحلة الثانوية، فإن حوالي 3,800 طالب (أي 88% من الطلاب) يتابعون تعليمهم بعد الصف الثامن، إلا أن الطلاب الذين يتعلمون الألمانية كلغة ثانية يتجهون بنسبة كبيرة إلى المدارس متعددة التخصصات المهنية (Berufsbildende Mittlere Schule) بنسبة 41%، والمدارس الفنية التحضيرية (Polytechnische Schule) بنسبة 34%، والمدارس المهنية (Berufsschule) بنسبة 38%، مع ملاحظة أن نسبة الذكور في هذه المدارس تتجاوز 60%.

ضعف “فاقع” في امتحانات الشهادة الثانوية

من أبرز ما أثار القلق أيضًا هو الأداء الضعيف للطلاب في امتحانات Matura (الشهادة الثانوية): ففي عام 2023، سجّلت فورارلبرغ أعلى نسبة من الدرجات الفاشلة “خمسات” في اللغة الألمانية على مستوى النمسا، كما كانت الولاية في أدنى المراتب في مادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية. واعتبر مدير المشروع، أندرياس كاباورر (Andreas Kappaurer)، هذا الضعف “فاقعًا” ودعا إلى تدخل عاجل.

وأشارت شوبي-فينك إلى أن هذا الأداء الضعيف يؤكد استمرار تأثير نقص الكفاءة في اللغة الألمانية من مرحلة التعليم الابتدائي حتى الشهادة الثانوية، ما يبرز الحاجة إلى تعزيز التعليم في المراحل الأولى. من جهته، شدد الوزير فيدركير على أن “الألمانية هي تذكرة الدخول إلى المجتمع”، مبررًا بذلك التركيز على دعم تعلم اللغة الألمانية منذ سن مبكرة.

ارتفاع في عدد التسرّب المدرسي

رصد التقرير أيضًا زيادة مقلقة في عدد المتسربين من التعليم الإجباري، حيث بلغ عددهم في عام 2022 نحو 355 طالبًا، بزيادة قدرها 55% مقارنة بعام 2015. ومن بين هؤلاء، كان 57% من خلفيات مهاجرة و62% من الذكور. وقد حذّر كاباورر من هذا التطوّر، داعيًا إلى “متابعة دقيقة” للحالات. الوزير فيدركير أشار إلى أن هذه الظاهرة موجودة في عموم النمسا، وتُشكل تهديدًا لكل من الاقتصاد والديمقراطية. وأكد أنه “كل طالب أو طالبة يتسربون هو عدد كبير جدًا”، مطالبًا بزيادة الفرص لاستكمال التعليم الإجباري، ومعلنًا عن التحضير لإدخال شهادة “Mittlere Reife” التي تضمن الحد الأدنى من الكفاءات في اللغة الألمانية، الرياضيات والإنجليزية.

قلق اقتصادي من ارتفاع فسخ عقود التدريب المهني

أشار تقرير فورارلبرغ إلى أن عدد عقود التدريب المهني (Lehrverträge) التي يتم فسخها سنويًا يبلغ حوالي 1,000 عقد، 30% منها بمبادرة من المتدربين أنفسهم. وقد اعتبرت كل من غرفة الاقتصاد (Wirtschaftskammer) وحكومة الولاية هذه الأرقام مرتفعة جدًا. وصرّح رئيس غرفة الاقتصاد، كارلهينتس كوبف (Karlheinz Kopf)، بأن التعليم يشكّل عاملًا حاسمًا لازدهار الاقتصاد. وأضاف أن هذه هي المرة الأولى التي يتوفر فيها تقييم موضوعي لما كانت المؤسسات التدريبية تنقله بشكل انطباعي، وهو أن العديد من المتدربين يعانون من نقص في الكفاءات التعليمية والاجتماعية. وقال: “المطلوب هو توجيه النظام التعليمي نحو الأفضل”.

فورارلبرغ تتقدّم برؤية تعليمية مستندة إلى البيانات

لم تكتفِ فورارلبرغ بالتقارير التعليمية الوطنية، بل أطلقت مبادرة رصد تعليمي خاص على مستوى الولاية بمبادرة من غرفة الاقتصاد. وتهدف هذه المبادرة إلى قياس فعالية السياسات التعليمية باستخدام بيانات حقيقية، لضمان اتخاذ قرارات مبنية على الواقع لا النوايا فقط، بحسب شوبي-فينك. ويشمل المشروع مسار التعليم من المرحلة المبكرة وحتى الشهادة الثانوية والتدريب المهني، مع تحديث البيانات بشكل دوري. وقد رحّب الوزير فيدركير بهذا التوجه ووصفه بـ”العمل الريادي”، مشيدًا في الوقت ذاته بالتوسّع في رعاية الأطفال. واختتم بقوله: “البيانات، البيانات، البيانات… هي الأساس لتطوير التعليم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى