وزيرة الخارجية النمساوية: “الحياد وحده لا يحمينا من التهديدات”

أكدت وزيرة الخارجية النمساوية، بيآته ماينل-رايسينغر، أن النمسا لا تزال ملتزمة بمبدأ الحياد العسكري، لكنها ليست محايدة سياسيًا، مشيرة إلى أن أوروبا تعمل بشكل جدي على تعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التهديدات العالمية المتزايدة. وأوضحت أن النمسا تسعى للحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أن التعاون الأوروبي هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار.

الحياد لا يكفي لضمان الأمن

في مقابلة مع صحيفة DER STANDARD النمساوية، شددت ماينل-رايسينغر على أن النمسا كانت دائمًا محايدة عسكريًا ولكن ليست سياسيًا، وقالت:
“منذ انضمامنا إلى الاتحاد الأوروبي، أصبح لدينا التزام مشترك بمستقبل أوروبي موح، ورغم أن جوهر الحياد لا يزال قائمًا، إلا أن ذلك لا يعني أننا سنظل في موقف المتفرج عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أمننا.”

كما انتقدت ماينل-رايسينغر بشدة موقف حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، الذي يتهمها بتقويض الحياد النمساوي، ووصفت هذا الفهم للحياد بأنه “غير مسؤول من الناحية الدستورية”، مضيفة:
“الشعب النمساوي يدرك جيدًا أن الحياد وحده لا يوفر الحماية.”

إرسال قوات إلى أوكرانيا؟

عند سؤالها عن إمكانية نشر جنود نمساويين في أوكرانيا ضمن قوات حفظ السلام، أوضحت الوزيرة أنها لا تستبعد هذا الاحتمال في المستقبل، لكن بشرط وجود تفويض أممي، قائلة:
“مع تفويض من الأمم المتحدة، يمكنني أن أتخيل ذلك من حيث المبدأ، لكننا لا نزال بعيدين جدًا عن هذه المرحلة. هناك أشكال أخرى يمكننا من خلالها تقديم المساعدة لأوكرانيا.”

كما أشارت إلى أن تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية هو الضمان الحقيقي للسلام، قائلة:
“نحن لا نستعد لخوض حرب هجومية، بل نعزز قدرتنا الدفاعية. يجب أن يكون ثمن الهجوم على أي جزء من الأراضي الأوروبية باهظًا للغاية.”

دور النمسا في تعزيز الدفاع الأوروبي

أكدت الوزيرة أن النمسا ملتزمة بزيادة ميزانيتها الدفاعية، تماشيًا مع الأهداف الأوروبية، قائلة:
“لقد التزمنا في برنامجنا الحكومي بزيادة كبيرة في ميزانية الدفاع. يجب أن يكون لدينا قدرة دفاعية أوروبية قوية، وهذا لا يتحقق إلا من خلال التعاون المشترك.”

وعلّقت على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي شككت في التزام الولايات المتحدة بحلف الناتو، قائلة:
“تصريحات ترامب حول المادة 5 من معاهدة الناتو كانت بمثابة إنذار خطير لدول البلطيق، التي تعتمد على الضمانات الأمنية الأمريكية.”

كما انتقدت موقف المجر، التي امتنعت عن توقيع البيان الختامي لقمة الاتحاد الأوروبي بشأن أوكرانيا، محذرة من أن “تقويض وحدة أوروبا سيجعلها مجرد أداة في أيدي القوى العظمى”.

موقفها من جهود السلام بين روسيا وأوكرانيا

علّقت ماينل-رايسينغر على الاتصال الأخير بين الرئيسين ترامب وبوتين، مؤكدة أنه يجب عدم “المبالغة في رد الفعل” تجاه هذه المحادثات، لكنها حذرت من أن روسيا “لا تبدو مهتمة حقًا بالسلام”. وأشادت بالجهود الدبلوماسية الأوكرانية في المحادثات الأخيرة التي عُقدت في السعودية، قائلة:
“لقد كان هذا نجاحًا دبلوماسيًا مهمًا لأوكرانيا، حيث نجحت في إقناع العالم بأهمية حماية بنيتها التحتية للطاقة.”

وعن احتمالية فرض اتفاق سلام على أوكرانيا من قبل القوى العظمى، قالت:
“هذا لن يحدث. لا يمكن فرض السلام على أوكرانيا طالما أن شعبها مستعد للدفاع عن نفسه. لكن يجب ممارسة المزيد من الضغط على روسيا.”

انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي والناتو

أوضحت الوزيرة أن انضمام أوكرانيا إلى الناتو مسألة تخص الحلف وأوكرانيا فقط، لكنها رحبت ببدء مفاوضات انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أن “هذه العملية ستستغرق وقتًا طويلاً، ولا يمكن لأوكرانيا أن تحصل على مسار سريع للعضوية، احترامًا لدول البلقان التي تنتظر منذ سنوات”.

قلق بشأن زعزعة النظام العالمي

أعربت ماينل-رايسينغر عن قلقها إزاء تراجع النظام الدولي القائم على القواعد، محذرة من أن رؤية ترامب للعالم قد تؤدي إلى “عالم تحكمه فقط قوة الدول العظمى، وهو أمر ليس في مصلحة النمسا أو أوروبا”.

وأعلنت أنها ستتوجه إلى نيويورك لبدء حملة النمسا للحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أنها ستسعى للحصول على دعم دولي لتعزيز النظام العالمي القائم على المؤسسات.

حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟

وصفت الوزيرة تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على السلع الأوروبية بأنها “محاولة لإعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية، لكنها قد تؤدي إلى حرب تجارية”. وأضافت أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يظهر وحدة قوية في هذه المسألة، تمامًا كما يفعل في القضايا الأمنية.

التنسيق الدولي عبر وسائل التواصل الاجتماعي

كشفت ماينل-رايسينغر أن وزراء الخارجية الأوروبيين يستخدمون تطبيق Signal للتواصل، وأن سلفها ألكسندر شالنبرغ أضافها إلى المجموعة عبر “سيلفي مشترك”. وذكرت أن المسؤولة عن المجموعة هي وزيرة الخارجية الإستونية كايا كالاس.

كيف تغيّرت بعد توليها وزارة الخارجية؟

ختمت الوزيرة حديثها بالتأكيد على أنها لا تزال سياسية وليست دبلوماسية، لكنها تدرك مسؤوليتها الجديدة، قائلة:
“أنا الآن مسؤولة عن مصالح النمسا بأكملها، وليس فقط عن حزبي، إنها مهمة شرفية، وسأحرص على استخدام لهجتي الحادة بتركيز أكبر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى