مدن نمساوية تتسابق نحو تهدئة المرور عبر تعديل قانون السير

شهدت خطط تهدف إلى تهدئة حركة المرور في مراكز المدن النمساوية اهتمامًا واسعًا من قِبل العديد من البلديات، بعدما أعلن وزير النقل Peter Hanke (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPÖ) يوم الأحد، عن إرسال تعديل مقترح لقانون المرور (Straßenverkehrsordnung – StVO) إلى تنسيق الحكومة، يهدف إلى تمكين نظام آلي قائم على الكاميرات لإدارة الدخول إلى المناطق الداخلية للمدن، وذلك لتحسين جودة الحياة وتقليل الازدحام.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أوضح الوزير أن هذه التعديلات ستوفّر الإطار القانوني اللازم لتطبيق نظام رقابة آلي على مداخل المدن، على أن تتولى البلديات مسؤولية التنفيذ العملي بناءً على ظروفها الخاصة. ومن المخطط أن يدخل التعديل حيّز التنفيذ في الأول من يناير/كانون الثاني 2026.

اهتمام واسع من المدن الكبرى والصغرى

وأظهرت قائمة نُشرت يوم الإثنين على موقع Oe24 أن العديد من العواصم الإقليمية مثل Graz، Linz، Salzburg، St. Pölten، وBregenz أعربت عن اهتمامها بالمبادرة، إلى جانب مدينة Innsbruck التي رأت فيها خطوة إيجابية، حسبما نُشر على موقع tirol.ORF.at.

كما أبدى عدد من البلديات الأخرى رغبتها في تبنّي الإجراءات، بما في ذلك في ولاية Niederösterreich، حيث عبّر رؤساء بلديات St. Pölten وKrems عن استعدادهم لذلك.

في Oberösterreich، ذُكرت بلدات Leonding، Traun، Braunau، وRied im Innkreis. وفي Steiermark، أبدت مدن Liezen، Leoben، Voitsberg، Bruck an der Mur وMurau اهتمامًا مشابهًا. أما في Vorarlberg، فقد ورد اسم Lustenau، وفي Kärnten كانت Villach وWolfsberg من المهتمين، حسب kaernten.ORF.at.

فيينا كانت سبّاقة في المطالبة بالتعديل

تُعد العاصمة Wien من أبرز المدن التي ضغطت في السنوات الأخيرة من أجل سنّ إطار قانوني يحترم خصوصية البيانات، يمكن من خلاله فرض قيود على الدخول إلى الحي الأول. وقد رحب المسؤولون في فيينا بالتعديل المرتقب بشكل واسع.

وصرّح الوزير Hanke قائلاً: «نحن من خلال هذا التعديل نُنفذ بصرامة ما ورد في البرنامج الحكومي، ونمنح البلديات الوسائل اللازمة لإنشاء مناطق هادئة مروريًا بشكل أكثر فعالية»، مضيفًا أن الهدف هو «رفع جودة الحياة والإقامة في المجتمعات المحلية، وخلق مساحة أكبر للعيش».

آليات التطبيق تحتاج إلى وقت

رغم الحماسة السياسية، فإن تنفيذ المشروع سيستغرق وقتًا، كما أوضحت Ulli Sima، مستشارة شؤون النقل في بلدية Wien وزميلة Hanke في الحزب. وفي تصريح لصحيفة Kurier، أشارت إلى أن التطبيق العملي سيتطلب حوالي عامين، لأن المناقصة الأوروبية لن تبدأ إلا بعد دخول التعديل حيز التنفيذ في بداية عام 2026، يليها إنتاج المعدات من قبل الشركة الفائزة، إلى جانب التحضيرات العمرانية التي ستباشر بها البلدية بالتوازي.

هذا الرأي دعمه أيضًا خبير تخطيط النقل Günter Emberger من TU Wien، الذي قال في برنامج Ö1-Mittagsjournal إن الخطوة تأخرت كثيرًا من الناحية التخطيطية، لكنها تحتاج فعلاً إلى وقت.

آراء متباينة حول التأثير الاقتصادي

لاقى المشروع ترحيبًا من رئيس بلدية Wien ورئيس رابطة المدن النمساوية Michael Ludwig (SPÖ)، الذي صرّح مع الوزير Hanke في بيان مشترك: «يسرني بشكل خاص أن يصبح الحي الأول الهادئ مروريًا حقيقة بعد سنوات من الجهود»، مضيفًا: «بإدخال نظام دخول إلكتروني وفقًا للمعايير الأوروبية، نخلق مركز مدينة يتيح مزيدًا من المساحات الخضراء، والتبريد، ومسارات للمشاة والدراجات، وأماكن إقامة جذابة».

بدورها، أشادت NEOS، الشريكة الائتلافية للحزب الاشتراكي في فيينا، بالمشروع، حيث قالت رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب في Wien Selma Arapovic: «منذ بدء التحالف مع SPÖ، طالبنا بمنطقة هادئة في الحي الأول، وهذا التعديل يمنح أخيرًا الإطار القانوني اللازم».

في المقابل، أبدت أحزاب المعارضة، خاصة ÖVP وFPÖ، مخاوفها من انعكاسات المشروع على الاقتصاد المحلي في مركز المدينة. وقال رئيس فرع ÖVP في Wien Karl Mahrer إن المشروع يجب أن يُنفذ بتعاون بنّاء بين السكان وأصحاب الأعمال والزوار، مؤكدًا أن تخفيف حركة المرور لا يجب أن يكون على حساب المصالح الاقتصادية.

أما حزب Die Grünen فانتقد التأخير في التطبيق بحجة انتظار الكاميرات، واعتبرها مجرد مناورة انتخابية، قائلًا على لسان المتحدث باسم شؤون التنقل Kilian Stark: «كان يمكن تنفيذ التهدئة المرورية في الحي الأول منذ زمن بعيد».

من جانبه، هاجم رئيس حزب FPÖ في Wien Dominik Nepp المشروع بشدة، واصفًا إياه بأنه «هجوم على أصحاب الأعمال»، وأضاف أن الأشخاص المسنين وذوي القدرة الحركية المحدودة سيُحرمون من زيارة مركز المدينة، معتبرًا الأمر بمثابة «حظر للسيارات»، ومحذرًا من أن الأحياء المجاورة ستغدو مكتظة بالسيارات.

في المقابل، دافع رئيس غرفة التجارة في Wien Walter Ruck عن المشروع، معتبرًا أن جودة الإقامة المحسّنة وسهولة الوصول سيرًا على الأقدام ستفيد السكان والشركات على حد سواء. وأكد أن المساحات السطحية التي سيتم تحريرها ينبغي أن تُستخدم لوقوف السيارات القصير الأجل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى