نتائج محسومة تضعف المشاركة: ثلث الناخبين قاطعوا انتخابات فيينا 2020 والتوقعات تشير لاستمرار الاتجاه في 2025
4o
فيينا – INFOGRAT:
قبل موعد انتخابات مجلس بلدية فيينا (Gemeinderatswahl) المقرر في 27 أبريل، تشير التوقعات إلى تراجع محتمل في نسبة المشاركة، رغم أن نحو 1.4 مليون شخص يحق لهم التصويت، ويعود ذلك، بحسب المحلل السياسي بيتر فيلتسماير (Peter Filzmaier)، إلى عاملين أساسيين: الشعور بعدم تمثيل الأحزاب السياسية الحالية لهم، وتوقعات بنتائج محسومة سلفًا، خصوصًا تفوق الحزب الاشتراكي النمساوي (SPÖ) الذي يُعتبر القوة المهيمنة تقليديًا في المدينة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، في الانتخابات البلدية السابقة عام 2020، امتنع نحو 34,7% من الناخبين عن التصويت، أي ما يقارب ثلث القاعدة الانتخابية، وبحسب فيلتسماير، فإن الدافع الأساسي وراء ذلك ليس نقص المعلومات، بل الاستياء من جميع الأحزاب السياسية والمرشحين، ما يدفع العديد من المواطنين إلى الامتناع عن التصويت كنوع من الاحتجاج الصامت.
“النتائج المتوقعة” تدفع الناخبين لعدم الاكتراث
يُشير فيلتسماير إلى أن أحد الأسباب الخاصة بانخفاض نسبة الإقبال في فيينا هو “النتيجة المتوقعة”، حيث يرى العديد من المواطنين أن تفوّق حزب SPÖ أمر محسوم، ما يولد شعورًا بأن الصوت الفردي لا يُحدث فرقًا، خصوصًا في ظل غياب سباق انتخابي متقارب أو تنافسي حقيقي، وأضاف: “تميل نسبة المشاركة إلى الانخفاض عندما لا يُتوقع وجود سباق متقارب على الأصوات”.
إهمال التعليم السياسي وتأخر المعالجة
وانتقد فيلتسماير تعامل الأحزاب السياسية مع هذا الإشكال، حيث لا يتم التركيز على رفع نسبة المشاركة إلا في الأسابيع الأخيرة قبيل الانتخابات، وقال: “ثم يذرفون دموع التماسيح بعد ذلك، لكن القرار الحقيقي يُتخذ في السنوات الخمس بين انتخابات وأخرى”، وأضاف أن الأحزاب تميل في حملاتها إلى تعبئة قواعدها فقط بدلاً من العمل على تعزيز الوعي والتعليم السياسي على المدى البعيد، وهو ما يؤدي إلى عزوف واسع النطاق عن العملية السياسية برمتها.
مثال من الواقع: “Hermine-Fiala-Hof” في حي “Favoriten”
من الأمثلة الصارخة على تدني نسبة التصويت، ما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2024، حيث سجلت منطقة “Hermine-Fiala-Hof” في حي “Favoriten” مشاركة ضعيفة للغاية، من بين 804 شخصًا يحق لهم التصويت، لم يشارك سوى 321، أي بنسبة 39,93% فقط.
رغم هذا، كانت نتائج حزب SPÖ في تلك الدائرة الأعلى في المدينة، حيث حصد 57,5% من الأصوات، تلته حزب FPÖ بنسبة حوالي 17%، ثم حزب ÖVP بنسبة 8,4%، تلاه Liste Gaza بنسبة 8,1%، وأخيرًا حزب NEOS بنسبة 5%.
المشهد السياسي في “Favoriten”: هيمنة تقليدية تتآكل
لطالما اعتُبر حي “Favoriten” معقلًا تقليديًا للطبقة العاملة، حيث كانت هيمنة الحزب الاشتراكي النمساوي (SPÖ) شبه مطلقة. لكن فيلتسماير أوضح أن هذه الهيمنة بدأت تتآكل، قائلاً: “لم يعد حزب SPÖ حزب العمال المحتكر للصوت العمالي.” وأضاف أن الحزب لا يزال يحظى بدعم قوي من فئة المتقاعدين، لكن حزب الحرية (FPÖ) بات يمثل الخيار الأهم لناخبي الاحتجاج الذين يشعرون بعدم الانتماء أو الاستبعاد من النظام السياسي السائد.
الإحساس بعدم التأثير يُضعف الديمقراطية
في ختام تحليله، شدد فيلتسماير على أن الأحزاب بحاجة إلى بذل جهود أكبر لإيصال رسالة مفادها أن “كل صوت يُحدث فرقًا”. وقال: “عندما تبدو السياسة بجميع ألوانها بعيدة عن الناس، يقول البعض ببساطة: إذًا لن أذهب للتصويت.” وأضاف أن تعزيز الديمقراطية لا يتحقق إلا بإشراك الجميع على المدى الطويل، لا فقط عند اقتراب مواعيد الانتخابات.



