النمسا ستبدأ بتطبيق مراقبة الرسائل من 2027 ضمن ضوابط صارمة

رفضت وزيرة العدل النمساوية آنا شبورر، توسيع نطاق مراقبة الرسائل عبر تطبيقات المراسلة لتشمل الجرائم الجنائية، مؤكدة أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) في حال اقتراح مثل هذا التوسيع، مشددة على ضرورة الالتزام بالإطار الضيق المحدد لمكافحة الإرهاب والتجسس فقط، جاء ذلك بعد أن أطلقت الأحزاب الحاكمة هذا الأسبوع آلية جديدة تتيح للدولة مراقبة الرسائل المشفّرة وغير المشفّرة ضمن شروط مشددة، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

دخلت مراقبة تطبيقات المراسلة حيز التنفيذ التشريعي هذا الأسبوع، بعد سنوات من النقاش، إذ بات الطريق ممهداً أمام جهاز حماية الدولة لقراءة الرسائل، سواء كانت مشفّرة أو غير مشفّرة، عبر تطبيقات المراسلة، وذلك في حالات محددة للغاية تتعلق بأمن الدولة.

ووفقًا لما أعلنته وزيرة العدل آنا شبورر (SPÖ) في برنامج “Im Journal zu Gast” عبر إذاعة Ö1، فإن استخدام هذه الأداة سيكون متاحًا اعتبارًا من عام 2027، ويقتصر على الحالات التي تشير إلى أنشطة إرهابية أو تهديدات للنظام الدستوري، بالإضافة إلى حالات التجسس، وأوضحت شبورر أن الهدف الأساسي هو “منع الجرائم الإرهابية الخطيرة في أقرب وقت ممكن”، مضيفة أن التطبيق سيكون “محدودًا للغاية قانونيًا” ويرافقه إشراف قانوني مكثّف.

ورفضت الوزيرة دعوات توسيع نطاق هذه الرقابة لتشمل الجرائم الجنائية العامة، وقالت: “يجب أن نبقى ضمن هذا الإطار الضيق”، مؤكدة صعوبة الموازنة بين الحقوق الأساسية ومتطلبات الأمن. وتابعت: “لقد حُدّدت الموازنة بحيث تشمل فقط مكافحة الإرهاب، وأرغب في الالتزام بذلك. لا أقبل بأي شيء آخر”.

“تطبيق عملي وتجميع خبرات أولاً”

قالت شبورر إنها ستستخدم حق النقض ضد أي محاولة لتوسيع نطاق المراقبة ضمن مجلس الوزراء. وأضافت: “في الوقت الحالي، لن أوافق على ذلك، لأنني أرى أن هذا الموضوع المعقّد يجب أن يُختبر أولاً في هذا النطاق الضيق، وأن نجمع الخبرة بشأنه”.

وأشارت إلى أن مراقبة الرسائل تمثل تدخلاً في الحقوق الأساسية ولا يمكن السماح به إلا بشروط صارمة. وبشأن الجدل القانوني الدائر حول مدى توفر برامج مراقبة تتماشى مع القوانين، أوضحت سبورر أن المسؤولية في هذا المجال تقع على عاتق وزارة الداخلية، وقالت: “هذه ليست مهمتي، بل مهمة وزير الداخلية، ويجب أن أثق في أنه سينفذ ذلك بما يتوافق مع القانون”.

النيابة العامة الاتحادية: “أعلى درجة في التسلسل الهرمي”

وفيما يتعلق بإنشاء النيابة العامة الاتحادية، التي تم الاتفاق عليها مؤخرًا من قبل الحكومة، أكدت شبورر أنها ستكون الهيئة العليا للإشراف على الإجراءات الجنائية، وتتكون من لجنة ثلاثية متساوية الصلاحيات تُنتخب لمدة ست سنوات.

وأشارت إلى أنه من الضروري أن يكون لدى أعضاء النيابة العامة الاتحادية خبرة مهنية لا تقل عن عشر سنوات كقضاة أو مدّعين عامّين، على الرغم من عدم ذكر هذا الشرط في ملخص مجلس الوزراء. وقالت: “يجب أن يكون المرء قد تعلّم تقييم التحقيقات وقرار رفع الدعوى من البداية”، ووصفت هذه الوظيفة بأنها “أعلى درجة في التسلسل الوظيفي، ولا بد من المرور بالمراحل الأدنى”.

“ليس مجرد تصويت شكلي في البرلمان”

سيُنتخب هذا المجلس الثلاثي من قبل المجلس الوطني بناءً على اقتراح لجنة خاصة تُشكّل داخل وزارة العدل. وبشأن ما إذا كان المجلس الوطني سيصادق فقط على الاقتراح دون مناقشته، أم سيكون له حرية الاختيار بين عدة مرشحين، أكدت شبورر أن هذه التفاصيل لا تزال قيد الإعداد.

وأضافت أن عملية الاختيار ستتم على مرحلتين: أولًا، تقوم لجنة اختيار مستقلة — لم تُحدد تشكيلتها بعد — بتقييم الطلبات والتحقق من النزاهة الشخصية للمرشحين، ثم تُقدَّم التوصية إلى المجلس الوطني، الذي له القرار النهائي.

“لا مجال للتسويات السياسية”

شددت وزيرة العدل على أن عملية التشريع ستكون شاملة، وسيُشرك فيها جميع الكتل البرلمانية، لا سيما في تحديد دورها في العملية. وقالت: “الشفافية ستكون أساسية في الاختيار، ويجب أن يتحقق ذلك من خلال تشكيل لجنة واسعة التمثيل”.

وفي ردها على المخاوف من أن تؤثر الانتماءات السياسية على اختيار الأعضاء، أشارت شبورر إلى أن نواب البرلمان هم ممثلو الشعب، مؤكدة: “لا يتعلق الأمر بتسويات سياسية، بل الهدف هو بناء عملية اختيار على قاعدة عريضة جدًا”.

“النمسا ليست استثناء”

أوضحت سبورر أن تعيين قضاة دستوريين أو مسؤولي الادعاء العام من قبل البرلمانات هو أمر شائع في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، مثل ألمانيا، وبالتالي فإن النمسا ليست حالة فريدة في هذا المجال. وأكدت أن المعايير المؤهّلية الصارمة والمتطلبات الشخصية ستكون هي الأساس، مشيرة إلى أن إنشاء النيابة العامة الاتحادية يمثل “تقدمًا كبيرًا للغاية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى