رجل أعمال متعدد الجنسيات من فيينا في قلب عمليات التسلّح الإيرانية خلال حرب إسرائيل

كُشف عن وثيقة سرية صادرة عن القوات المسلحة الإيرانية، تتعلق بخطة طارئة لتأمين معدات اتصالات حساسة، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على إيران الذي بدأ في 13 يونيو الجاري، وتُظهر الوثيقة أن طهران كلّفت رجل أعمال غامضًا يُدعى Ali Mohammad H.، ويُعتقد أنه مقيم في الولايات المتحدة وله روابط تجارية في العاصمة النمساوية فيينا، بتأمين هذه المعدات عبر قنوات غير رسمية، وذلك لتفادي العقوبات الغربية المفروضة على إيران.

وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، تضمنت الوثيقة المؤرخة في 15 يونيو، والموقعة من قبل العميد Mohammad Qasem Nazer، وهو عضو في “الحرس الثوري الإيراني” (Islamic Revolutionary Guard Corps)، أمرًا بتسريع التحول نحو نظام اتصالات مشفر يعتمد على الهواتف الفضائية، تحسبًا للهجمات السيبرانية أو تدمير البنى التحتية للاتصالات من قبل إسرائيل، أو حتى استخدام الهواتف كعبوات ناسفة، كما حدث العام الماضي في المواجهات بين إسرائيل و”حزب الله” اللبناني باستخدام أجهزة “البيجر” (Pagers).

وقد أوردت الوثيقة المكتوبة بالفارسية: “يتوجب اتخاذ تدابير فورية، وتحديد المعدات المطلوبة وشراؤها”، موضحة أن المطلوب تحديدًا هو “معدات الاتصالات والدعم الفضائي”. كما نُقل عن هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن السلطات الإيرانية أصدرت أوامر للموظفين الحكوميين وعناصر الأمن بعدم استخدام الهواتف الذكية أو الساعات الذكية المتصلة بالإنترنت، في ظل الخطر المتزايد.

تفويض سري لرجل أعمال متعدد الجنسيات

تشير الوثيقة إلى أن Ali Mohammad H.، الذي لا يُعرف عنه الكثير علنًا، قد مُنح تفويضًا كاملاً “للتفاوض والتنسيق بشأن المشتريات دون الحاجة لإجراءات رسمية”، واصفة العملية بأنها “سرية للغاية” وتتم خارج نطاق المناقصات المعتادة، بالتنسيق مع وزارة الدفاع ووزارة الاتصالات في طهران.

ووفقًا لمعلومات حصلت عليها صحيفة “Volkskrant” الهولندية، جاءت هذه الوثيقة عقب اجتماع ضم قيادات عسكرية إيرانية وممثلين عن شركات اتصالات حكومية وخاصة، حيث تم التأكيد على الحاجة الملحة لمواجهة “الظروف الخاصة والهجوم الشامل للنظام الصهيوني الغاصب والعناصر المتسللة المنافقة”.

محور مالي دولي للقيادة الإيرانية

وتكشف مستندات حصلت عليها صحيفة “derstandard” أن Ali Mohammad H.، الذي يُوصف من قبل مصادر مطلعة بأنه عنصر محوري في إدارة الشؤون المالية للنظام الإيراني في الخارج، يحمل ثلاث جنسيات على الأقل: إيرانية، إماراتية، وجنسية جزيرة Saint Kitts and Nevis الكاريبية. كما يُعتقد أنه حاصل على إقامة مستثمر في الولايات المتحدة، وكان يدير سابقًا شركات تابعة لمكتب المرشد الأعلى الإيراني Ali Khamenei.

روابط فيينا: شركتان في الحي الثاني

يرتبط Ali H. بشكل مباشر بشركتين صغيرتين مسجلتين في حي Leopoldstadt (الحي الثاني) في فيينا، هما:

  1. CIH Investments Holding GmbH: يملك H. نسبة 49% من هذه الشركة، بينما يكتنف الغموض طبيعة نشاطها الحقيقي. لا يتعدى رأس مالها – وفق أحدث ميزانية سنوية – بضعة عشرات الآلاف من اليوروهات، ويُعرّف نشاطها على نحو غامض بأنه “إدارة استثمارات”.
  2. La Perle Properties GmbH: شركة تأجير عقارات، تعود ملكية 2% منها لشركة CIH، بينما يمتلك 49% منها شركة Samra Investment Limited المسجلة في الإمارات العربية المتحدة، والتي تعود ملكيتها الكاملة أيضًا إلى Ali H. بحسب سجلات الشركات الإماراتية.

عناوين مشتركة مع شركة مثيرة للجدل

تتشارك الشركتان المذكورتان في العنوان نفسه في Lassallestraße، وهو نفس عنوان شركة Blue River Holding GmbH، التي سبق للصحيفة أن كشفت عن صلاتها الوثيقة بالنظام الإيراني. فقد قامت “بلو ريفر” سابقًا بتهريب شخصيات من نخبة النظام الإيراني إلى النمسا، وسعت إلى إنشاء نظام تحويل مالي بين أوروبا وإيران، وساعدت في تمرير شحنات مواد مشبوهة يُشتبه في انتهاكها للعقوبات، موجهة إلى مشروع مفاعل نووي إيراني.

ويكشف السجل التجاري النمساوي عن تداخل في الأشخاص بين “بلو ريفر” وشركتي Ali H.، إذ يظهر أن بعض مديري وحملة الأسهم في “بلو ريفر” مرتبطون أيضًا بـ CIH و La Perle.

ورغم محاولات التواصل، لم يكن بالإمكان الوصول إلى Ali H. للتعليق، وتبقى طبيعة أنشطته في فيينا غير واضحة. إلا أن المؤكد، بحسب الوثائق المسربة، أنه الآن في قلب مهمة حساسة كُلف بها من قبل المؤسسة العسكرية الإيرانية، في لحظة حاسمة من المواجهة مع إسرائيل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى