كشف شبكة تجسس وحملة تضليل إعلامي روسية في النمسا تقودها جاسوسة بلغارية

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت النيابة العامة في فيينا عن إتمام تحقيقاتها في قضية التجسس المتعلقة بالمستشار الأمني السابق إيجيستو أوت، وفي صباح يوم الاثنين، أفادت مديرية أمن الدولة والمخابرات (DSN) بأنها كشفت عن “حملة تضليل واسعة النطاق في النمسا”، وهي الحملة التي كانت تقودها امرأة بلغارية تم اعتقالها في ديسمبر الماضي بتهمة التجسس لصالح روسيا، وقد اعترفت المتهمة بارتكابها هذه الأنشطة.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، تعد قضية التجسس التي تتورط فيها البلغارية جزءًا من سلسلة من التحقيقات والمزاعم التي تحوم حول تجسس لصالح روسيا، حيث يُعتقد أن يان مارساليك، المدير السابق لشركة “Wirecard”، الذي يُقال إنه هرب إلى روسيا، كان هو المنظم الرئيسي لهذه الأنشطة، كما يُشتبه في أن موظفين سابقين في مكتب حماية الدستور ومكافحة الإرهاب (BVT) – بما في ذلك إيجيستو أوت والمستشار الأمني السابق مارتن فايس – قد قاموا بتسريب معلومات حساسة إلى مارساليك، وقد تم الحكم على عدة مواطنين بلغاريين في لندن بتهمة التجسس لصالح روسيا، حيث يُقال إنهم كانوا يعملون بتوجيهات من مارساليك.

حملة تضليل إعلامي واسعة

وفقًا لبيان مديرية أمن الدولة والمخابرات، كانت البلغارية المعتقلة متورطة بشكل رئيسي في حملة تضليل إعلامي كانت تديرها روسيا، وكان الهدف منها هو التأثير على الرأي العام والسياسي لصالح روسيا ضد أوكرانيا، وقد تم اكتشاف هذه الحملة بعد تحليل المعلومات التي تم استخراجها من الوسائط الإلكترونية التي صودرت خلال تفتيش منزل المتهمة في ديسمبر 2024، كما أفادت التقارير الإعلامية بأن رئيس مديرية أمن الدولة والمخابرات، عمر حيجاوي-بيرشنر، ورئيسة تحرير مجلة “Profil” آنا تالهامر كانا من بين الأشخاص الذين تم مراقبتهم من قبل المتهمة.

النشاط الاستخباراتي الروسي في النمسا

أظهرت التحقيقات أن الخلية الاستخباراتية التي تعمل لصالح روسيا بدأت نشاطها بعد أسابيع قليلة من بداية الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير 2022، حيث كانت قد خططت لحملة تضليل واسعة في الدول الناطقة بالألمانية، وركزت بشكل خاص على النمسا. وكان هدف هذه الحملة هو التأثير على الرأي العام ضد أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي، وبالتالي خلق بيئة مؤيدة لروسيا في بعض الأوساط.

وقد كان الناشطون في هذه الخلية يعملون على الإنترنت من خلال نشر مواد إعلامية مضللة، إضافة إلى أنشطة ميدانية، مثل لصق الملصقات ورسم الكتابات الجدارية، وكان الهدف من هذه الأنشطة هو تقديم انطباع بأن هؤلاء الناشطين هم في الواقع نشطاء مؤيدون لأوكرانيا، باستخدام رموز يمينية متطرفة. وكان الهدف من ذلك هو تشويه صورة أوكرانيا على أنها دولة يمينية متطرفة، في توافق مع الادعاءات التي كان يروج لها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

اعترافات المتهمة ودورها في الحملة

اعترفت المتهمة بأنها كانت نشطة في هذه الخلية الاستخباراتية خلال عام 2022، وكشفت التحقيقات عن تفاصيل دقيقة لخطط الحملة الروسية بناءً على تحليلات للبيانات التي تم استخراجها من وسائط التخزين التي صودرت منها. وقد تبين أن المتهمة كانت تشغل دورًا بارزًا كحلقة وصل بين الاستخبارات الروسية والشبكات المحلية في ألمانيا والنمسا. وكانت مسؤولة عن توزيع المحتوى المضلل في هذين البلدين. كما كانت المتهمة تقوم بتوثيق أنشطتها الميدانية، ثم ترسل هذه الوثائق إلى شركاء آخرين في روسيا والمملكة المتحدة.

ردود الفعل السياسية

وفي رد فعل على هذه التطورات، صرح يورغ لايتفريد، وزير الدولة النمساوي من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، بأن انتشار المعلومات المضللة يمكن أن يقوض الثقة في المؤسسات الوطنية ويهدد تماسك المجتمع. وأضاف أن مثل هذه الحملات يمكن أن تؤثر على الانتخابات وتعزز عدم الاستقرار السياسي، مما يشكل تهديدًا للمجتمع الديمقراطي. ودعا إلى تعزيز قدرة مديرية أمن الدولة والمخابرات لمكافحة مثل هذه الأنشطة.

التحقيقات المستمرة مع إيجيستو أوت

في سياق متصل، لا تزال التحقيقات ضد إيجيستو أوت، المسؤول السابق في مكتب حماية الدستور، جارية. فقد كانت النيابة العامة في فيينا قد أحالت تقريرًا حول التهم الموجهة ضد أوت إلى وزارة العدل للنظر فيما إذا كان سيتم تقديمه للمحاكمة. ويواجه أوت اتهامات بالإساءة إلى السلطة، والتجسس لصالح دول أجنبية، وارتكاب جرائم أخرى منذ عام 2017. وقد تم اعتقاله في 29 مارس 2024، وما زال قيد الاحتجاز حتى يونيو من نفس العام. على الرغم من تبرئته في إحدى المحاكمات، إلا أن النيابة العامة استأنفت القرار، حيث كان يُتهم بالحصول على معلومات حساسة وتقديمها إلى النائب السابق في البرلمان النمساوي، هانس-يورغ جينيفين، كما كان متهمًا بتسريب قائمة بأسماء موظفي مكتب حماية الدستور. وعلى الرغم من عدم تمكن المحكمة من التحقق من المصدر الأصلي لهذه المعلومات، إلا أن القضية كانت جزءًا من سلسلة من التحقيقات المتعلقة بنشاطات أوت المشبوهة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى