رئيس مجلس الاستقرار المالي النمساوي: الإجراءات التقشفية الحالية غير كافية
فيينا – INFOGRAT:
وصف Christoph Badelt، رئيس مجلس الاستقرار المالي النمساوي Fiskalrat، مشروع الميزانية الثنائية للفترة 2025/2026، الذي قدمه وزير المالية Markus Marterbauer (الحزب الاشتراكي النمساوي SPÖ) أمام البرلمان الاتحادي، بأنه “خطوة أولى جيدة” نحو إعادة التوازن المالي وتقليص العجز، مشدداً في الوقت ذاته على أن الطريق ما يزال طويلاً ويتطلب عملاً كبيراً من الحكومة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أوضح Badelt أن نسبة عجز الموازنة المتوقعة لعام 2024، والتي تبلغ 4.7%، تُظهر حجم التحدي الذي تواجهه البلاد. وأشار إلى أن هناك حاجة ماسة لمواصلة جهود التقشف بعد عام 2027، مؤكداً أن “ذلك لا مفر منه”.
الحكومة ستواجه قرارات أكثر صعوبة في المستقبل
وصرّح Badelt بأن الحكومة تمكنت في الوقت الراهن من تطبيق إجراءات تقشفية يمكن تحقيقها بسهولة نسبية، إلا أن المرحلة المقبلة ستتطلب تغييرات أعمق ضمن الأسس القانونية وإصلاحات هيكلية طويلة الأجل. واعتبر أن ذلك سيستلزم مفاوضات معقدة داخل الائتلاف الحاكم، الذي يضم أحزاب ÖVP (حزب الشعب النمساوي)، وSPÖ، وNEOS.
وأشار إلى أن بعض التدابير المقترحة في الحزمة الحالية لا يمكن الحفاظ عليها على امتداد الدورة التشريعية الحالية، في إشارة إلى الاقتطاعات المقترحة في موازنات الوزارات. كما لفت إلى أن تعليق تعديل القيم النقدية للمعونات الاجتماعية مثل إعانة الأسرة Familienbeihilfe ومنحة الدراسة Studienbeihilfe وإعانة الأطفال Kindergeld لمدة عامين، يعد خطوة مؤقتة.
توفير 6.4 مليار يورو: هدف واقعي ولكن مشروط
أشار Klaus Weyerstrass، خبير الميزانية في معهد الدراسات العليا IHS، إلى أن هدف الحكومة بتوفير 6.4 مليار يورو هذا العام هو هدف “واقعي”، مشيراً إلى أن حجم الاقتطاعات ليس كبيراً بما يكفي لخنق الاقتصاد، لكن نجاح الخطة يتوقف على مدى مطابقة الأداء الاقتصادي للتوقعات المدرجة في الميزانية.
ورأى Badelt أن أحد التحديات الرئيسية يتمثل في التزام الوزارات بتحقيق وفورات محددة مسبقاً، وهو ما يتطلب جهداً مؤسساتياً فعلياً.
الحاجة إلى توضيحات إضافية وتقييمات دقيقة
أوضحت Margit Schratzenstaller، خبيرة الميزانية في معهد WIFO، أن هناك حاجة لمزيد من التوضيح بشأن مساهمة الولايات والبلديات، وأيضاً بخصوص العائدات الإضافية المتوقعة من مكافحة التهرب الضريبي.
واعتبرت هي وزملاؤها أن التخفيض الحاد في تمويل البرامج المناخية يمثل “نقطة سلبية” في الحزمة، خاصة أن الدعم المضر بالبيئة مثل امتيازات الديزل والسيارات الوظيفية لم يتم المساس به.
التعليم لم يتأثر… ولكن مصادر التمويل غير مستدامة
رحّبت Monika Köppl-Turyna، مديرة معهد الأبحاث الاقتصادية المقرّب من قطاع الصناعة Eco Austria، بحقيقة أن قطاع التعليم لم يتأثر بشكل كبير بالإجراءات التقشفية، لكنها انتقدت الاعتماد على أرباح مؤسسات الدولة، والزيادة في الضرائب المفروضة على المصارف، ومساهمات شركات الطاقة، ووصفتها بأنها غير مستدامة على المدى الطويل.
دعوات إلى إصلاحات جذرية في نظام التقاعد
أجمع الخبراء على أن التدابير الحالية ليست كافية. وانتقد Weyerstrass تأجيل إصلاح نظام التقاعد، معتبراً أن عدم اتخاذ إجراءات فورية مثل رفع سن التقاعد القانوني بشكل أسرع، يمثل تفويتاً لفرصة مهمة.
وأكدت Margit Kraker، رئيسة ديوان المحاسبة Rechnungshof، في مقابلة تلفزيونية مع برنامج “Report”، على ضرورة اعتماد زيادة تدريجية ومعتدلة في سن التقاعد القانوني، معتبرة أن التحرك المبكر ضروري لتفادي تداعيات خطيرة. كما طالبت بمساهمة تضامنية من الموظفين الحكوميين الأعلى دخلاً، إلى جانب تجميد تمويل الأحزاب السياسية.
الطبقات الوسطى والدنيا تتحمل العبء الأكبر
من جانبه، رأى Weyerstrass أن البعد الاجتماعي في الميزانية “متوازن إلى حد ما”، لكنه أشار إلى أن إلغاء مكافأة المناخ Klimabonus سيؤثر سلباً بشكل خاص على الأسر ذات الدخل المنخفض. فيما أكدت Schratzenstaller أن الإجراءات التقشفية تطال أيضاً الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض، لا سيما في مجال المعونات الاجتماعية والأسرية.
واعتبرت Kraker أن تعليق تعديل القيم النقدية للمعونات العائلية “مفهوم في ضوء الوضع المالي”، رغم ما يترتب عليه من تأثيرات توزيعية مؤلمة، مشيرة إلى أنه “من المقبول تعليق بعض الآليات التلقائية، مثل تعديل القيم، حين لا تسمح بذلك أوضاع الميزانية”.



