فيينا ستقرّ أكبر تقليص للمساعدة الاجتماعية.. 2889 يورو سنويًا خسارة للعاجزين عن العمل والأسر
تشهد فيينا (Wien) قرارًا وشيكًا لحكومة المدينة المكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) وحزب الليبراليين الجدد (Neos) يقضي بتقليص المساعدة الاجتماعية (Sozialhilfe)، المعروفة باسم الحد الأدنى من الدخل لضمان العيش (Mindestsicherung) في المدينة، ليشمل شرائح واسعة من المجتمع. وقد أكدت هذه الخطوة، التي كانت فيينا ترفضها لوقت طويل، أن ضائقة المدينة المالية ستؤثر بشكل مباشر على الأفراد ذوي الأوضاع الاجتماعية الصعبة. ومن المتوقع أن يُعتمد هذا القرار رسميًا في برلمان الولاية يوم الأربعاء الموافق 19 نوفمبر 2025، بحسب صحيفة derstandard النمساوية.
من هم المتأثرون وكيف سيتضررون؟
تأتي إجراءات التقليص هذه، التي أكدها مكتب مستشار الشؤون الاجتماعية Peter Hacker (بيتر هاكر) من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في وقت تشهد فيه مقاطعات نمساوية أخرى (بقيادة حزب الشعب ÖVP وحزب الحرية FPÖ) توجهًا نحو ترشيد النفقات الاجتماعية. وبحسب مسودة القانون، سيُشدد “مقص” التقليص على عدة فئات رئيسية:
1. المستفيدون الدائمون (Dauerbezieher)
يُعتبر هذا الدخل بمثابة “علاوة العيد والإجازات” للأشخاص الذين يجدون صعوبة في إعالة أنفسهم. فالمتقاعدون والأشخاص الذين يعانون من عجز دائم عن العمل أو عجز عن العمل في سن متقدمة لمدة لا تقل عن ستة أشهر، كانوا يحق لهم سابقًا الحصول على دفعات شهرية ثالثة عشرة ورابعة عشرة ضمن الإعانة.
- حجم التقليص: سيتم تنصيف هذه الدفعات الإضافية. بالنسبة للشخص الواحد الأعزب، كانت هذه الإعانة تبلغ مرتين 1209 يورو سنويًا (بإجمالي 2418 يورو).
- عامل السكن: بالإضافة إلى ذلك، تعتزم المدينة احتساب مبلغ أكبر لتغطية نفقات السكن ضمن المساعدة الأساسية، مما سيؤدي بدوره إلى خفض بدل الإيجار الذي كان يُدفع غالبًا بشكل إضافي (Mietbeihilfe).
- التكلفة الشهرية: سيكلّف هذا الإجراء الأفراد ما يصل إلى 139 يورو إضافية شهريًا.
- الخسارة السنوية الإجمالية: نتيجة لهذين التقليصين، قد يخسر المتضررون ما يصل إلى 2889 يورو سنويًا، وفقًا لحسابات صحيفة STANDARD وجمعية Vertretungsnetz (فرترتونغسنتس) التي تُعنى بالأشخاص ذوي الإعاقات العقلية أو النفسية.
- استثناءات وانتقادات: يُستثنى من هذا التقليص حاملو جواز الإعاقة الرسمي (Behindertenpass) لمن لديهم إعاقة بنسبة 50 بالمئة أو أكثر. ومع ذلك، تجادل جمعية Vertretungsnetz بأن العديد من المصابين بأمراض نفسية ليسوا مصنّفين بهذه النسبة، لكنهم يتحملون تكاليف يومية أعلى من الأصحاء. وتُشير الجمعية إلى أن التخفيضات المخطط لها تُقوّض الحياة المستقلة وتدفع المتضررين نحو دور الرعاية.
2. مخصصات الأطفال والأسر (Kinderleistungen)
تُركز الانتقادات الموجهة للإعانة في فيينا غالبًا على الأسر الكبيرة التي تحصل على مبالغ مرتفعة. ورغم أن المدينة لم تُلغِ الإضافة الثابتة التي تُدفع مقابل كل طفل بقيمة 326.44 يورو، إلا أنها اعتمدت آليتي تقليص أخريين:
- مخصصات السكن للأطفال: خلافًا للوضع القانوني الحالي، سيتم مستقبلاً خصم حصة لتغطية نفقات السكن من مخصصات الأطفال أيضًا، مما يُقلل بدل الإيجار (Mietbeihilfe) بما يصل إلى 81.61 يورو شهريًا لكل طفل.
- علاوة الأسرة: سيتم إلغاء علاوة الأسرة (Familienzuschlag) التي كانت قد أُدخلت لمواجهة موجة التضخم، والتي كانت تبلغ 108.82 يورو شهريًا في حالة وجود كلا الوالدين.
3. المقيمون في مساكن مشتركة (Wohngemeinschaften)
لن يحصل على المستوى الأدنى الكامل للإعانة وقيمته 1209 يورو شهريًا إلا المستفيدون الذين يعيشون “بمفردهم فعليًا”.
- قواعد جديدة: سيُطبق على المقيمين في مساكن مشتركة (WG) ما يُطبق على الأزواج: سيُصرف 70 بالمئة فقط من المبلغ للفرد، أي 846 يورو، بحجة أن العيش المشترك يوفر التكاليف.
- استثناءات: يُستثنى من هذا التقليص الأمهات/الآباء العازبون، والأشخاص المقيمون في أشكال سكنية خاصة خاضعة للإشراف، مثل بيوت النساء (Frauenhäuser) والمساكن المشتركة للأشخاص ذوي الإعاقة.
4. مستحقو الحماية الفرعية (Subsidiär Schutzberechtigte)
كانت فيينا وتيرول (Tirol) هما الولايتان الوحيدتان اللتان سمحتا لهذه المجموعة، التي مُنحت الحماية في النمسا لكن دون الحصول على اللجوء (Asyl)، بزيادة دخلها من الرعاية الأساسية الفيدرالية (Grundversorgung) ليصل إلى مستوى الحد الأدنى من الدخل لضمان العيش. وكلتا الولايتين تراجعتا عن هذا القرار، لكن التأثير في فيينا هو الأكبر بكثير، حيث يعيش فيها 92 بالمئة من جميع مستحقي الحماية الفرعية في النمسا، والذين بلغ عددهم حوالي 13000 شخص العام الماضي، وفقًا لإحصائيات النمسا (Statistik Austria).
- الخسارة المالية: سيخسر المتضررون ما يقرب من ثلثي دخلهم. فبدلاً من 1209 يورو من الإعانة الاجتماعية، توفر الرعاية الأساسية لمستحقي الحماية في مساكن خاصة 425 يورو شهريًا فقط لتغطية الإيجار والمأكل، بالإضافة إلى 150 يورو كحد أقصى سنويًا كمساعدة ملبس.
- أزمة السكن: من المتوقع أن يصبح العديد من هؤلاء الأشخاص غير قادرين على تحمل تكاليف عقود إيجارهم. ورغم أن الرعاية الأساسية تتضمن الحق في الحصول على سكن مُنظَّم في حال عدم توفر خيار خاص، إلا أن الغموض يحيط بمسؤولية توفير هذه الأماكن.
- ردود الحكومة: كانت ردود بلدية فيينا مبهمة حتى الآن. حيث أشار المستشار Peter Hacker إلى تنظيم جديد على مستوى الاتحاد الأوروبي ومسؤولية الحكومة الفيدرالية. وتُفيد التقارير بوجود اجتماعات أزمة مع منظمات الإغاثة لإيجاد حل.
- انتقاد المنظمات: عبّر Lukas Gahleitner-Gertz (لوكس غاهلايتنر-غيرتس) من تنسيقية اللجوء (Asylkoordination) عن “حيرته” إزاء هذا التطور، مشيرًا إلى أنه سيضطر إلى توجيه المتضررين إلى مساعدة المشردين (Obdachlosenhilfe) اعتبارًا من العام الجديد، إذ أن مشروع القانون لا يتضمن أي فترات انتقالية تُتيح متسعًا من الوقت للبحث عن حلول.
دوافع التقليص
على عكس المقاطعات التي يقودها حزب الشعب وحزب الحرية، والتي تُجري تقليصات لأسباب أيديولوجية، فإن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في فيينا مدفوع بشكل أساسي بالضائقة المالية. وتأمل حكومة المدينة، التي تعاني من عجز في الميزانية، في تحقيق وفورات بقيمة 200 مليون يورو من خلال تقليص الإعانة الاجتماعية.



