“حبر على ورق”.. خبراء يشككون في قانونية إيقاف لمّ شمل العائلات لطالبي اللجوء في النمسا
فيينا – INFOGRAT:
أعلنت الحكومة النمساوية عن إيقاف معالجة طلبات لمّ شمل عائلات اللاجئين المعترف بهم، وذلك في إطار تعديل قانون اللجوء الجديد، حسبما أعلنت وزيرة الاندماج كلوديا بلاكولم (ÖVP) يوم الأربعاء بعد التوصل إلى اتفاق في مجلس الوزراء. ولكن خبراء القانون يشككون في مدى توافق هذا الإجراء مع القوانين الأوروبية.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أكد فرانز لايدنمولر، رئيس معهد القانون الأوروبي في جامعة لينز، أن إيقاف أو تأخير معالجة طلبات لمّ شمل العائلات يعد فعليًا انتهاكًا لقوانين الاتحاد الأوروبي، حيث تضمن إحدى التوجيهات الأوروبية هذا الحق، إضافة إلى أن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (EMRK) تكفل الحق في الحياة الأسرية.
مقترح قانوني قد يُعتمد بحلول أبريل
يهدف التعديل القانوني إلى منح الحكومة صلاحية تعليق معالجة طلبات لمّ شمل عائلات اللاجئين عن طريق مرسوم حكومي. ومن المتوقع أن يُصوَّت عليه في المجلس الوطني خلال أبريل، مع خطة لبدء التنفيذ في منتصف مايو، على أن تكون القوانين الجديدة سارية حتى سبتمبر 2026، مع إمكانية تمديدها حتى مايو 2027.
المخاوف القانونية: “تحايل” لتعطيل الحقوق الأساسية
يرى خبراء الدستور، مثل بيرند-كريستيان فونك، أن هذا الإجراء يمثل تحايلاً قانونيًا لتعطيل حق لمّ الشمل عبر إجراءات إدارية، وهو ما قد لا يصمد أمام القضاء الأوروبي.
تراجع ملحوظ في أعداد طلبات لمّ الشمل
في العامين الماضيين، وصل إلى النمسا نحو 12,000 طفل من أبناء اللاجئين وأصحاب الحماية الفرعية، ورغم ذلك، فإن الإحصاءات الحديثة تُظهر انخفاضًا حادًا في طلبات لمّ الشمل. ففي فبراير 2024، تم تقديم حوالي 1,000 طلب، بينما تراجع العدد في فبراير 2025 إلى 60 طلبًا فقط.
مبررات الحكومة: الضغط على الخدمات العامة
تدافع الحكومة عن القرار بالإشارة إلى الضغط الشديد على نظامي التعليم والصحة، حيث صرّحت بلاكولم بأن نسبة كبيرة من اللاجئين غير متعلمين أو غير ملمين بالقراءة والكتابة، مما يزيد من عبء النظام التعليمي. ووفقًا لرؤيتها، يسمح القانون الأوروبي بتجاوز قواعد اللجوء في حال وجود تهديد للنظام العام أو الأمن الداخلي.
ردود فعل قانونية: لا توجد حالة طوارئ تُبرر القرار
يرفض خبراء القانون هذا التفسير، حيث أوضح لايدنمولر أن المحكمة الأوروبية تُفسر “حالة الطوارئ” بشكل صارم للغاية، وهي تُطبّق فقط في حالات مثل منع الفوضى أو الانهيار التام للخدمات العامة، وأكد أنه لا يمكن استخدام “الاكتظاظ المدرسي” كمبرر قانوني لتعطيل الحقوق الأساسية.
كما شدد على أن أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لم تنجح سابقًا في تبرير إجراء مماثل أمام القضاء الأوروبي، مضيفًا أن اتفاقية الاتحاد الأوروبي تضمن لمّ الشمل للاجئين المعترف بهم، بينما يُسمح ببعض القيود فقط على أصحاب الحماية الفرعية، كما أن القانون يفرض استثناءات للحالات الإنسانية، مما يعني أن الإيقاف الشامل غير قانوني.
عدم وضوح حول الاستثناءات المحتملة
لم تقدم الوزيرة بلاكولم تفاصيل واضحة حول الاستثناءات، لكن وثائق مشروع القانون تشير إلى أنه سيتم استثناء الأطفال القُصّر الذين ليس لديهم معيلون في بلدهم الأصلي، وكذلك الأطفال الذين سبق أن وصلوا إلى النمسا بينما لا يزال والداهم في الخارج، كما سيتم التأكد من عدم تأخير الإجراءات حتى يبلغ القاصر سن الرشد، مما قد يمنع والديه لاحقًا من اللحاق به.
منظمات حقوق الإنسان تحذر من انتهاك حقوق اللاجئين
انتقدت منظمات إنسانية مثل الصليب الأحمر، كاريتاس، وفولكس هيلفه القرار، داعية الحكومة إلى عدم تجاهل المبادئ الإنسانية. وأكدت أن نجاح عملية الاندماج يعتمد على استقرار الأسر، مشيرةً إلى أن منع لمّ شمل العائلات لن يحل أي مشكلة، بل سيفاقم الأوضاع.كما أكدت هذه المنظمات أن النمسا ليست في حالة طوارئ وطنية تبرر خرق التزاماتها القانونية تجاه الاتحاد الأوروبي، وأنه لا يوجد أساس قانوني يسمح بمنع اللاجئين من لمّ شمل عائلاتهم، حيث توعدوا باتخاذ إجراءات قانونية ضده.



