بسبب التغير الديموغرافي.. الفجوة التمويلية تهدد ميزانية النمسا حتى 2070

حذّر مجلس الشؤون المالية في النمسا من فجوة تمويلية كبيرة في الميزانية العامة تمتد على المدى الطويل، وذلك بسبب التحولات الديموغرافية، داعيًا إلى مراجعة شاملة للسياسات المالية، فقد كشف رئيس المجلس، Christoph Badelt، في تقرير الاستدامة الذي عُرض يوم الأربعاء، أن هذه الفجوة قد ترتفع من 2.5% حاليًا إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي (Bruttoinlandsprodukt – BIP) بحلول عام 2070، في ظل استمرار النمو السكاني وتزايد نسبة كبار السن.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أشار تقرير الاستدامة، المستند إلى توقعات معهد البحوث الاقتصادية WIFO لشهر يناير، إلى أن النفقات العامة ستشهد زيادة حادة مدفوعة بالعوامل الديموغرافية، خصوصًا في مجالات المعاشات التقاعدية والرعاية الصحية والتمريض، في حين يُتوقع أن يكون نمو الإيرادات الحكومية محدودًا بسبب ضعف الآفاق الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل.

وأوضح التقرير أن هذه الفجوة التمويلية الكبيرة ستتفاقم أيضًا نتيجة الأعباء المالية الإضافية المرتبطة بالتغير المناخي والالتزامات المناخية التي تفرضها السياسات الأوروبية.

Badelt: “على الحكومة أن تفتح أعينها”

وقال Christoph Badelt: “أقول: عزيزتي الحكومة، افتحي عينيك جيدًا”، مؤكدًا أن سد هذه الفجوة لن يكون ممكنًا إلا من خلال حزمة من التدابير الإضافية.

وأوضح أن القطاعات التي تمثل محركات رئيسية للتكاليف تشمل الرعاية الصحية، التقاعد، التمريض، والتغير المناخي. وشدّد على أن حزمة التوطيد المالي الجاري التفاوض بشأنها حاليًا لا تكفي حتى على المدى القصير لتحقيق الهدف الأدنى المطلوب على مستوى الاتحاد الأوروبي، وهو خفض نسبة الدين العام بمقدار 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا، بموجب ما يُعرف بـ”Debt Safeguard” (حاجز الديون).

“خطوات توطيد كبيرة لا مفر منها”

وأضاف التقرير أن “إغلاق فجوة التمويل المتنامية على المدى المتوسط والطويل يتطلب خطوات كبيرة من التوطيد لا مفر منها ويجب تنفيذها في أقرب وقت ممكن”. كما نبّه إلى أن عدم معالجة هذه الفجوات في الوقت المناسب سيؤدي إلى زيادة الدين العام وبالتالي إلى ارتفاع كبير في مدفوعات الفوائد.

وحذّر التقرير من أن احتياجات التوطيد المالي قد تتجاوز حتى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تؤدي تأثيرات الفائدة المركبة وارتفاع أقساط المخاطر إلى “ديناميكية متفجرة” على مستوى الدين العام.

زيادة ملحوظة في الإنفاق المرتبط بالديموغرافيا

وأشار التقرير إلى أن الزيادة في النفقات الديموغرافية – الناتجة عن ارتفاع متوسط الأعمار – ستبلغ 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بعام 2023، مما يجعلها السبب الرئيسي في تدهور الوضع المالي على المدى الطويل.

وستكون الزيادات في نفقات الصحة (2.3%)، والمعاشات (1.9%)، والرعاية التمريضية (1.8%) الأكثر وضوحًا. وأشار التقرير إلى أن الجزء الأكبر من الزيادة في نفقات المعاشات سينجم عن الأثر المتأخر لفترة التضخم المرتفع، خاصة في عامي 2024 و2025.

تأثير التغير المناخي على الميزانية

كما شمل التقرير للمرة الأولى التأثيرات المالية الناجمة عن التغير المناخي والالتزامات البيئية. وتبيّن أن أكبر عبء طويل الأمد على الميزانية سينشأ من انخفاض الضرائب المتعلقة بالطاقة نتيجة التحول في مزيج الطاقة لصالح مصادر الطاقة المتجددة.

إضافة إلى ذلك، فإن شراء الشهادات البيئية سيؤدي إلى زيادة في النفقات العامة طويلة الأمد، بينما تظل تأثيرات الكوارث الطبيعية – رغم تكرارها المتزايد – معتدلة نسبيًا.

دعوة إلى إصلاحات هيكلية وإدارية

وأكد Badelt أن تنفيذ حزمة التوطيد الحالية يُعد خطوة أولى مهمة، لكنه شدد على أن ذلك لا يكفي وحده لضمان استدامة المالية العامة. ودعا إلى إصلاحات هيكلية خصوصًا في قطاعي الرعاية والمعاشات، مثل رفع سن التقاعد القانوني.

كما أشار إلى أن العديد من المشكلات تنبع من النظام الفيدرالي، مما يستدعي إصلاحًا إداريًا على مستوى الدولة. في الوقت ذاته، يجب تعزيز نمو الإيرادات من خلال سياسة صناعية واقتصادية نشطة.

Philip Schuster: الوضع ازداد سوءًا

من جانبه، قال المسؤول الرئيسي عن الدراسة، Philip Schuster، إن الوضع المالي الراهن قد تسبب في تدهور كبير في التوقعات الحالية. كما أشار Badelt إلى أن الحد الأقصى للعجز المسموح به في الاتحاد الأوروبي، والمحدد بـ3% من الناتج المحلي الإجمالي، لا يُعد معيارًا كافيًا لسياسة مالية مستدامة، والتي تتطلب نهجًا أكثر تحفظًا.

وأكد أنه “من الجيد والمهم” أن الحكومة الاتحادية قد وضعت لنفسها مسارًا لتوطيد الميزانية، لكنه حذّر من التفاؤل المفرط بعد عام 2027، قائلاً إن الحاجة إلى التوطيد ستظل قائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى