انتقادات حادة لبرنامج الحكومة النمساوية: “استمرار غير مسؤول أم خطوة إصلاحية؟”
فيينا – INFOGRAT:
توصلت أحزاب ÖVP (حزب الشعب النمساوي)، SPÖ (الحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي) وNEOS (حزب النيوليبراليين) إلى اتفاق لتشكيل تحالف حكومي ثلاثي في محاولتهم الثانية، وقاموا يوم الخميس بعرض برنامجهم الحكومي، ورغم أن البرنامج حظي بإشادة لكونه طموحًا، إلا أنه لم يخلُ من الانتقادات، خصوصًا من جانب حزب الحرية النمساوي FPÖ، الذي لم يبدِ تأييدًا يُذكر، بينما تمنى حزب الخضر للحكومة النجاح في عملها.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، اعتبر رئيس حزب الحرية، هربرت كيكل، أن الحديث عن “برنامج حكومي” سابق لأوانه في ظل عدم وضوح ما إذا كانت الجمعية العامة لحزب NEOS ستوافق عليه، وكتب في منشور على منصة X (تويتر سابقًا):
“لا تزال المعركة على المناصب داخل SPÖ مشتعلة، ويمكن اعتبار هذا الاتفاق بمثابة محاولة ابتزاز مفتوحة تجاه قاعدة NEOS”.
وأضاف كيكل أن البرنامج المشترك للأحزاب الثلاثة “يمثل استسلامًا كاملًا أمام تفويض الناخبين للتجديد الحقيقي” كما اعتبر أن الاتفاق لا يُمثل “الضربة التحررية الحمراء-البيضاء-الحمراء” (إشارة إلى ألوان العلم النمساوي) التي تحتاجها البلاد، بل إنه يكرس سياسة “الاستمرار في النهج السابق بشكل غير مسؤول”، وأينما وجدت تغييرات، فإنها تعني “وضعًا أسوأ مما كان عليه” للمواطنين.
الخضر: “إبعاد خطر اليمين المتطرف، لكن أين المناخ؟”
رئيس حزب الخضر، فيرنر كوغلر، رحّب بتشكيل الحكومة متمنيًا لها “النجاح”، معتبرًا أن وجود برنامج حكومي بعد أشهر من المفاوضات يعد خطوة إيجابية، وأشار إلى أن هذا الاتفاق “أبعد مؤقتًا خطر وجود مستشار من اليمين المتطرف والمعادي لأوروبا والمناهض للحريات”، في إشارة إلى إمكانية تولي حزب الحرية قيادة الحكومة.
لكن كوغلر انتقد تفكيك وزارة المناخ، وهو ما عبّرت عنه بشكل أقوى جوديث بيهرينغر، زعيمة حزب الخضر في فيينا، قائلة:
“في 210 صفحات من البرنامج الحكومي، لم يذكر مصطلح “حماية المناخ” سوى عشر مرات! ما حذرنا منه أصبح حقيقة: بدون الخضر، سيكون التغير المناخي الضحية الكبرى.”
منظمات بيئية: “خطوات إيجابية ولكن هناك ثغرات”
أبدت المنظمات البيئية مواقف متباينة بشأن البرنامج الحكومي، حيث رأت Global 2000 أنه يحتوي على نقاط جيدة، لكن يعاني من نقاط ضعف، وفي المقابل، انتقدت منظمة WWF غياب المبادرات الكبيرة في مجال البيئة، لكنها رحبت بالالتزام باتفاقية الاتحاد الأوروبي الخاصة بإعادة تأهيل البيئة الطبيعية.
أما Greenpeace وVCÖ (منظمة النقل والمواصلات)، فقد وصفوا البرنامج بأنه “يجمع بين الإيجابيات والسلبيات”. وكان هناك إجماع بين المنظمات على رفض التوسع الكبير في مشاريع الطرق، حيث اعتبرت VCÖ أن “التخطيط لبناء المزيد من الطرق لا يتعارض فقط مع الأهداف المناخية، بل يزيد من الأعباء المالية ويؤدي إلى تفاقم ازدحام المرور.”
ودعت Greenpeace الحكومة إلى إلغاء المشاريع غير الضرورية والمكلفة قائلة:
“هذا لا يوفر المال فحسب، بل يضع النمسا على مسار أفضل في مجال المناخ.”
منظمات المساعدات الاجتماعية: “تفاؤل مشوب بالحذر”
آنا بار، الأمينة العامة لمنظمة كاريتاس، عبّرت عن ارتياحها لتشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن هناك تفهمًا أساسيًا للتحديات في مجالات الرعاية، مكافحة الفقر، الهجرة والاندماج، والتعاون الدولي. ومع ذلك، أكدت أن التمويل طويل الأمد لهذه البرامج لا يزال غير واضح.
أما إريك فينينغر، مدير منظمة Volkshilfe، فقد أبدى ترحيبه بإدراج ضمان الحد الأدنى للأطفال في البرنامج، لكنه شدد على ضرورة مزيد من التفاصيل والتشاور مع جميع الأطراف المعنية، خاصة فيما يتعلق بالإصلاحات في مجال الرعاية الاجتماعية.
قطاع الأعمال: دعم حذر مع مطالب بمزيد من الوضوح
أشاد اتحاد التجار Handelsverband بالبرنامج باعتباره خطوة مهمة لدعم الاقتصاد النمساوي، خاصة فيما يتعلق بـ تبسيط الإجراءات الإدارية، دعم العمالة الماهرة، تخفيف الأعباء الضريبية، وتعزيز الرقمنة.
من جهتها، رابطة الصناعيين النمساويين (IV)، أكدت أن الحكومة “أدركت الحاجة إلى اتخاذ إجراءات وبدأت في وضع الأسس الأولى”، لكنها أعربت عن قلقها من الغموض في سياسات الطاقة وخفض تكاليف الأجور غير المباشرة.
أما الغرفة الاقتصادية النمساوية (WKÖ)، فقد أبدى ممثلوها دعمًا مشروطًا، حيث رأت رينيته شايلباور-شوستر، رئيسة قطاع الحرف والصناعات اليدوية في WKÖ، أن البرنامج “يقدم حوافز لأصحاب الأداء العالي ويوفر حرية أكبر لرواد الأعمال مع توازن معقول في التخفيفات الضريبية”.
النقابات العمالية: خطوة في الاتجاه الصحيح
باربرا تيبر، رئيسة نقابة العمال GPA، اعتبرت أن “تحسين تمويل مكتب العمل AMS خطوة صحيحة” في ظل تزايد حالات الإفلاس وصعوبة سوق العمل، مشيرة إلى أن زيادة الاستثمار في التدريب والتأهيل يعزز استقرار سوق العمل،
من جهتها، اعتبرت نقابة الإنتاج PRO-GE أن التدابير المخطط لها لمواجهة ارتفاع الأسعار تعد إشارة إيجابية، مشددة على أن:
“مراقبة الأسعار ليست كافية، بل يجب اتخاذ إجراءات لخفض تكاليف المعيشة، وهذا يعود بالفائدة على الأسر والاقتصاد ويساعد الشركاء الاجتماعيين في مفاوضات الأجور.”
ممثلو كبار السن: اعتراض على رفع مساهمات التأمين الصحي
بيتر كوستيلكا وإنغريد كوروزيك، رئيسا مجلس شؤون كبار السن، انتقدا الزيادة المخطط لها في مساهمات التأمين الصحي للمتقاعدين، معتبرين أن رفع التكاليف بنسبة 20% يعد أمرًا غير عادل.
أما هاينز فاسمان، رئيس أكاديمية العلوم النمساوية، فقد أشاد بالتزامات الحكومة بزيادة الاستثمار في البحث العلمي، لكنه انتقد فصل مجالات البحث والعلوم عن وزارة التعليم.



