مقال: إيران وهيمنتها على العراق ودور أحمد الشرع في تحرير سوريا

لم تكتفِ إيران بفرض سيطرتها على سوريا عبر دعم نظام الأسد وقمع الثورة الشعبية، بل أحكمت قبضتها أيضًا على العراق، محوّلةً إياه إلى مستعمرة تتحكم في قراراته السياسية والاقتصادية والعسكرية. منذ عام 2003، أصبح العراق ساحة نفوذ إيراني مباشر، حيث زرعت طهران ميليشياتها في كل مفاصل الدولة، مستخدمةً أدواتها لضمان سيطرتها المطلقة على بغداد، تمامًا كما فعلت في دمشق.

وسيم محمد مطاوع
سوري مقيم في فيينا

نوري المالكي.. من تاجر ملابس إلى ذراع إيرانية في العراق

تحوَّل نوري المالكي، الذي كان يعمل بائعًا للملابس الداخلية (“كلاسين”) في سوق السيدة زينب بدمشق، إلى رئيس وزراء العراق، ليصبح واحدًا من أهم رجال إيران في المنطقة. لم يكن المالكي قائدًا عراقيًا بقدر ما كان منفِّذًا للسياسات الإيرانية، حيث استغل منصبه لترسيخ هيمنة طهران عبر:

  • تصفية معارضيه السياسيين
  • فتح أبواب العراق أمام الحرس الثوري الإيراني
  • تسهيل تأسيس ميليشيات طائفية، أصبحت لاحقًا الذراع العسكرية لإيران في العراق والمنطقة

خلال فترة حكمه، تعرض العراق لموجات قمع طائفي غير مسبوقة، وتفككت مؤسسات الدولة لصالح نفوذ الميليشيات، مما جعل العراق تابعًا ذليلًا للحرس الثوري الإيراني. لم تُدار سياسته من بغداد، بل من قم وطهران.

إيران في سوريا.. معركة للحفاظ على النفوذ

في سوريا، لم تكن إيران تقاتل لحماية الأسد، بل للحفاظ على وجودها الاستراتيجي. فقد كان نظام الأسد مجرد أداة لتنفيذ مشروعها الطائفي، ولذلك دفعت بآلاف المرتزقة من العراق ولبنان وأفغانستان وإيران للقتال إلى جانبه. ومع ذلك، فإن سقوط الأسد لم يكن مجرد حدث سياسي، بل كان انهيارًا لاستراتيجية إيران في المنطقة.

هروب الأسد كشف زيف الدعاية الإيرانية التي روجت لها طهران لعقود. كان تحرير دمشق بمثابة إعلان لنهاية حقبة النفوذ الإيراني في سوريا.

أحمد الشرع.. رمز تحرير سوريا من الاحتلال الإيراني

وسط هذا المشهد، برز أحمد الشرع كقائد للمرحلة، حيث لم يكن مجرد شخصية سياسية، بل رمزًا لتحرير سوريا من الهيمنة الإيرانية. لم تكن إيران تخشى سقوط الأسد بحد ذاته، بقدر ما كانت تخشى فقدان موقعها الاستراتيجي في سوريا، الذي يربط نفوذها من طهران إلى بيروت عبر بغداد ودمشق.

لذلك، دفعت بكل ثقلها العسكري والمالي للحفاظ على وجودها، لكنها فشلت في النهاية. سقوط الأسد لم يكن مجرد نهاية لحاكم مستبد، بل كان انهيارًا لمشروع إيراني استمر لعقود، يعتمد على استخدام الأنظمة العميلة لضمان تمدده في المنطقة.

الميليشيات الإيرانية في الساحل السوري.. محاولات يائسة لإشعال الفوضى

لم تستسلم إيران بسهولة. في الساحل السوري، ما زالت فلول النظام السابق إلى جانب الميليشيات الإيرانية والعراقية ومرتزقة حزب الله تحاول استغلال الفراغ السياسي لإثارة الفوضى.

  • حرَّضت طهران بعض العلويين ضد الحكومة الجديدة، مستخدمة خطابًا طائفيًا لإقناعهم بأن مستقبلهم في خطر.
  • المرتزقة الذين جلبتهم إيران من العراق ولبنان وأفغانستان لا يزالون يحاولون نشر الفوضى عبر تخويف السكان بأن سقوط الأسد هو تهديد لوجودهم، وليس تحريرًا من الاستبداد.
  • الميليشيات الإيرانية لم تغادر الساحل السوري بالكامل، بل تسللت إلى بعض المناطق وحاولت زرع الشكوك والانقسامات بين السكان، مستغلة عقودًا من الخوف الذي زرعه نظام الأسد.

في المقابل، بدأ السوريون في إعادة بناء دولتهم على أسس وطنية، بينما كانت إيران تراهن على إشعال حرب أهلية جديدة تُبقيها داخل سوريا، حتى لو كان ذلك على حساب العلويين أنفسهم.

العراق وسوريا.. مساران مختلفان في مواجهة الهيمنة الإيرانية

اليوم، الفرق بين السوريين والعراقيين واضح:

  • السوريون أسقطوا النظام الذي كان أداة إيرانية، وقرروا استعادة بلدهم من الاحتلال الإيراني.
  • العراقيون لا يزالون أسرى لحكم الميليشيات، حيث تتحكم إيران في قرارات بلادهم السياسية والاقتصادية.

منذ عام 2003، لم تكن الحكومات العراقية المتعاقبة سوى واجهات لإيران، ولم يكن القادة الذين وصلوا إلى السلطة سوى دمى تحركها طهران.

كل من يحاول الخروج من قبضة إيران في العراق يتم تصفيته أو قمعه عبر ميليشيات الحشد الشعبي وأدواتها الأمنية. لا يزال العراقيون رهائن للميليشيات الإيرانية، التي استباحت بلادهم ونهبت ثرواتهم.

هل ينتفض العراق كما فعلت سوريا؟

اليوم، يعاني العراق من الفساد والتبعية والفشل السياسي، لأن قراره ليس بيده، بينما بدأت سوريا تتحرر من حكم الأسد ومن الهيمنة الإيرانية.رغم كل محاولات طهران للعودة إلى سوريا عبر عملائها ومرتزقتها، فإن إيران خسرت معركتها هناك. أما في العراق، فلا يزال مشروعها مستمرًا، ما لم يقرر العراقيون استعادة بلادهم من الاحتلال الإيراني كما فعل السوريون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى