وزارة العدل النمساوية تنتقد مشروع حظر الحجاب الجديد وتشكك في “دستوريته” للمرة الثانية
انضمت وزارة العدل النمساوية إلى قائمة الجهات المنتقدة لمشروع قانون جديد يهدف إلى حظر ارتداء الحجاب على الفتيات حتى الصف الثامن (أي حتى سن 14 عاماً)، مُشيرة إلى أن الصياغة الحالية للقانون قد تجعله عرضة للإلغاء من قبل المحكمة الدستورية العليا، تماماً كما حدث مع القانون السابق في عام 2020، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
وتأتي انتقادات الوزارة الجديدة، التي وردت في بيانها الرسمي، إلى جانب اعتراضات سابقة من ممثلي الجالية الإسلامية والنقابات المعنية بالمعلمين، حيث كانت المحكمة الدستورية العليا (VfGH) قد ألغت في عام 2020 حظراً سابقاً أقره ائتلاف حزب الشعب (ÖVP) وحزب الحرية (FPÖ)، مبررة ذلك بأن استهداف اللوائح للمسلمين فقط يتعارض مع مبدأ الحياد الديني للدولة.
الوزارة تطالب بصياغة محايدة
أكدت وزارة العدل على ضرورة تبني صياغة “محايدة جنسانياً ودينياً” في مشروع القانون، بحيث لا يستهدف بشكل حصري الحجاب الإسلامي. وحذرت الوزارة من أنه “خلافاً لذلك، فإن المشروع يتعرض مرة أخرى لخطر السقوط بسبب مبدأ المساواة” المنصوص عليه في المادة السابعة من القانون الدستوري الاتحادي (Art. 7 B-VG).
وعلى الرغم من محاولة المشروع الجديد تلافي المخاوف التي أثارتها المحكمة الدستورية في عام 2020، عبر ربط حظر الحجاب بكونه “تعبيرًا عن واجب سلوكي قائم على الشرف” (ehrkulturellen Verhaltenspflicht)، انتقدت الوزارة غياب أي تعريف واضح لهذا المصطلح في نص القانون أو شروحه، مما يجعل عملية إنفاذه صعبة للغاية. كما أن القانون يفترض أن ملابس الفتيات وحدها هي التي يمكن أن تُفهم على أنها تعبير عن هذا “الواجب السلوكي الثقافي القائم على الشرف”.
انتقادات لنقص البيانات وعدم كفاية الهدف
وبالإضافة إلى الجوانب الدستورية، انتقدت الوزارة عدم تضمن “تقييم الأثر” لأي أرقام مؤكدة حول عدد المتأثرين من هذا القانون، وعدم إجراء مشاورات مع الفئة المستهدفة من الأطفال والمراهقين.
كما أبدت الوزارة شكوكها حول مدى استيفاء هدف القانون للمتطلبات الدستورية، خاصة وأنه يُحدد “الحالة المستهدفة” بأنها “ألا ترتدي الفتيات الحجاب وفقاً للتقاليد الإسلامية في المدرسة مستقبلاً”، بدلاً من أن يكون الهدف هو “منع التمييز أو انتهاكات مصلحة الطفل أو تفاديها”.
ورأت وزارة العدل أيضاً أنه لا يوجد مبرر لشمول القانون للفتيات بين سن السادسة والرابعة عشرة بشكل موحد، بغض النظر عن اختلاف نضجهن وتطورهن. كما تساءلت عن سبب عدم كفاية “مفاهيم حماية الطفل” الإلزامية التي أصبحت مطبقة في المدارس منذ العام الدراسي 2024/2025 لحماية هؤلاء الفتيات.
وفيما يخص الجانب العقابي، اعتبرت الوزارة أن النص المقترح لا يشكل أساساً كافياً لفرض عقوبات إدارية تصل إلى 1000 يورو كحد أقصى على انتهاك الحظر، خاصة أنه يشير إلى “جرائم إدارية جديدة سيتم إنشاؤها” دون تحديدها بشكل ملموس، مما يتعارض مع معايير ضمان جودة التشريعات.
على الجانب الآخر، ما زالت وزيرة الاندماج Claudia Plakolm (عن حزب الشعب ÖVP) تعتقد أن مشروع القانون الجديد متوافق مع الدستور، حيث قالت: “نعم، أنا واثقة من أن مشروع القانون هذا يمكن أن يصمد وسيصمد”، مشيرة إلى هذه المحاولة الثانية لتمرير القانون. وفي المقابل، وبينما رحبت نقابة معلمي المدارس الابتدائية بالحظر المقترح رغم بعض الانتقادات التفصيلية، عارضته الطوائف الدينية الأخرى، إلى جانب الجالية الإسلامية.



