النمسا تسجل أدنى تصنيف تاريخي لها وتحتل المرتبة 25 عالميًا في مؤشر الفساد لعام 2024

سجلت النمسا أسوأ نتيجة لها على الإطلاق في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024 الصادر عن منظمة Transparency International، حيث حصلت على 67 نقطة من أصل 100، مما أدى إلى تراجعها إلى المرتبة 25 عالميًا. وأثار هذا التراجع قلق الخبراء، في حين احتفظت الدنمارك بلقب الدولة الأقل فسادًا عالميًا للمرة السابعة على التوالي.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، كانت النمسا قد احتلت المركز 20 في عام 2023، بينما جاءت في المرتبة 15 عام 2018، ما يعكس تراجعًا مستمرًا في التصنيف. ووصفت رئيسة Transparency International Austria، بيتينـا كنوتسل، هذا الاتجاه السلبي بأنه “مخزٍ”. وأرجعت المنظمة هذا التراجع إلى الفضائح السياسية المتكررة المرتبطة بالمحسوبية واستغلال النفوذ، بالإضافة إلى محاولات التأثير السياسي على وسائل الإعلام المستقلة.

وأشارت التقارير إلى أن غياب سلطة توجيه مستقلة للنيابة العامة، لا سيما النيابة العامة المختصة في الجرائم الاقتصادية والفساد (WKStA)، كان أحد العوامل الرئيسية في تراجع تصنيف النمسا، مما يسلط الضوء على أوجه القصور في مكافحة الفساد والرقابة الديمقراطية. كما أُشير إلى أن النمسا تُعد الأضعف أوروبيًا في تنفيذ قانون حرية المعلومات.

ويستند المؤشر، الذي يصدر منذ منتصف التسعينيات، إلى تقييمات خبراء ورجال أعمال لمدركات الفساد في القطاع العام في 180 دولة وإقليمًا، باستخدام بيانات من 12 مؤسسة دولية، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي. ويشمل الفساد المقاس فيه الرشوة، وإساءة استخدام الأموال العامة، والمحسوبية في الخدمة العامة، بالإضافة إلى تحليل آليات مكافحة الفساد واستقلالية القضاء وشفافية المسؤولين الحكوميين.

ودعت كنوتسل إلى تغيير جذري في التعامل مع الفساد، مؤكدة أن سمعة النمسا تتضرر بشدة بسبب الفضائح السياسية، وشددت على أن الشفافية هي المفتاح لمنع إساءة استخدام السلطة وتعزيز الثقة في نزاهة صانعي القرار. كما أشارت إلى أن قانون حرية المعلومات، الذي تم إقراره في أوائل 2024، يمثل فرصة حقيقية لتعزيز الشفافية، لكنه لم يُؤخذ في الاعتبار في تصنيف هذا العام، نظرًا لدخوله حيز التنفيذ في سبتمبر المقبل.

وفي ظل عدم الاستقرار السياسي، أكدت Transparency Austria على ضرورة أن تعمل الحكومة المقبلة على تعزيز استقلالية النيابة العامة، وإبعادها عن وزارة العدل، بالإضافة إلى تعزيز استقلالية الإعلام وحماية المبلغين عن الفساد.

من جانبه، وصف خبير الفساد مارتن كرويتنر نتائج المؤشر بأنها “مقلقة للغاية”، مشيرًا إلى أن المسؤولين السياسيين لا يأخذون المشكلة بالجدية الكافية، رغم ازدياد وعي المواطنين ورفضهم للفساد. وأضاف أن النمسا أهدرت فرصًا عديدة في الماضي، خاصة فيما يتعلق بإنشاء نيابة عامة اتحادية مستقلة، معتبرًا أن استمرار تبعية النيابة العامة لوزير العدل يفتح المجال للتأثير السياسي.

وفي الترتيب العالمي، حافظت الدنمارك على الصدارة بـ 90 نقطة، تليها فنلندا (88) وسنغافورة (84) ونيوزيلندا (83)، بينما احتلت لوكسمبورغ والنرويج وسويسرا المرتبة السادسة بـ 81 نقطة لكل منها. واعتبرت Transparency International أن هذه الدول تحقق نجاحًا مستدامًا بفضل استراتيجياتها الحازمة في مكافحة الفساد.

أما في أوروبا، فقد تراجعت ألمانيا أيضًا من المرتبة 12 إلى 15، بينما جاءت المجر في أسوأ ترتيب أوروبي، حيث احتلت المرتبة 82، متراجعة خلف دول مثل الصين وغانا وساحل العاج.

وجاءت الدول التي تعاني من انهيار مؤسسات الدولة والحروب في قاع الترتيب، حيث احتل جنوب السودان المرتبة الأخيرة (180)، تليه الصومال وفنزويلا وسوريا واليمن وليبيا وإريتريا وغينيا الاستوائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى