مصادر أمنية: الإخوان يخترقون مؤسسات حكومية في النمسا

فييناINFOGRAT:

كشفت مصادر أمنية مطلعة في فيينا أن جماعة الإخوان المسلمين تمكنت من التغلغل مجدداً داخل المؤسسات والدوائر الحكومية في النمسا، بعد فضح أنشطتها سابقاً في ألمانيا، ما دفع الحكومة النمساوية إلى تشكيل مركز خاص لمراقبة ما وصفته بـ”الإسلام الراديكالي”، بهدف تعقب بؤر النفوذ المشبوهة واحتوائها. وأكدت المصادر أن الأجهزة الأمنية، بالتعاون مع أطراف سياسية محسوبة على التيار اليميني، رصدت نشاط عدد من المنتسبين إلى الجماعة خلال شغلهم مناصب داخل الجهاز الإداري للدولة.

وأوضحت المصادر أن هذه التطورات كشفت جانباً من المخططات السرية للإخوان وأنشطتهم في قلب أوروبا، بما يشكل تهديداً مباشراً لأمن المجتمع النمساوي، خصوصاً عبر محاولات “غسل أدمغة” الأطفال من أبناء الجاليات العربية والإسلامية، واستخدام الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني واجهة لإعادة إنتاج نفوذ الجماعة.

وذكرت أن بعض هذه الجمعيات تمارس أنشطة مرخصة على الورق، لكنها تغير برامجها بشكل سري دون إخطار الجهات المختصة، في مخالفة للإجراءات القانونية. كما ثبت أن عناصر إخوانية كانت تدير جمعيات في ألمانيا قبل إيقافها، لتنتقل لاحقاً إلى النمسا حيث استأنفت عملها تحت واجهات تعليمية أو ثقافية أو تنموية.

وأضافت المصادر أن الأجهزة الأمنية وقفت على شكاوى من أحزاب ومؤسسات نمساوية تتهم تلك الجمعيات بتقديم أفكار متشددة للأطفال والشباب من أبناء الجاليات الإسلامية، ما يعزز فرص توغل الجماعة في النسيج الاجتماعي. وتابعت أن بعض العناصر غير المعروفة على نطاق واسع في مشهد “الإسلام السياسي” استغلوا ضعف الرقابة القانونية لتأسيس مراكز تعليمية موجهة للصغار دون مراجعة المناهج التي يدرسونها.

وكشفت أن هذه الأنشطة انتقلت مؤخراً من ألمانيا إلى النمسا بعد أن أغلقت السلطات الألمانية جمعيات إخوانية كانت تقدم دورات لصغار السن في ولايات مثل شمال الراين، وقد ثبت أنها تسهم في تنمية مشاعر الكراهية بين الأجيال الجديدة.

وفي هذا السياق، أكدت المصادر الأوروبية أن النمسا تمضي بخطوات متسارعة في تأسيس مركز متخصص لتوثيق ومراقبة أنشطة “الإسلام السياسي”، مع تركيز خاص على جماعة الإخوان المسلمين. وأشارت إلى أن المركز سيضطلع بمهام بحثية وتنسيقية، من بينها رسم خرائط للشبكات، وتقديم الأدلة، وإسداء المشورة للسلطات حول خطوات مثل إغلاق الجمعيات أو حظر التمويل.

غير أن المصادر شددت على أن هذا المركز، رغم أهميته، لا يمكنه بمفرده تفكيك تنظيم عابر للحدود مثل جماعة الإخوان، إذ يتطلب ذلك تعاوناً بين الشرطة والاستخبارات، إلى جانب التحقيقات المالية والدعم الدولي.

مصدر دبلوماسي سابق في البرلمان الأوروبي اعتبر أن المركز أداة ضرورية لكشف الأنشطة وتقديم المبررات السياسية والإدارية ضد الجماعة، لكنه غير كافٍ وحده، موضحاً أن تفكيك شبكة متجذرة يحتاج إلى إجراءات قانونية دقيقة، وصلاحيات موسعة، وتنسيق مع شركاء أوروبيين.

من جانبه، أوضح خطيب مسجد عمل متطوعاً لعشر سنوات في فيينا أن الحملة ضد الإخوان ليست جديدة، حيث سبق أن شهدت النمسا منذ أكثر من عامين اعتقالات ومصادرة أموال مرتبطة بالجماعة. لكنه أضاف أن طبيعة النظام القضائي حالت دون المضي قدماً في محاكمات مباشرة وواسعة، ما أتاح للتنظيم إعادة نشاطه.

وأشار الخطيب إلى أن الجماعة استغلت موجات الهجرة الأخيرة لاستقطاب عناصر جديدة من بين المهاجرين غير المتعلمين، عبر خطاب دعوي يغلف أنشطتها، ما جعلهم تحت مجهر الأجهزة الأمنية.

بدوره، رأى الباحث التركي المقيم في فيينا محمد علي ديمير أن القوانين النمساوية غير فعالة في الحد من نشاط الإخوان، كما أن الدولة عاجزة عن قطع قنوات التمويل المالي للجماعة. ولفت إلى استمرار تدفق الأموال نحو الإخوان وجماعات متطرفة في تركيا، مع ضعف الرقابة على ما يسمى بـ”المساجد غير الرسمية” ودروس نهاية الأسبوع للأطفال.

وأضاف ديمير أن قانون الإسلام في النمسا يعاني ثغرات، حيث لا يراعي التعددية المذهبية، ويُستغل من بعض الجماعات المتشددة لتوسيع نفوذها، في وقت يضعف فيه حماية الهوية الدينية المستقلة للطوائف الأخرى.

ويذكر أن “مركز توثيق الإسلام السياسي” (DPI) أُسس عام 2020 كهيئة ممولة من الدولة، ويهدف إلى دراسة وتوثيق مظاهر التطرف السياسي ذي الدوافع الدينية. وقد برز اسمه من خلال مشروع “خريطة الإسلام” الذي أثار جدلاً واسعاً في النمسا، حيث انتُقد بسبب قضايا تتعلق بالاستقلالية العلمية وحماية البيانات، مع استمرار الجدل حول دوره بين من يراه أداة ضرورية لمكافحة التطرف، ومن يتهمه بتعميم الاتهامات على عموم المسلمين.

مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى