فشل مفاوضات الائتلاف يضع النمسا أمام خيار انتخابات مبكرة أو تحالف بين حزبي الشعب والحرية

شهدت النمسا تطورات سياسية حاسمة مع بداية العام الجديد 2025، حيث أعلن رئيس حزب الشعب (ÖVP) كارل نيهامر عن إنهاء مفاوضات تشكيل الحكومة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، مما فتح الباب أمام سيناريوهات سياسية متعددة، وتشمل هذه السيناريوهات احتمال إجراء انتخابات مبكرة أو تشكيل تحالف حكومي بين حزب الشعب وحزب الحرية (FPÖ)، وهو الأمر الذي يبقى رهين التطورات المقبلة ومن سيقود حزب الشعب بعد استقالة نيهامر المرتقبة.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، بعد انتهاء المفاوضات الثلاثية بين حزب الشعب والحزب الاشتراكي وحزب النيوس (NEOS)، وفشل المفاوضات الثنائية بين الشعب والاشتراكي، أصبح تشكيل حكومة مستقرة أمرًا صعب التحقيق. في هذا الإطار، أُثيرت تكهنات حول إمكانية تشكيل تحالف حكومي بين حزب الشعب وحزب الحرية، بالرغم من أن نيهامر سبق وأعلن رفضه لهذا الخيار. ومع ذلك، يبدو أن هناك أصواتًا داخل حزب الشعب، خاصة من الدائرة الاقتصادية، تؤيد فكرة التحالف مع حزب الحرية بقيادة هربرت كيكل.

موقف حزب الحرية ومهاجمته القيادات السياسية

في أعقاب إعلان فشل المحادثات، لم يظهر حزب الحرية حماسة كبيرة تجاه التصريحات الرسمية، إلا أن رئيسه هربرت كيكل لم يفوّت الفرصة لانتقاد كل من نيهامر وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندرياس بابلر، إضافة إلى الرئيس الفيدرالي ألكسندر فان دير بيلين. ووصف كيكل هؤلاء القادة بأنهم “فشلوا في إدارة المرحلة”، مشيرًا إلى أن الرئيس الفيدرالي يتحمل مسؤولية خاصة لأنه لم يمنح حزب الحرية فرصة تشكيل الحكومة، رغم أنه الحزب الأقوى بعد الانتخابات الأخيرة، وفضل تكليف حزب الشعب بالمهمة.

إجراءات الانتخابات المبكرة وتعقيداتها

إذا استمر الجمود السياسي ولم يتم تشكيل حكومة مستقرة، فإن الخيار الوحيد المتبقي هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة. ومع ذلك، فإن إجراء الانتخابات يتطلب المرور بعدة خطوات قانونية وإدارية. أولاً، يجب أن يصدر البرلمان قرارًا بحل نفسه بأغلبية بسيطة. ومن ثم، يُصدّق الرئيس الفيدرالي على القرار، ويُنشر في الجريدة الرسمية. بعد ذلك، تُحدد الحكومة، بالتنسيق مع اللجنة الرئيسية في البرلمان، موعد الانتخابات، على أن يكون يوم الاقتراع بعد 82 يومًا من إعلان القرار رسميًا.

ووفقًا للإجراءات القانونية، فإن تنظيم الانتخابات قبل شهر مايو يبدو أمرًا صعب التحقيق. فإذا تم تحديد موعد الانتخابات في 27 أبريل، فإن اليوم الحاسم لتسجيل المرشحين والمواعيد النهائية سيكون في 4 فبراير. أما إذا كانت الانتخابات في أول عطلة نهاية أسبوع من شهر مايو، فإن الموعد المحدد لإغلاق السجلات سيكون في 11 فبراير.

البرلمان ودوره المرتقب

سيعقد البرلمان النمساوي جلسته التالية في 22 يناير، وهي الجلسة التي قد تشهد تقديم طلب لحل البرلمان، إلا أنه يمكن عقد جلسة استثنائية قبل هذا الموعد بناءً على طلب مقدم من 20 نائبًا على الأقل. في هذه الحالة، يجب أن يُعقد الاجتماع خلال ثمانية أيام عمل. بعد تقديم طلب حل البرلمان، يتم تحويله إلى لجنة الدستور لمناقشته، ثم يعود إلى الجلسة العامة للبرلمان للتصويت عليه. وإذا تم إقراره، يبدأ الإطار الزمني للإجراءات الانتخابية.

تحليل المشهد السياسي الحالي

مع فشل المفاوضات وغياب رؤية واضحة، تبقى النمسا أمام تحديات سياسية كبيرة. تشكيل حكومة جديدة سيكون معقدًا في ظل الانقسامات الداخلية بين الأحزاب. كما أن خيار التحالف بين الشعب والحرية يثير تساؤلات حول مدى قدرة هذا التحالف على تقديم برنامج حكومي مستقر. وفي حال تم اللجوء إلى انتخابات مبكرة، سيكون ذلك اختبارًا جديدًا للمشهد السياسي النمساوي، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى