خبير اقتصادي يدعو لإعادة “مكافأة الحرفيين” لمكافحة العمل الأسود غير الرسمي في النمسا
فيينا – INFOGRAT:
شهدت النمسا ارتفاعًا ملحوظًا في حجم الاقتصاد غير الرسمي (العمل غير المصرح به) بسبب استمرار الركود الاقتصادي، وارتفاع معدلات البطالة المتوقعة، والتضخم المتواصل، وأوضح الخبير الاقتصادي النمساوي فريدريش شنايدر (Friedrich Schneider)، المتخصص في دراسة الظاهرة، أن هذه العوامل أدت إلى مزيد من الزيادة في العمل غير الرسمي خلال عام 2024، مما تسبب في خسائر ضريبية ضخمة للدولة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، قدر شنايدر أن حجم الاقتصاد الموازي في النمسا سيصل خلال هذا العام إلى 40.7 مليار يورو، أي ما يعادل 8.1% من الناتج المحلي الإجمالي الرسمي، بزيادة قدرها 6.5% مقارنة بالعام الماضي. وقد قام الخبير الاقتصادي بتعديل توقعاته لعام 2024 بالزيادة بسبب التباطؤ الاقتصادي الحاد، مشيرًا إلى أن قيمة الاقتصاد الموازي خلال عام 2023 بلغت 38.23 مليار يورو (ما يعادل 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي)، بارتفاع نسبته 14.9% مقارنة بالعام السابق.
وأشار إلى أن تأثير إلغاء “التضخم الزاحف” (kalte Progression) ساهم جزئيًا في إبطاء هذا الارتفاع، إلا أن التدابير التقشفية الحكومية ستؤدي إلى زيادة ميل الأفراد للقيام بأعمال غير رسمية لتعويض خسائر الدخل.
النمسا ضمن أدنى معدلات العمل غير الرسمي في الاتحاد الأوروبي
على الرغم من الارتفاع الملحوظ، لا تزال النمسا من بين الدول الأقل تأثرًا بالعمل غير الرسمي داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تحتل المرتبة الثانية بعد لوكسمبورغ من حيث قلة حجم الاقتصاد الموازي. وتأتي بعدها هولندا وأيرلندا، بينما تسجل بلغاريا ورومانيا وكرواتيا أعلى معدلات الاقتصاد الموازي، حيث يشكل ما يقارب ثلث الناتج المحلي الإجمالي الرسمي في هذه البلدان.
قطاع البناء والحرف اليدوية في الصدارة
يستحوذ قطاع البناء والحرف اليدوية في النمسا على 39% من إجمالي الاقتصاد الموازي، وهو ما يجعله الأكثر تأثرًا بهذه الظاهرة. ويليه قطاع الخدمات التجارية المنزلية بنسبة 17%.
خسائر مليارية للدولة بسبب العمل غير الرسمي
تُقدر الخسائر التي يتكبدها الدولة النمساوية نتيجة العمل غير الرسمي ما بين 2 إلى 3.5 مليار يورو سنويًا، بسبب فقدان الضرائب ومساهمات الضمان الاجتماعي. ومع ذلك، يرى شنايدر أن هذه الخسائر الضريبية تبقى ضمن نطاق محدود، حيث يتم إنفاق 85% من الأموال المكتسبة عبر العمل غير الرسمي مباشرة داخل الاقتصاد الرسمي، مما يقلل من الأثر السلبي لهذه الظاهرة.
إلى جانب الدولة، تعتبر شركات التأمين الصحي من بين المتضررين الرئيسيين، إذ تتحمل تكاليف إضافية ناجمة عن الحوادث المهنية والإصابات التي يتعرض لها العاملون في الاقتصاد الموازي، نظرًا لعدم تغطيتهم بالتأمين الرسمي.
العمل غير الرسمي كوسيلة للتكيف مع الأزمة الاقتصادية
رغم مخاطره، يوضح شنايدر أن الاقتصاد الموازي يساعد في تعويض جزء من الخسائر المالية للأسر خلال فترات الركود، مما يجعله بمثابة شبكة أمان اقتصادية. كما أشار إلى أن العديد من المنازل في النمسا لم تكن لتُبنى لولا الاستفادة من العمالة غير الرسمية، نظرًا لارتفاع التكاليف في القطاع الرسمي.
دعوات لإعادة “مكافأة الحرفيين”
اقترح شنايدر عددًا من التدابير الاقتصادية للحد من العمل غير الرسمي، من بينها إعادة العمل بـ مكافأة الحرفيين (Handwerkerbonus) التي تبلغ 2000 يورو لكل أسرة سنويًا، بالإضافة إلى خفض التكاليف الإضافية للرواتب، مما قد يشجع المزيد من الأشخاص على اللجوء إلى العمالة الرسمية بدلًا من الاقتصاد الموازي.




