لماذا يكلف نظام التعليم في النمسا مليارات ويواجه فجوات تعليمية كبيرة؟

سجل نظام التعليم في النمسا تحديات واضحة رغم استثماراته الضخمة التي تبلغ 11.99 مليار يورو سنويًا. وعلى الرغم من أن النمسا تصنف من الدول الرائدة عالميًا في الإنفاق على التعليم، إلا أن جودة التعليم لا تعكس دائمًا هذا الإنفاق الكبير، ما يثير تساؤلات حول الفجوات التعليمية وأوجه القصور في النظام.

وبحسب صحيفة kurier النمساوية، تفتقر النمسا، إلى الموارد الطبيعية، التي تعتمد على التعليم كأهم ثرواتها، مع إنفاق سنوي يبلغ 10,447 يورو لكل تلميذ، وهو من أعلى المعدلات حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). كما أن جهود العديد من المعلمين الذين يكرسون أنفسهم بحماس لتعليم الطلاب تستحق الثناء، رغم أن الإعلام يركز أحيانًا على قصص سلبية عن بعض المعلمين غير الراضين عن وظائفهم.

وفي جانب إيجابي، يبرز نظام التعليم المهني، خاصة نظام التعليم المزدوج (التدريب المهني بالتوازي مع الدراسة)، كنموذج يحتذى به دوليًا. كما تتميز المدارس المهنية المتوسطة والعليا مثل الأكاديميات التجارية ومدارس التعليم التقني في النمسا بجودة عالية تؤهل الطلاب جيدًا لسوق العمل، وهو ما يظهر جليًا من خلال الإنجازات في مسابقات WorldSkills العالمية، حيث فاز المتدربون النمساويون بعدة ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في عام 2024.

أيضًا تُعد مجانية التعليم في بعض الولايات، حتى في مرحلة رياض الأطفال، من عوامل تمكين الصعود الاجتماعي. حيث يذهب 97% من الأطفال الخمسة أعوام إلى رياض الأطفال، وهو معدل مرتفع مقارنة بالدول الأخرى. إضافة إلى ذلك، يضم النظام العديد من المدارس الصغيرة التي تُكلف الكثير لكنها تخدم المناطق الريفية بشكل جيد. ويبلغ متوسط عدد الطلاب لكل معلم في المدرسة الابتدائية 12.7 وفي المرحلة الثانوية الأولى 8 طلاب، وهو أقل من متوسط منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما أن رواتب المعلمين تُصنف بين الأعلى عالميًا، ويصل عدد الحاصلين على الشهادة الثانوية إلى 90%.

ولكن ورغم هذه الإيجابيات، تشير التقارير إلى وجود ثغرات كبيرة تؤثر على جودة التعليم، أهمها ارتفاع نسبة الطلاب الذين يتركون المدرسة بدون اكتساب مهارات أساسية. وفقًا لاختبارات دولية مثل PISA وPIRLS وTIMSS، تقع النمسا في مرتبة متوسطة، مع تراجع في مهارات القراءة والرياضيات، ووجود 29% من البالغين يعانون من مشاكل في القراءة حسب تقييم PIAAC.

تنعكس هذه الفجوات على حياة الأفراد الذين يعانون من الفقر والبطالة، ويحتاجون لدعم الدولة، بالإضافة إلى آثار سلبية على الاقتصاد بسبب نقص الكفاءات.

وقد رصد تقرير صحيفة kurier عدة نقاط ضعف في مراحل التعليم المختلفة:

  • من 0 إلى 3 سنوات: عدم وجود دعم مستمر للأسر، كما هو الحال في فنلندا، رغم أهمية هذه المرحلة في التعلم المبكر.
  • رياض الأطفال: نقص الموارد والكادر المختص مقارنة بالمدارس، وضعف الرقابة على جودة المؤسسات.
  • الهجرة: ارتفاع عدد الأطفال ذوي اللغة الأم غير الألمانية، وعدم كفاية التركيز على تعلم اللغة الألمانية والمهارات الأساسية.
  • المرحلة الابتدائية: تفاوت كبير في مستويات الأطفال عند الالتحاق بالمدرسة يصعب التعامل معه من قبل معلم واحد.
  • الانضباط: تزايد صعوبة تطبيق القوانين داخل الصفوف، مما يؤثر على جودة التعلم.
  • قرار التخصص المبكر في عمر 10 سنوات: يخلق تفاوتات تعليمية مبكرة تؤثر على فرص الطلاب.
  • المدارس المتوسطة: على الرغم من التكلفة العالية بسبب نظام التدريس المزدوج، فإن النتائج غير مرضية.
  • المدارس النهارية: غياب المدارس النهارية الجيدة يحد من إمكانية معالجة النواقص التعليمية.
  • مدارس البوليتكنيك: بعض المدارس تحولت إلى خيارات أقل جذبًا، مما يضع الخريجين في وضع صعب في سوق العمل.
  • المدارس الثانوية: التوجه الكبير نحو الالتحاق بالمدارس الثانوية العامة يزيد من تفاوت القدرات داخل الصفوف.
  • إدارة المدارس: ضعف تحضير المديرين واعتماد التعيينات على الولاءات الحزبية أكثر من الكفاءة.
  • تدريب المعلمين: قيد إعادة الهيكلة بسبب بعده عن الجانب العملي، مع ارتفاع معدل ترك المعلمين الجدد للعمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى