المستشار النمساوي يعلن استعداده لمساعدة السوريين في العودة إلى بلادهم بعد سقوط الأسد
فيينا – INFOGRAT:
احتفل عشرات الآلاف من السوريين في العاصمة النمساوية فيينا، يوم الأحد، بسقوط نظام بشار الأسد، بعد أن أعلنت قوات المعارضة السيطرة على دمشق وإطاحة النظام الذي استمر لأكثر من 14 عامًا. جاء هذا الحدث بعد دخول الجماعات المعارضة المسلحة إلى العاصمة، مما دفع الرئيس السوري بشار الأسد وعائلته للفرار إلى موسكو حيث منحهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللجوء “لأسباب إنسانية”.
وبحسب صحيفة heute النمساوية، في فيينا، شهد Ringstraße مظاهرة حاشدة، نظمها السوريون للاحتفال بسقوط الأسد، حيث رُفعت شعارات الفرح وسمعت أصوات الهتافات والأغاني الوطنية. وأكد الكثير من المشاركين في المظاهرة، الذين يعيشون في النمسا منذ سنوات طويلة، رغبتهم في العودة إلى وطنهم “في أقرب وقت ممكن”، معربين عن حنينهم إلى ديارهم التي أجبروا على تركها بسبب النزاع المستمر.
وشهدت المظاهرة اعتداء على رئيس تحرير النمسا ميديا المهندس أحمد مراد من عدد من المتطرفين الذين اندسوا داخل الاحتفالات، حيث تم اسعافه الى المستشفى وإبلاغ الشرطة بتفاصيل الاعتداء وتزيدهم بمقطع مصور يوثق وجوه معظم من شارك في الاعتداء، وفي هذا الصدد قال مراد: “سوريا تعاني من موجة تشدد ذهني منبي على الجهل والتبعية القطيعية دون إدراك للعواقب المترتبة” وقد بادر عدد من وجوه فيينا بالاتصال والاطمئنان وإدانة هذا الاعتداء السافر من مجموعة “رعاع” غير مسؤولة.
ردود الأفعال السياسية لم تتأخر
حيث دعا زعيم حزب الحرية (FPÖ) هربرت كيكل، إلى عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مشيرًا في منشور له على منصة “فيسبوك” إلى أن سقوط النظام يعني انتهاء أسباب اللجوء، وقال كيكل: “وطنكم يحتاجكم الآن، عودوا بسلام!”، بينما شدد رئيس الحزب في فيينا دومينيك نيپ على أن “اللاجئين الآن يمكنهم العودة إلى ديارهم”.
من جانبه، عبّر المستشار النمساوي كارل نيهامر من حزب الشعب (ÖVP) عن استعداد الحكومة لدعم السوريين الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم طواعية، وأكد في تصريح له مساء الأحد على منصة “X” أن حكومته ستعمل على إعادة تقييم الوضع الأمني في سوريا، تمهيدًا لاستئناف عمليات الترحيل إذا ما تم التأكد من استقرار الأوضاع هناك.
ولكن، وسط أجواء الفرح، ظهرت تساؤلات حول مدى أمان سوريا بعد سقوط النظام. إذ تسيطر “هيئة تحرير الشام” (HTS) بقيادة محمد الجولاني على أجزاء واسعة من البلاد بعد الإطاحة بنظام الأسد. وصرّح الجولاني في خطاب له من الجامع الأموي في دمشق أن سقوط النظام يمثل “فجرًا جديدًا” لسوريا وللمنطقة، مشددًا على ضرورة تحقيق انتقال سلمي للسلطة وبداية عهد جديد.
رغم هذه التصريحات، لا تزال هيئة تحرير الشام تُصنف كجماعة إرهابية على المستوى الدولي. ومع ذلك، أشارت الباحثة السياسية وخبيرة شؤون الشرق الأوسط بينته شيلر من مؤسسة هاينريش بول الألمانية إلى تحسن ملحوظ في الوضع الإداري والاقتصادي في المناطق التي تسيطر عليها الهيئة. وذكرت شيلر في مداخلة لها على القناة النمساوية ORF أن “الهيئة أظهرت في السنوات الأخيرة اهتمامًا بإدارة المناطق المحررة بشكل أكثر براغماتية، مما ساعد على تحسين الأوضاع الاقتصادية مقارنة بالمناطق التي كانت تخضع لسيطرة الأسد”.
وأوضحت شيلر أن الهيئة وحلفائها كانوا قد أعدوا لهذا التحرك لفترة طويلة، عبر تدريب مكثف للمقاتلين وتنظيم صفوف المعارضة. وأضافت أن سقوط النظام كان متوقعًا، خصوصًا بعد تقارير تفيد بأن الأسد فقد دعم روسيا وإيران، حليفيه الرئيسيين. وأشارت إلى أن زيارة الأسد الأخيرة لموسكو وإعلانه حظر الإجازات في صفوف الجيش السوري قد أثرت سلبًا على معنويات القوات الموالية للنظام، مما سرّع من انهياره وسقوط مدينة حلب دون مقاومة تُذكر.
ورغم تفاؤل البعض، أكدت شيلر أن الطريق نحو الاستقرار في سوريا لا يزال طويلًا ومعقدًا. فالبلاد تشهد انقسامات عميقة، وتواجه تحديات هائلة لإعادة بناء الدولة وضمان حقوق جميع المكونات. وأضافت أن التحالفات التي ساهمت في إسقاط النظام، بما في ذلك الأكراد والدروز، قد تلعب دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل سوريا، إذا ما التزمت هيئة تحرير الشام بتعهداتها باحترام حقوق الأقليات والعمل معها.
مع ذلك، حذرت شيلر من أن عودة اللاجئين بشكل جماعي قد تؤدي إلى نزاعات جديدة، حيث يمكن أن يُجبر السكان الذين استقروا في مناطقهم على تركها مجددًا. وأكدت أن استقرار الأوضاع بشكل يسمح بعودة آمنة للجميع لا يزال أمرًا بعيد المنال.