تبرئة مسؤول مخابرات نمساوي وإدانة سياسي سابق في قضية تجسس دولية
فيينا – INFOGRAT:
أصدرت محكمة فيينا الإقليمية يوم الاثنين حكمها في القضية المثيرة للجدل ضد إيجيستو أوت، المفتش السابق في المكتب الاتحادي لحماية الدستور ومكافحة الإرهاب (BVT)، والنائب السابق عن حزب الحرية النمساوي (FPÖ) هانز-يورغ ينيفاين، وتمت تبرئة أوت من جميع التهم، في حين حُكم على ينيفاين بالسجن لمدة 12 شهرًا مع وقف التنفيذ بتهمة مخالفة قانون الأسلحة وإساءة استخدام السلطة، ومع ذلك، فإن الحكم ليس نهائيًا بعد، حيث لا تزال هناك إمكانية للطعن.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، حظيت القضية باهتمام دولي، حيث كشفت عن بعض الجوانب الخفية داخل جهاز الاستخبارات النمساوي، بدأت التحقيقات ضد أوت منذ عام 2017 من قبل النيابة العامة في فيينا، حيث وُجهت إليه اتهامات بإساءة استخدام السلطة، والعمل كجاسوس سري ضد النمسا، وارتكاب جرائم أخرى.
في الجلسة الأخيرة للمحاكمة، استمعت المحكمة إلى عدد من الشهود، قبل أن تقدم النيابة والدفاع مرافعاتهما الختامية، وتم استبعاد الجمهور من بعض أجزاء المحاكمة بسبب سرية المعلومات التي تمت مناقشتها، وهي نقطة علّق عليها أوت نفسه بالقول: “في النمسا، لا يبقى شيء سريًا”.
إدانة ينيفاين والعثور على سلاح غير قانوني
صدر حكم إدانة ينيفاين بعد أن ثبت للمحكمة أنه طلب من موظفة سابقة لدى هربرت كيكل – زعيم حزب الحرية الحالي – الحصول على معلومات حول اجتماعات لأجهزة استخبارات أوروبية، كما تم العثور على “شلاجرينج” (سلاح معدني محظور) أثناء تفتيش منزله، مما أدى إلى إدانته أيضًا بموجب قانون الأسلحة، كما أدينت الموظفة السابقة بسبب تورطها في إساءة استخدام السلطة.
تبرئة أوت وشريك ألماني
في المقابل، تمت تبرئة أوت وشريك ألماني مرتبط بجهاز استخبارات، حيث لم تجد المحكمة أدلة كافية تثبت أنهما قاما بتسريب معلومات سرية بالفعل.
شبهات حول “تعاون” بين أوت وينيفاين
وفقًا للنيابة، بدأت العلاقة بين أوت وينيفاين في أغسطس 2018، حيث كان ينيفاين عضوًا في لجنة التحقيق البرلمانية الخاصة بـ BVT، وكان أيضًا المتحدث باسم الأمن لحزب FPÖ لفترة قصيرة، ويُزعم أن ينيفاين طلب من أوت تزويده بمعلومات عن اجتماع سري لـ “نادي بيرنر”، وهو تجمع استخباراتي أوروبي.
في ذلك الوقت، كان أوت موقوفًا عن العمل، لكنه قيل إنه أعطى ينيفاين قائمة بأسماء ضباط BVT الذين حضروا الاجتماع، ومع ذلك، لم تتمكن المحكمة من إثبات ما إذا كانت هذه المعلومات قد تم الحصول عليها من مصادر رسمية داخلية، مما أدى إلى تبرئتهما من هذه التهمة.
معلومات مسرّبة عن تحقيقات “فضيحة إيبيزا”
كما اشتبهت النيابة في أن ينيفاين كلّف أوت بجمع معلومات حول لجنة التحقيق الخاصة بقضية “فيديو إيبيزا” – الفضيحة السياسية التي أطاحت بحكومة FPÖ السابقة. لكن المحكمة لم تجد أدلة كافية، مما أدى إلى تبرئة أوت مجددًا.
الأحكام ليست نهائية والطعن وارد
جميع المتهمين نفوا التهم الموجهة إليهم، ولم تصبح الأحكام سارية المفعول بعد، حيث طلب محامو ينيفاين والموظفة السابقة مهلة ثلاثة أيام للتفكير في إمكانية الطعن، بينما أعلنت النيابة العامة أنها ستقدم طعنًا على تبرئة أوت وشريكه الألماني.
رئيس المخابرات السابق يدلي بشهادته
أدلى بيتر غريدلينغ، الرئيس السابق لجهاز BVT، بشهادته أمام المحكمة، موضحًا أن قوائم المشاركين في اجتماعات “نادي بيرنر” لا تُرسل إلى لجان التحقيق البرلمانية، لكن يمكن العثور على بعض الأسماء في المستندات الداخلية. كما أشار إلى أن الدول الأجنبية كانت تشك بالفعل في مدى سرية BVT حتى قبل المداهمة المثيرة للجدل التي تعرض لها الجهاز في 2018.
أحد الأمثلة التي ذكرها كان حادثة بين الاستخبارات الفنلندية والنمساوية، حيث أرسلت فنلندا عن طريق الخطأ تقريرًا إلى BVT، في حين كان من المفترض أن يُرسل إلى جميع الدول الأوروبية باستثناء النمسا.
تحقيقات إضافية لا تزال جارية ضد أوت
بينما انتهت هذه المحاكمة، لا تزال هناك تحقيقات منفصلة جارية ضد أوت منذ عام 2017، حيث يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بتمرير معلومات سرية إلى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB).
وفقًا للنيابة العامة، قام أوت بتسليم ثلاثة هواتف حكومية وأحد أجهزة الكمبيوتر المحمولة (SINA-Laptop) التي تحتوي على معلومات سرية من دولة في الاتحاد الأوروبي إلى الاستخبارات الروسية. ومع ذلك، فإن هذه الاتهامات لم تكن جزءًا من القضية الأخيرة، ولا يزال أوت ينفيها بشدة.
تعليق سياسي من حزب ÖVP
علق أندرياس هانغر، النائب عن حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، على الأحكام، مشيرًا إلى أن القضية ضد أوت لم تنتهِ بعد، وقال: “لا تزال النيابة تحقق في أنشطته، ويجب علينا الانتظار للحصول على الصورة الكاملة”.
في المقابل، اعتبر أن إدانة ينيفاين تؤكد مرة أخرى عدم كفاءة FPÖ في إدارة وزارة الداخلية، مشيرًا إلى أن الحكم يعكس مشاكل هيكلية داخل الحزب.



