المستشار النمساوي السابق كورتس: “كنا على حق”.. والهجرة تهدد أمن أوروبا وأنظمة الرعاية الاجتماعية
وجّه المستشار النمساوي السابق سيباستيان كورتس، انتقادات شديدة للمستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل ولسياستها في ملف اللجوء خلال أزمة اللاجئين عام 2015، مؤكداً أنها أدت إلى تدهور الأوضاع الأمنية والاجتماعية في أوروبا، خاصة في المدن الكبرى، بحسب صحيفة Die Presse النمساوية.
قبل عشر سنوات، كانت أوروبا تعيش حالة استثنائية، حيث وصل مئات الآلاف من الأشخاص إلى القارة عبر طريق البلقان، وكانت النمسا واحدة من الوجهات الرئيسية. وأوضح كورتس أنه عارض بشدة في ذلك الوقت فتح الحدود أمام المهاجرين، وأنه اليوم وبعد مرور عقد كامل، يرى أن التطورات اللاحقة أثبتت صحة موقفه.
وقال كورتس إن أزمة اللاجئين كانت لها تداعيات واضحة على المجتمعات الأوروبية، حيث شهدت العديد من الدول، خاصة في المدن الكبرى، تغيّرات اجتماعية واسعة، وأضاف أن الوضع الأمني في أوروبا “تدهور بشكل كبير” بعد عشر سنوات من ما وصفه بـ”السياسة الخاطئة”.
وأشار كورتس إلى أن الأزمة أدت كذلك إلى استيراد “الكثير من معاداة السامية” وأفكار وصفها بأنها “إشكالية”، لافتاً إلى أن المدارس تواجه حالياً “تحديات كبيرة” وأن “أنظمة الضمان الاجتماعي مثقلة فوق طاقتها”، وأضاف قائلاً: “مزيج دولة الرفاه الاجتماعي والهجرة غير المحدودة لا يمكن أن ينجح”.
وانتقد المستشار النمساوي السابق الموقف الذي تبنته أنغيلا ميركل آنذاك والمتمثل في عبارتها الشهيرة “Wir schaffen das” (سننجح في ذلك)، مؤكداً أنه كان يرى منذ البداية أن هذه السياسة لن تنجح، وقال: “لقد قلنا حينها: هذا لن ينجح. واليوم أستطيع أن أقول: كنا على حق”.
كما وجّه كورتس انتقاداً شديداً لما اعتبره دعماً مادياً لعمليات نقل اللاجئين إلى أوروبا الوسطى تحت قيادة ميركل، قائلاً إن هذا النقل لم يكن يقتصر على التنظيم فقط بل كان يتم تمويله من أموال دافعي الضرائب، ووصف الأمر بأنه “عبثي”، مضيفاً: “كانت سياسة السماح بالعبور والدفع لذلك تؤدي إلى إنهاك أوروبا بالكامل، وجعلت مزيداً من الأشخاص يقررون القيام بالرحلة”.
وأكد كورتس أن النمسا حاولت في تلك الفترة اتخاذ خطوات للحد من تدفق اللاجئين، منها فرض سقف لعدد طالبي اللجوء. ورأى أن النجاح الأكبر كان في إحداث تغيير في الموقف الأوروبي وإيجاد أغلبية سياسية معارضة لنهج ميركل في هذا الملف.
واستعرض المستشار السابق بعض الإحصائيات التي تُظهر أن ثلث المهاجرين من سوريا وأفغانستان والعراق في النمسا بلا عمل، محذراً من أن جلب أعداد كبيرة من الشباب الذين لا يتقنون القراءة والكتابة حتى بلغتهم الأم، يؤدي إلى ارتفاع معدلات الجريمة وتغيير القيم المجتمعية وفشل كثير منهم في الحصول على وظائف، واصفاً ذلك بأنه “أمر غير منطقي”.
ودعا كورتس إلى تبني سياسة هجرة قائمة على استقطاب أفضل الكفاءات والمهارات من جميع أنحاء العالم، معتبراً أن هذه هي الهجرة التي تعزز الابتكار وتخلق اقتصاداً مزدهراً. وأوضح أن التشدد في مواجهة الهجرة غير النظامية لا يثني المهاجرين المؤهلين عن القدوم، بل على العكس، مؤكداً أن المهاجر الذي يمتلك مؤهلات عالية ويحصل على وظيفة جيدة ويدفع الضرائب “لا يشعر بالخوف من بلد يتخذ موقفاً نقدياً من الهجرة غير الشرعية”.
وأشار كورتس إلى أنه يعرف حالات كثيرة من الاندماج الناجح في النمسا، لكنه في الوقت نفسه يعرف أمثلة عديدة على فشل هذا الاندماج. وأوضح أنه يعيش في الحي الثاني عشر في فيينا، المعروف باسم Meidling، حيث يشاهد هذه النماذج المتباينة بشكل مباشر في حياته اليومية.



