من يدفع الثمن؟ قرار المحكمة الدستورية النمساوية يُلزم برد إيجارات عقود تصل لـ30 سنة

ألغت المحكمة الدستورية النمساوية (VfGH)، يوم الجمعة، الزيادات التلقائية في الإيجارات المعتمدة على بنود “تثبيت القيمة”، معتبرًا إياها غير صالحة في عدد كبير من الحالات، ما يفتح المجال لآلاف المستأجرين للمطالبة برد الأموال المدفوعة خلال السنوات الثلاثين الماضية، بحسب صحيفة Heute النمساوية.

المحكمة الدستورية تقلب موازين سوق الإيجارات في النمسا

في قرار يحمل أبعادًا قانونية واقتصادية كبيرة، أعلن المحكمة الدستورية في النمسا (VfGH) أن العديد من بنود تعديل الإيجارات تلقائيًا المدرجة في العقود بين الشركات والمستهلكين، قد تكون باطلة، لا سيما إذا لم تتضمن تنبيهًا صريحًا بعدم سريان هذه البنود خلال أول شهرين بعد توقيع العقد.

ورغم أن القرار جاء في صيغة فنية ضمن 42 صفحة، فإنه قد يؤدي إلى إلغاء مئات الآلاف من زيادات الإيجار التي طُبقت على مدى العقود الثلاثة الماضية، كما أكد خبراء قانونيون.

خلفية قانونية: حماية المستهلكين أم تهديد للاستقرار العقاري؟

القرار يستند إلى بند في قانون حماية المستهلك (KSchG) يمنع الشركات من فرض تعويضات أعلى مما تم الاتفاق عليه خلال أول شهرين من التوقيع، ما لم يتم التفاوض على هذه الزيادات بشكل فردي.

وقد طُبّق هذا المبدأ في السابق على عقود قصيرة الأجل، مثل شراء المطابخ أو السيارات بنظام التأجير، لكن في عام 2023، تم توسيع تفسيره ليشمل أيضًا عقود الإيجار طويلة الأجل.

والأثر القانوني للقرار واضح:

  • إذا احتوى عقد الإيجار على بند لتعديل الإيجار تلقائيًا (Wertsicherungsklausel)،
  • ولم يُذكر فيه بشكل واضح أن هذا البند لا يسري خلال أول شهرين من توقيع العقد،
  • فإن هذا البند يُعد باطلًا بأثر رجعي.

من المتضرر؟ مئات الآلاف من العقود مهددة بالبطلان

تأكيدًا على خطورة الأمر، أوضح أحد كبار القانونيين أن أغلب العقود الحالية لا تحتوي على التنبيه الإلزامي الخاص بالشهرين الأولين، مما يجعلها عرضة للإلغاء بأثر رجعي. ويُعتقد أن مئات الآلاف من العقود قد تتأثر.

كما أن العقبات القانونية أمام المالكين لإلغاء العقود شبه مستحيلة، ما يجعلهم ملتزمين بتقديم الخدمات نفسها، مقابل إيرادات تتناقص فعليًا بمرور الزمن، في ظل ارتفاع تكاليف الصيانة والتضخم.

التأثير المالي: هل تبدأ موجة من المطالبات؟

قد يتمكن المستأجرون من المطالبة باسترداد مبالغ عن الزيادات التي دُفعت سابقًا بموجب هذه البنود الباطلة. ولكن يبقى السؤال القانوني مفتوحًا: هل تسري مدة التقادم ثلاث سنوات فقط، أم تمتد إلى ثلاثين سنة؟ وهو ما لم يُحسم بعد أمام المحاكم.

في الوقت نفسه، من غير المستبعد أن يتم مراجعة أو تعديل هذه الأحكام مستقبلًا مع اتضاح آثارها الواسعة على السوق العقارية.

عقود الإيجار القديمة: سلاح ذو حدين

المستفيدون الرئيسيون من هذا الحكم هم المستأجرون الذين أبرموا عقودًا مع مؤجرين تجاريين (شركات) وليس مع أشخاص طبيعيين (أفراد)، وتحديدًا في العقود التي تتضمن بنود تثبيت القيمة دون الإشارة إلى فترة الشهرين المحمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى