تأكيد لقاء مع الرئيس فان دير بيلين وسط استمرار مفاوضات الائتلاف الحكومي
فيينا – INFOGRAT:
فشلت المحاولة الأولى للتفاوض بشأن تشكيل ائتلاف ثلاثي بين حزب الشعب النمساوي (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) وحزب نيوس (NEOS)، إلا أن محاولة جديدة انطلقت مجدداً. بعد توصل حزب الشعب والاشتراكي الديمقراطي يوم الخميس إلى اتفاق حول مسار إصلاح الميزانية، تم تقديم عرض لحزب نيوس، وفي يوم الجمعة، دار جدل مكثف حول توزيع الوزارات والمحتوى السياسي، وأُعلن مساء الجمعة، في بيان مشترك صادر عن الأحزاب الثلاثة، أن المفاوضات ستستمر يوم السبت بعد “محادثات مكثفة خلال الأيام والليالي الماضية”، كما تم تأكيد موعد اجتماع مع الرئيس الاتحادي ألكسندر فان دير بيلين.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، منذ يوم الخميس، ترددت شائعات بأن قادة الأحزاب، كريستيان شتوكر (حزب الشعب) وأندرياس بابلر (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، سيُحيطون الرئيس الاتحادي علماً بتقدم المحادثات. لكن ذلك لم يحدث يوم الجمعة أيضاً. ومع ذلك، أكد البيان المشترك للأحزاب الثلاثة أن اجتماعاً سيُعقد يوم السبت في الساعة 13:00 مع فان دير بيلين، بحضور رئيسة حزب نيوس، بيآته ماينل-رايسينغر.
وكان فان دير بيلين قد شدد في وقت سابق على ضرورة تقديم تنازلات، مؤكداً في بيان صحفي يوم الجمعة أن “التسوية تعني إيجاد حلول مشتركة” وأشار إلى أن الديمقراطية الفاعلة تتطلب الشجاعة للدفاع عن الآراء، لكن أيضاً الحكمة لإيجاد حلول من خلال التوافق، مضيفاً أن “التسوية ليست ضعفاً، بل مفتاح لاتخاذ قرارات مستدامة وعادلة”، مشدداً على أن “الأمر لا يتعلق بالمصالح الفردية، بل بمصلحة الدولة ككل”.
عقب تصريح الرئيس، أكدت الأحزاب الثلاثة أن المحادثات مستمرة وأنها تأخذ كلماته على محمل الجد.
صراع على الوزارات
دخلت المفاوضات يوم الجمعة مرحلة مكثفة، حيث تردد في البداية أن حزب نيوس عُرض عليه تولي وزارتي التعليم والخارجية، إلا أن تقارير لاحقة أشارت إلى احتمال حصول الحزب على وزارة العدل بدلاً من وزارة الخارجية، وفي وقت لاحق من اليوم، أفادت صحيفة “دير ستاندارد” أن حزب الشعب يرغب في الاحتفاظ بوزارة العدل، مما يثير التساؤلات حول ما إذا كانت الأحزاب الأخرى ستقبل بالشخصية المرشحة لهذا المنصب.
وبحسب المراقبين، قد يتم تعيين شخصية مستقلة رسمياً على رأس وزارة العدل لتجاوز الخلافات، كما يسعى حزب الشعب للاحتفاظ بوزارة الداخلية، بالإضافة إلى حقائب الدفاع والاقتصاد والزراعة، وفقاً لوكالة APA. في المقابل، من المرجح أن يحصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي على وزارة المالية، إلى جانب وزارات الشؤون الاجتماعية والبنية التحتية وشؤون المرأة.
تكهنات حول الأسماء المرشحة
تداولت وسائل الإعلام عدة أسماء مرشحة لتولي الحقائب الوزارية، ويُنظر إلى كريستوف فيدركير، عضو حكومة فيينا المحلية عن حزب نيوس، كمرشح بارز لتولي وزارة التعليم، لكن من المحتمل أن يتصدر قائمة حزبه في انتخابات فيينا المقررة في أبريل المقبل، أما بالنسبة لوزارة البنية التحتية، فإن زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ولاية النمسا السفلى، سفين هيرجوفيتش، هو الأوفر حظاً لهذا المنصب.
وعلى صعيد وزارة الشؤون الاجتماعية، تُعتبر كورينا شومان، نائبة رئيس الاتحاد النمساوي للنقابات (ÖGB)، مرشحة شبه مؤكدة، أما وزارة المالية، فتشهد تداول اسمين محتملين، وهما المديرة التنفيذية السابقة في اتحاد النقابات، سيلفيا أنجلو، والمدير العام السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون النمساوية (ORF)، ألكسندر رابيتز.
وفي حزب الشعب، وردت أسماء مثل وزيرة الدفاع الحالية، كلاوديا تانر، ووزيرة الدولة، كلوديا بلاكولم، كمرشحتين محتملتين لمناصب وزارية.
استمرار المفاوضات ومخاوف داخل نيوس
يبدو أن قرار إعادة إدراج حزب نيوس في المفاوضات، بعد انسحابه من الجولة الأولى في بداية العام، جاء بناءً على رغبة كل من حزب الشعب والحزب الاشتراكي الديمقراطي في فيينا، ومع ذلك، لا يزال هناك انقسام داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حيث يفضل بعض أعضائه تشكيل تحالفات مرنة مع الأحزاب المعارضة الثلاثة الأخرى، وهي حزب الحرية (FPÖ)، وحزب الخضر، وحزب نيوس نفسه، وكان حزب نيوس قد وجه انتقادات حادة لزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أندرياس بابلر، بعد فشل الجولة الأولى من المفاوضات.
ومن المتوقع استمرار المحادثات لعدة أيام أخرى، حيث يتعين على نيوس استشارة أعضائه قبل التوصل إلى اتفاق حكومي، كما أن جلسة البرلمان الوطني يوم الأربعاء المقبل ستُعقد على الأرجح دون الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة، نظراً لعدم إدراج بيان حكومي في جدول الأعمال الرسمي الذي تم تحديده يوم الجمعة،
قضايا خلافية
إلى جانب الخلاف حول توزيع الوزارات، لا تزال هناك نقاط تباين في المواقف السياسية، وفقاً لوثائق المفاوضات التي تم تسريبها في يناير، لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن مقترحات حزب نيوس لإصلاح النظام الفيدرالي، وتقليص الإنفاق على الإعلانات الحكومية، وإصلاح تمويل الأحزاب، واستقلالية مجالس إدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون النمساوية (ORF).
كما اتفقت أحزاب نيوس وحزب الشعب على ضرورة خفض التكاليف غير المباشرة للرواتب، إلا أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي أبدى تحفظاته، وفيما يتعلق بإصلاح نظام التقاعد، يطالب حزب نيوس بربط سن التقاعد بمتوسط العمر المتوقع، وكذلك بجعل قطاع التعليم تحت الإدارة الفيدرالية بالكامل، وهو ما لقي اعتراضاً من الحزبين الآخرين.
مخاوف داخل حزب نيوس
إذا قرر حزب نيوس المشاركة رسمياً في الائتلاف الحكومي، فإن أداء اليمين الدستورية لن يكون ممكناً قبل أسبوع على الأقل، بسبب الحاجة إلى تصويت داخلي من أعضاء الحزب.
ويبدو أن هناك قلقاً داخل الحزب بشأن الانضمام إلى الحكومة، حيث أعرب النائب عن ولاية تيرول، دومينيك أوبرهوفر، عن تحفظاته علناً يوم السبت قائلاً لصحيفة “كرونين تسايتونج”: “لدينا عرض بالحصول على وزارتين وأمانة دولة، لكني لا أرى الإصلاحات المطلوبة. نيوس يمثل الإصلاحات، وليس المناصب.” وأضاف أنه لن يصوت لصالح الاتفاق إذا لم يتضمن إصلاحات جوهرية. وبحسب صحيفة “هويته”، فإن قرار المشاركة في المفاوضات كان قد أُقر في اجتماع القيادة الموسع لحزب نيوس يوم الخميس، إلا أن أربعة أعضاء صوتوا ضده.
مسار إصلاح الميزانية والعجز المتوقع
يوم الخميس، توصل حزب الشعب والحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى اتفاق حول خطة إصلاح الميزانية، متجنبين بذلك خطر الخضوع لإجراءات العجز المفرط من قِبل الاتحاد الأوروبي. تتضمن الخطة، التي طُرحت سابقاً من قبل حزبي الشعب والحرية، تحقيق هدف توفير 6.4 مليار يورو هذا العام، و8.4 مليار يورو العام المقبل، مع فرض ضرائب إضافية على البنوك وشركات الطاقة. كما تم الاتفاق على إلغاء المكافأة المناخية وإعادة هيكلة نظام الإجازات التعليمية.
وتشكل هذه المحادثات تحدياً بسبب محدودية الموارد المالية المتاحة لمشاريع مشتركة. ووفقاً لوزير المالية، غونتر ماير، فإن العجز المتوقع لعام 2025 سيصل إلى 3.9% من الناتج المحلي الإجمالي، بسبب التأثيرات السلبية لإسهام الولايات والبلديات في الميزانية.



