النمسا تدعو لخفض التصعيد بعد ضربات أمريكية على منشآت نووية إيرانية

شاركت النمسا مخاوفها إزاء تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد ضربات جوية أمريكية استهدفت منشآت نووية إيرانية، محذّرة من مخاطر التصعيد وداعية إلى خفض التصعيد، حمايةً للمدنيين، وتأكيداً على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي للأزمة المتفاقمة في الشرق الأوسط.

أعربت الحكومة النمساوية عن “قلق بالغ” إزاء التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط، وذلك عقب الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة ليل السبت/الأحد على منشآت نووية إيرانية في نطنز (Natanz) وفوردو (Fordo) وأصفهان (Isfahan). وقال وزير الزراعة النمساوي نوربرت توتشنغ (Norbert Totschnig) خلال مقابلة مع برنامج “Pressestunde” على قناة “ORF” إن الموقف “مقلق للغاية”، مضيفاً: “يجب الآن الإسهام في خفض التصعيد.” وأشار إلى أهمية التفكير في سلامة المدنيين في الدول المتضررة، موضحاً أن الحكومة تتابع عن كثب أوضاع المواطنين النمساويين، لا سيما في ظل فرض حظر جوي فوق إيران وإسرائيل، حيث يعمل حالياً وزارة الخارجية النمساوية على إيجاد مخرج آمن لهم.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، شكلت الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة لأول مرة بشكل مباشر على منشآت نووية إيرانية نقطة تحول في النزاع المتصاعد بين إيران وإسرائيل. الهجمات التي وقعت فجر الأحد استهدفت ثلاث منشآت رئيسية في نطنز وفوردو وأصفهان باستخدام قنابل وصواريخ مجنحة، ووفقاً لتصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فقد “تم تدمير هذه المنشآت بالكامل”.

ورغم ذلك، لم تُرصد مستويات إشعاع مرتفعة في محيط المواقع المستهدفة، حسبما أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وهو ما أكده كذلك الجانب الإيراني، غير أن مدى الدمار الفعلي لا يزال غير معروف حتى الآن.

تحذيرات أوروبية ودولية من التصعيد

أثار هذا التصعيد العسكري قلقاً دولياً واسعاً، حيث حذّرت عدة أطراف من مخاطر اتساع رقعة النزاع. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس (Kaja Kallas) عبر منصة “X”: “أدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والعودة إلى طاولة المفاوضات وتجنب المزيد من التصعيد”. وأضافت أن إيران “يجب ألا تمتلك أسلحة نووية”.

كما شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين (Ursula von der Leyen) على أن “الحل الوحيد هو عبر التفاوض”، مؤكدة أن “إيران يجب ألا تمتلك القنبلة النووية”، ودعت إلى إعطاء الأولوية للاستقرار واحترام القانون الدولي.

ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأوضاع في الشرق الأوسط يوم الإثنين.

الأمم المتحدة تدعو للدبلوماسية وتحذّر من “فوضى”

بدوره، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه العميق” إزاء الضربات الأمريكية، قائلاً إن الوضع الحالي “خطير للغاية” وأنه “من الضروري في هذه الساعة الحرجة تجنّب دوامة الفوضى”، مشدداً على عدم وجود حل عسكري، وأن “السلام هو الأمل الوحيد”. ودعا الدول الأعضاء إلى الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والعودة إلى المسار الدبلوماسي.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدعو لاجتماع طارئ في فيينا

في ضوء هذه التطورات، دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي (Rafael Grossi) إلى اجتماع طارئ لمجلس المحافظين يُعقد يوم الإثنين في مقر الوكالة في فيينا. وقال غروسي على منصة “X” إن “الوكالة تتابع الوضع في إيران عن كثب”، خصوصاً بعد تعرض منشآت نووية لهجمات متتالية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.

بريطانيا وفرنسا: إيران يجب أن تتفاوض

طالب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (Keir Starmer) إيران بالدخول في مفاوضات، مؤكداً أن برنامج إيران النووي يشكل “تهديداً خطيراً للأمن الدولي”، مضيفاً: “لا ينبغي السماح لإيران أبداً بتطوير سلاح نووي، وقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات لتقليل هذا التهديد”. وشدد على أن “الاستقرار الإقليمي يظل أولوية قصوى”، مؤكداً على ضرورة التفاوض من قبل طهران.

من جهته، صرح وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو (Jean-Noel Barrot) بأن باريس ترى أن الحل الدائم للخلاف النووي لا يمكن أن يتم إلا عبر التفاوض في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مؤكداً أن فرنسا مستعدة للعمل مع شركائها لتحقيق ذلك، وأضاف أن بلاده لم تشارك في الهجمات الأمريكية أو في التخطيط لها.

مواقف إقليمية: دعوات للتهدئة وتحذيرات من الانزلاق إلى حرب

أعربت المملكة العربية السعودية عن قلقها من تطورات الأوضاع، وقالت في بيان صادر عن وزارة الخارجية إن “المجتمع الدولي مطالب بمضاعفة جهوده السياسية في هذه الظروف شديدة الحساسية للتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة ويعيد الأمن والاستقرار إلى المنطقة”.

من جانبها، وصفت الحكومة العراقية الضربات الأمريكية بأنها “تهديد خطير للسلام والأمن في الشرق الأوسط”، وأكدت في بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن “الإجراءات العسكرية لا يمكن أن تحل محل الحوار أو الجهود الدبلوماسية”، محذرة من أن استمرار الهجمات قد يؤدي إلى “تصعيد غير قابل للسيطرة”، وأن “الحروب لا تجلب سوى الدمار”. كما عبّرت كل من سلطنة عُمان ومصر والبحرين عن مخاوفها.

لبنان: لن ننجر إلى الحرب

وفي ظل هذه التوترات، أكد رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام عبر منصة “X” أن بلاده لا يجب أن تنجر إلى الصراع الإقليمي المتصاعد، داعياً إلى حماية المصلحة الوطنية ومنع زجّ لبنان في أية مواجهة عسكرية.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يتواصل فيه التوتر بين إسرائيل و”حزب الله” المدعوم من إيران، رغم إعلان هدنة سارية منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسط تبادل اتهامات بانتهاكها، حيث تواصل القوات الجوية الإسرائيلية شن ضربات يومية تقريباً على أهداف في جنوب لبنان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى