جامعة غراتس التقنية تطلق مشروعاً لرقمنة المعابد البوذية المهددة في نيبال بتقنية ثلاثية الأبعاد
أعلنت جامعة غراتس التقنية (TU Graz) النمساوية عن إطلاق مشروع بحثي بالتعاون مع صندوق العلوم النمساوي (FWF)، يهدف إلى استكشاف ورقمنة المعابد البوذية التاريخية في شمال غربي نيبال باستخدام تقنية المسح ثلاثي الأبعاد (3-D). تعود هذه المعابد إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وتشكل جزءاً حيوياً من التراث الثقافي في منطقة الهيمالايا. ويأتي هذا الجهد العلمي استجابةً للتهديدات المتزايدة التي يتعرض لها هذا الإرث، بما في ذلك الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والانهيارات الأرضية، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية المخطط لها ضمن مبادرة طريق الحرير الصيني الجديدة.
يهدف الفريق البحثي من معهد نظرية الهندسة المعمارية وعلوم الفن والثقافة في جامعة غراتس التقنية، بقيادة الباحثة Carmen Auer، إلى توثيق هذا التراث الثقافي الغني. وبدأت Carmen Auer وفريقها أبحاثهم في مناطق الهيمالايا الغربية منذ مطلع الألفية، وكانت آخر حملاتهم الاستكشافية في منطقة Dolpo النائية جداً والمتاخمة لـ التبت (الصين).
تحدي العزلة والتهديدات الجغرافية
تقع منطقة Dolpo على ارتفاع يتراوح بين 2,300 و 4,300 متر، وهي واحدة من اثنتي عشرة جيباً للجماعات الناطقة باللغة التبتية على طول الحدود النيبالية مع المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي في التبت (الصين). وتُعد منطقة الهيمالايا المحور المركزي الذي انتشر عبره البوذية بين القرنين السابع والثاني عشر، ممتدةً على طول الروافد العليا لنهر السند وصولاً إلى المناطق الجافة من الهضبة التبتية، التي تُشكل Dolpo وادياً منعزلاً منها. نظراً لندرة المصادر المكتوبة والمصورة عن معابد Dolpo، أوضحت Auer أن المباني نفسها هي المصدر الأكثر موثوقية لمعرفة تاريخها. وأضافت: “من خلال بحثنا، أردنا خلق معرفة جديدة حول العمارة المقدسة في المنطقة ووضعها في سياقها التاريخي والفني”.
توثيق 18 موقعاً باستخدام تقنية 3D متقدمة
وبدعم من صندوق العلوم النمساوي (FWF)، قام الفريق في إطار عدة بعثات إلى هذه المنطقة النائية، التي لا يمكن الوصول إليها إلا سيراً على الأقدام وبواسطة حيوانات الحمل، بتوثيق وتحليل وقياس المباني، وإنشاء نماذج حاسوبية ثلاثية الأبعاد لبعض مجمعات المعابد. وقد تطلبت عزلة المنطقة تكييف أساليب المسح، حيث تم تطوير تقنية قياس ثلاثية الأبعاد في جامعة غراتس التقنية على يد Helmut Woschitz و Peter Bauer لتلبية المتطلبات الخاصة. وقد سمحت هذه التقنية بمسح مادة البناء والنقوش والمنحوتات واللوحات الجدارية والسقفية. ومن خلال البيانات التي تم الحصول عليها، أنشأ الفريق نماذج ثلاثية الأبعاد وخرائط مواقع ومساقط أفقية ومقاطع وواجهات، مما يوفر نظرة معمقة على هيكل المباني.
تمكن الفريق خلال الفترة ما بين 2018 و2023 من توثيق ما مجموعه 18 موقعاً بوذياً، وتم مسح وتحليل 16 موقعاً منها بالفعل. وأشارت Carmen Auer إلى أن هذه المواقع “جزء من مشهد مقدس تطور عبر قرون”، وأن اختيار الموقع ونوع البناء واتجاه المباني يتأثر بالسرديات التقليدية والظروف الجغرافية والتصورات الرمزية. وأكدت الباحثة على أهمية التبادل المفتوح مع السكان المحليين والتعاون متعدد التخصصات لفهم هذه العمليات.
نشر النتائج وتأمين التمويل
نُشرت نتائج البعثات مؤخراً في المجلة المتخصصة “Heritage”، حيث أوضحت Auer أن هذه النتائج “توفر أيضاً أسساً لأعمال الترميم المحتملة لمجمعات المعابد وتعزز الوعي بقيمة هذا التراث الثقافي، في المنطقة وخارجها”. وتأمل Auer أن يؤدي هذا العمل إلى المزيد من الدعم المالي اللازم للحفاظ على هذه المنشآت. ويخطط الفريق مستقبلاً لاستكشاف المنطقة الشمالية القصوى من Dolpo حول الدير الواقع في Yangtse، حيث لم يتم توثيق العديد من المباني بعد.



