صعود أسعار الكهرباء والخدمات وزيادات الأجور في النمسا ساهم في ارتفاع التضخم الذي أصاب جميع القطاعات
ارتفعت معدلات التضخم في النمسا خلال شهر آب/أغسطس 2025 لتصل وفق التقديرات السريعة الصادرة عن هيئة إحصاءات النمسا إلى 4,1%، وهو أعلى مستوى منذ آذار/مارس من العام ذاته. وأكدت Alexandra Schindlar من هيئة إحصاءات النمسا أن “التضخم يطال جميع مجموعات المنتجات دون استثناء”، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
في شهر تموز/يوليو كانت نسبة التضخم لا تتجاوز 3,6%، أما قطاع الطاقة فقد شهد في آب/أغسطس زيادة قوية بلغت 5,9%، مقارنة بـ 4,2% في تموز/يوليو، وأرجعت الإحصاءات هذا الارتفاع إلى عاملين رئيسيين: تراجع التأثير الكابح لأسعار الوقود مقارنة بالأشهر السابقة، واستمرار صعود أسعار الكهرباء بعد انتهاء العمل بما يعرف بـ “Strompreisbremse” مطلع العام.
وأوضحت Schindlar أن أكبر مساهمة في ارتفاع معدل التضخم جاءت مجدداً من قطاع الخدمات بزيادة قدرها 4,7%، تليه أسعار المواد الغذائية والتبغ والكحول التي ارتفعت بنسبة 5,0%. وأضافت: “هذه ليست تطورات خاصة بشهر آب/أغسطس وحده، بل نرصدها منذ عدة أشهر. فالارتفاعات في أسعار الكهرباء مع بداية السنة كان لها تأثير واضح على معدل التضخم”. ومن المقرر أن تُنشر البيانات الأولية النهائية لشهر آب/أغسطس في 17 أيلول/سبتمبر 2025.
وشددت Schindlar على أن “الارتفاع من 3,6% في يوليو إلى 4,1% في أغسطس يسري عبر سلة الاستهلاك بأكملها، وهو تأثير يمكن ملاحظته في جميع مجموعات المنتجات وجميع المجالات”.
جدل اقتصادي حول الحلول
مع استمرار صعود التضخم، تزداد حدة النقاش حول السياسات الممكنة لمواجهته. غير أن الخبير الاقتصادي Jan Kluge من معهد Agenda Austria القريب من أرباب العمل يرى أن “الكثير لم يحدث مؤخراً للحد من التضخم، بل العكس من خلال الزيادات الكبيرة في الأجور”. وأوضح أن خفض الطلب هو الحل المطلوب: “لقد أبقينا على الاستهلاك العام مرتفعاً عبر برامج ضخمة ممولة بالديون، كما أبقينا على الاستهلاك الخاص مرتفعاً عبر السماح بزيادات ضخمة في الأجور استناداً إلى ما يعرف بـ Benya-Formel. حتى الدولة أعطت مثالاً سيئاً عبر زيادات المعاشات ورواتب الموظفين العموميين. وهنا يجب أن نضغط على المكابح”.
في المقابل، اقترح الخبير الاقتصادي Oliver Picek من معهد Momentum Institut القريب من العمال نهجاً مختلفاً يقوم على فرض “سقوف للأسعار” على المواد الغذائية والإيجارات والطاقة. وقال: “خصوصاً وضع سقف للإيجارات سيكون مهماً جداً لمدينة فيينا، حيث يوجد بالفعل سقف في شقق البلدية وفي البناء التعاوني، لكنه لا يطبق بعد في البناء الخاص الجديد، حيث تكون الإيجارات الأغلى. وهنا يمكن للحكومة الفدرالية التدخل وتوسيع نطاق هذا السقف”.
ويرى Agenda Austria أن مثل هذه الإجراءات لا تعالج سوى أعراض أزمة التضخم دون أسبابها. واقترح Kluge “التفكير في جولة صفرية (Nullrunde)، خاصة في المعاشات، حيث ستكون خطوة ضرورية بعد أن تجاوزت الزيادات في السنوات الماضية معدلات التضخم بكثير. على الأقل يجب أن تأتي العقود الجديدة أقل من معدل التضخم”.
أما Momentum Institut فيعتبر ذلك تهديداً مباشرًا للقوة الشرائية. وقال Picek: “إذا جرى تخفيض ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية أو على الأقل على السلع الأساسية، فسيكلف ذلك الدولة مالاً، لكن بالإمكان تغطية النفقات عبر إعادة النظر في التخفيضات الأخيرة على ضرائب أرباح الشركات، التي خفضت خلال العامين الماضيين بمقدار مليار يورو. فإذا أعيدت هذه الضرائب يمكن تمويل خفض ضريبة القيمة المضافة على الأغذية”.وعلى الرغم من اختلاف وجهات النظر بين الاقتصاديين حول الوسائل، إلا أن هناك إجماعاً بينهم على نقطة واحدة: الجمود وعدم التحرك لم يعد خياراً ممكناً.



