النيابة العامة النمساوية تعيد فتح تحقيق وفاة مسؤول قضائي بعد ضغوط وتوجيهات عليا

فيينا – INFOGRAT:
أعادت النيابة العامة في مدينة “كرمس” (Krems) النظر في التحقيقات المتعلقة بوفاة المسؤول القضائي البارز “كريستيان بيلناتشيك” (Christian Pilnacek)، الذي وُجد ميتًا في أكتوبر 2023، وذلك بعدما كان قد أُغلِق الملف سابقًا على أنه حالة انتحار واضحة، وتأتي هذه الخطوة بناءً على تعليمات من السلطات العليا، وسط ضغوط متزايدة وتحقيقات موازية بشأن شبهات بسوء إدارة ملف القضية.
وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، باشرت النيابة العامة في مدينة “كرمس” إجراءات تهدف إلى إعادة فتح التحقيقات بشأن ملابسات وفاة المسؤول القضائي البارز ووكيل الوزارة السابق بوزارة العدل “كريستيان بيلناتشيك”.
وكانت السلطات القضائية والأمنية قد صنّفت الوفاة في أكتوبر 2023 سريعًا كحالة انتحار، جرت بعد ليلة قضاها بيلناتشيك بمفرده على ضفاف فرع جانبي من نهر الدانوب، لكن الإجراء أثار منذ البداية انتقادات واسعة، خاصةً مع عدم إجراء تحقيقات معمّقة بشأن آخر من تواصل معهم المتوفى أو ما إذا كان قد قضى ليلته بالفعل وحيدًا، كما أفادت الطبيبة الشرعية المعنية بالقضية بأن الشرطة في مكان الحادثة رفضت حتى في البداية إصدار أمر بتشريح الجثة.
ضغوط وانتقادات أدت إلى مراجعة القضية
أدى تعامل النيابة العامة وشرطة مقاطعة النمسا السفلى مع القضية إلى موجة من الانتقادات العلنية، وأطلقت بدورها سلسلة من التحقيقات الإدارية والقانونية، حيث أعلنت المفوضة البرلمانية عن حزب الحرية (FPÖ)، “إليزابيث شفِتس” (Elisabeth Schwetz)، عن فتح “تحقيق رسمي بموجب السلطة الإدارية”، كما فتحت النيابة العامة للاقتصاد ومكافحة الفساد (WKStA) تحقيقًا بتهمة إساءة استخدام السلطة ضد أفراد من الشرطة، ومن المقرر أيضًا أن يتناول البرلمان النمساوي هذه القضية في جلساته خلال الخريف القادم ضمن لجنة تحقيق محتملة.
النيابة تستنجد بخبير ذُكر في كتاب مثير للجدل
في خطوة وُصفت بأنها تحوّل جذري، توجهت النيابة العامة في كرمس مؤخرًا بطلب رسمي إلى طبيب الحوادث “فولفغانغ شادن” (Wolfgang Schaden) للحصول على تقييمه المتعلق بتقرير تشريح الجثة الرسمي، وكان شادن قد استُشهد به في كتاب صدر مؤخرًا بعنوان “بيلناتشيك – موت رئيس القسم”، وهو من تأليف السياسي السابق والصحفي الاستقصائي “بيتر بيلتس” (Peter Pilz).
وبحسب ما نشره بيلتس عبر منصة “زكزك” (Zackzack)، فإن هذه المراجعة من جانب نيابة كرمس لم تكن بادرة ذاتية، بل جاءت نتيجة لتعليمات مباشرة من النيابة العامة العليا في فيينا (Oberstaatsanwaltschaft Wien). ولا يزال غير واضح ما إذا كانت هذه التعليمات قد صدرت مباشرة من وزارة العدل. ويُلاحظ أن النيابة طلبت رأي شادن فقط، بالرغم من أن بيلتس كان قد استند أيضًا في كتابه إلى تقييمات اثنين من خبراء الطب الشرعي المعروفين، لم يتم التواصل معهم حتى الآن من قبل السلطات القضائية.
استمرار الملاحقات القضائية ضد بيلتس ورفاقه
في الوقت ذاته، تواصل النيابة العامة في كرمس التحقيق في قضية موازية موجهة ضد “بيتر بيلتس”، والصحفي بجريدة Krone “إريك فوغل” (Erich Vogl)، وصديقة بيلناتشيك “كارين فورم” (Karin Wurm). وتتهمهم أرملة الراحل، “كارولين ليست” (Caroline List)، بجريمة “إخفاء أشياء متحصلة من جريمة” (Hehlerei)، على خلفية حيازتهم جهاز اللابتوب الخاص ببيلناتشيك. وعلى الرغم من وجود العديد من المؤشرات التي تدحض هذه الاتهامات، إلا أن التحقيقات لا تزال جارية دون إغلاق الملف حتى الآن.