موجة حرّ غير مسبوقة تضرب النمسا وتخلّف آثارًا بيئية مدمرة بعد ارتفاع تاريخي في درجات الحرارة

شهدت النمسا خلال شهر يونيو الماضي موجة حرّ شديدة وجفافًا ملحوظًا، بلغت ذروتها يوم الخميس مع تسجيل درجات حرارة وصلت إلى 38 درجة مئوية، ما خلّف تأثيرات بالغة على البشر والحيوانات والبيئة. وكشفت دراسات صادرة عن مركز فيغنر بجامعة غراتس (Wegener Center der Uni Graz) أن موجات الحرارة القصوى قد تضاعفت ثماني مرات خلال العقود الأربعة الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أثّرت درجات الحرارة المرتفعة والجفاف الحاد سلبًا على الأنهار والبحيرات في البلاد، فقد جف نهر Mattig في ولاية النمسا العليا بالكامل، كما اختفى ممره المغذي لنهر Inn عند بلدة Mattighofen. وانخفضت مستويات المياه في أنهار Traun وEnns وDonau إلى مستويات Niederwasser (مياه منخفضة).

وفي حال عدم هطول كميات كبيرة من الأمطار في القريب العاجل، قد تفقد البحيرات الكبرى في منطقة Salzkammergut كميات كبيرة من مياهها، حسبما صرّح به Stefan Kaineder، المستشار البيئي في ولاية Oberösterreich عن حزب الخضر.

الجفاف، مقترنًا بدرجات حرارة عالية، يؤدّي إلى ازدهار الطحالب ونقص الأوكسجين في المياه، كما تزداد تركيزات المغذّيات القادمة من محطات المعالجة، ما يهدد الحياة السمكية ويؤثر سلبًا على جودة المياه في أماكن السباحة.

حرائق في الحقول والغابات بسبب الجفاف

امتدت تداعيات موجة الحرّ إلى الزراعة، حيث اندلعت حرائق متكررة في الحقول الزراعية، مثل ما حصل في Trausdorf بولاية Burgenland يوم الأربعاء، إضافة إلى حرائق في ولايتي النمسا العليا وتحديدًا في Oepping وSteinhaus أثناء أعمال الحصاد الزراعي.

وفي Steiermark، بلغت خطورة حرائق الغابات مستويات قصوى. ففي منطقة Ganzalm التابعة لبلدة Bruck-Mürzzuschlag، عمل نحو 50 عنصرًا من رجال الإطفاء على مكافحة النيران. كما اندلع حريق غابات آخر بين منطقتي Gußwerk وWildalpen. ونتيجة للحرارة والرياح، أصبحت التربة في تلك المناطق جافة تمامًا.

العناية بالأشجار الفتيّة في فيينا

في العاصمة فيينا، تُبذل جهود خاصة لحماية الأشجار الشابة، حيث تُسقى يدويًا مرة واحدة أسبوعيًا، ويُستخدم ما يقارب 25,000 كيس ريّ داكن أخضر، سعة كل واحد منها 75 لترًا، لتوفير الماء مباشرة لجذور الأشجار في مختلف أنحاء المدينة.

ثمانية أضعاف لموجات الحرّ القصوى خلال أربعة عقود

أشار مركز Wegener Center إلى أن درجات الحرارة التي تتجاوز 35 أو حتى 38 درجة مئوية كانت نادرة للغاية في الماضي، لكنها باتت واقعًا ملموسًا. وتُظهر المقارنات أن عدد أيام الحرارة القصوى في النمسا تضاعف ثماني مرات منذ بداية تسجيلات الطقس الحديثة.

الفيضانات والانهيارات الأرضية من تبعات تغير المناخ

إلى جانب موجات الحر، أشارت عالمة المخاطر الطبيعية Margreth Keiler إلى أن الانهيارات الأرضية (Murenabgänge) التي تسببت بها الأمطار الغزيرة مؤخرًا، تمثل أيضًا إحدى التبعات الواضحة لتغير المناخ. وأضافت أن المستقبل قد يحمل طقسًا أكثر تطرفًا، مما يفرض إعادة تقييم البنى التحتية القائمة وتحديد أولويات التخطيط العمراني بطريقة أكثر دقة وحذرًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى