خمس سنوات على كورونا في النمسا: كيف تغيرت البلاد؟
فيينا – INFOGRAT:
عندما اجتاحت الجائحة النمسا: خمس سنوات على ظهور كورونا، رأت النمسا الجائحة قادمة، فقد كان الفيروس قد انتشر بالفعل في الدول المجاورة، وفي فبراير 2020، وصل فيروس كورونا المستجد إلى البلاد، ليغير العالم كما نعرفه، ورغم أن الهلع من الفيروس قد تلاشى، إلا أن تداعياته لا تزال واضحة، سواء في السياسة أو في المجتمع.
لحظات لا تُنسى: من أول إصابة إلى إعلان الوباء
لا تزال بعض العبارات التي طُرحت خلال الجائحة عالقة في الأذهان حتى بعد خمس سنوات، مثل:
- “كل شخص سيعرف أحدًا مات بسبب كورونا.”
- “الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة.”
- “الوضع الطبيعي الجديد.”
- “لقد فعلنا كل شيء بشكل صحيح.”
في 25 فبراير 2020، سُجلت أولى حالات الإصابة بفيروس SARS-CoV-2 في تيرول، وكانت لزوجين إيطاليين. ولم يمضِ وقت طويل حتى أعلنت منظمة الصحة العالمية (WHO) تحول الفيروس إلى جائحة عالمية، دون أن يدرك أحد أن العالم كان على أعتاب تغيير جذري.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، رغم انتشار نظرية التسرب من المختبر، يُرجح أن الفيروس انتقل عبر الحيوانات إلى البشر في سوق للمأكولات البحرية في ووهان، الصين، وسرعان ما تفشى الوباء، وأذهلت صور الكارثة في إيطاليا العالم، خاصة مشاهد الشاحنات العسكرية التي تحمل توابيت الموتى في مدينة بيرغامو يوم 26 مارس 2020.
الإغلاق الأول: لحظة فاصلة في تاريخ النمسا
في 16 مارس 2020، أعلنت الحكومة النمساوية بقيادة المستشار سباستيان كورتس (Sebastian Kurz) أول إغلاق عام، حيث تم إغلاق الحدود وتعليق الحياة العامة، بينما واجهت الشركات والمدارس تحديات هائلة بسبب التحول المفاجئ إلى العمل والتعلم عن بعد.
وأصبحت النمسا أمام واقع رقمي جديد لم تكن مستعدة له، وفرضت الحكومة قيودًا صارمة، حيث مُنع المواطنون من مغادرة منازلهم إلا في حالات الضرورة القصوى. واندلعت موجة هلع شرائية جعلت ورق التواليت سلعة نادرة، بينما أصبحت الكمامات جزءًا من الحياة اليومية.
انقسام المجتمع بين المطالبين بالالتزام والرافضين للقيود
أصبحت القيود الصحية مصدر انقسام مجتمعي، حيث رأى البعض فيها ضرورة لحماية الصحة العامة، بينما اعتبرها آخرون تعديًا على الحريات الفردية، وبدأت مظاهرات معارضي التدابير الصحية تتصاعد، وانقسم المجتمع بين “الخراف النائمة” التي تلتزم بالقوانين، و”منظّري المؤامرة” الذين رفضوا الإجراءات الحكومية.
اللقاح يصل.. لكن الجدل لا ينتهي
مع نهاية عام 2020، بدأت النمسا رسميًا حملة التلقيح بلقاح فايزر-بيونتيك، ولكن رغم أن الأبحاث حول تقنية mRNA كانت قيد التطوير منذ سنوات، إلا أن السرعة في إنتاج اللقاح أثارت الشكوك والمخاوف، وأدى ذلك إلى احتجاجات واسعة ضد سياسات التطعيم، خاصة عندما أعلنت الحكومة إلزامية اللقاح في نهاية 2021، قبل أن تتراجع لاحقًا عن تطبيقه.
السياسة في زمن الجائحة: فشل التواصل وفقدان الثقة
أدى الإغلاق المطول وسياسات الحكومة غير المتسقة إلى تآكل الثقة في السياسيين والمؤسسات، وعجزت الحكومة عن إدارة الحوار المجتمعي، مما جعل الأحزاب اليمينية الشعبوية، مثل حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، تستغل الموقف لتعزيز نفوذها.
نهاية الجائحة.. ولكن هل انتهت آثارها؟
في 5 مايو 2023، أعلنت منظمة الصحة العالمية انتهاء حالة الطوارئ الصحية العالمية، وبعد شهرين، توقفت النمسا عن تصنيف كورونا كمرض يجب الإبلاغ عنه، لكن حتى اليوم، لا يزال العديد من المرضى يعانون من أعراض ما بعد كورونا (Long COVID)، وما زالت المستشفيات تسجل حالات دخول بسبب الفيروس.
دروس غير مستفادة.. ومحاولة غير مكتملة للمصالحة
حاولت الحكومة إجراء “عملية مصالحة”، لكن نتائجها جاءت باهتة، ولم تحظَ باهتمام واسع، فيما استمرت التحقيقات حول قضايا الفساد المرتبطة بالمساعدات المالية خلال الجائحة، خاصة فيما يتعلق بوكالة COFAG التي قدمت دعمًا للشركات.



