دراسة: ضعف تعليم اللاجئين السوريين وتأخر اندماج النساء يعرقلان فرص العمل في النمسا
أظهرت دراسة صادرة عن خدمة سوق العمل (AMS) أن ثلاثة من كل عشرة لاجئين لا يجيدون اللغة الألمانية على الإطلاق بعد مرور عام ونصف على تسجيلهم، فيما يشكل تعلم اللغة عائقًا كبيرًا أمام الاندماج في سوق العمل، لا سيما في فيينا، الدراسة تسلط الضوء على تحديات متعددة تواجه اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى النمسا خلال موجة اللجوء عام 2015، مع تسجيل بعض التطورات المشجعة إلى جانب معوقات واضحة، بحسب صحيفة derstandard النمساوية.
كشف البحث أن 57% من اللاجئين الحاصلين على حق اللجوء في النمسا ممن جاؤوا أساسًا من سوريا عام 2015 قد تمكنوا من الحصول على وظيفة حتى الآن. غير أن الباحثة في مجال الهجرة، جوديث كوهلنبرغر، وصفت هذا الإنجاز بأنه يعكس مزيجًا من النجاحات والفشل، موضحة أن الأداء في النمسا يقارب مثيله في ألمانيا.
وأشارت كوهلنبرغر إلى أن قاعدة عامة متبعة بين الخبراء تؤكد أنه خلال خمس إلى ست سنوات يجب أن يتم دمج نصف اللاجئين الذين يحتاجون إلى تعلم اللغة الألمانية واستكمال مؤهلاتهم في سوق العمل. لكن جائحة كورونا والركود الاقتصادي المستمر منذ ثلاث سنوات أبطأت هذه العملية بشكل ملحوظ.
وأضافت الباحثة أن معدل توظيف الرجال اللاجئين يقترب من المتوسط العام في النمسا، بينما يبقى وضع النساء أقل إيجابية، حيث لم تتجاوز نسبة النساء اللاجئات اللواتي حصلن على عمل خلال العقد الماضي 40% فقط. تعود الأسباب إلى مجيئهن المتأخر إلى النمسا، بالإضافة إلى التزاماتهن الأسرية، مثل الإنجاب، وكذلك الأفكار السائدة في بعض الأسر التي ترى أن عمل المرأة غير ضروري، مما يهدد بعودة ظاهرة النساء “العمال الضيوف” اللاتي لم يكن لهن فرص للتعلم والاندماج، وهو ما يؤثر سلبًا على أطفالهن.
وعلى الجانب الإيجابي، بيّنت الدراسة أن الأجيال اللاحقة من اللاجئين السوريين الذين يمتلكون مستويات تعليمية أقل نسبيًا، تحقق اندماجًا أسرع في سوق العمل. كما أكد التقرير أن الدولة حسّنت جهودها في مجال الاندماج منذ 2015، ما بدأ يؤتي ثماره.
لكن الدراسة أوضحت أيضًا أن 30% من اللاجئين الذين دخلوا النمسا بين يوليو 2022 وأغسطس 2024 لا يملكون أي مهارات في اللغة الألمانية بعد عام ونصف من تسجيلهم، بينما يملك نحو نصفهم مهارات أساسية فقط. وهذا لا يعود إلى قلة الجهد من جانب اللاجئين، بل يعود إلى ضعف مستويات التعليم لديهم، بالإضافة إلى تجاربهم الصعبة في دول العبور مثل تركيا ولبنان والأردن وليبيا، حيث لم تتح لهم فرص للتعليم، حتى في لغتهم الأم.
تُظهر الدراسة أن الدافع للتعلم يتراجع أحيانًا بسبب عدم تحقيق النجاح المتوقع في اكتساب اللغة، إلى جانب انتقادات لطريقة تنظيم دورات اللغة وإدارتها، كما تبين أن فرص العمل التي قد تصل إلى اللاجئين أحيانًا تحول دون التزامهم بدورات اللغة.
أما عن التفاوت الإقليمي، فتشير الدراسة إلى أن نسبة اللاجئين الذين لا يتحدثون الألمانية على الإطلاق بعد عام ونصف تبلغ 35% في فيينا، مقارنة بـ26% في ولاية النمسا العليا و18% في ولاية شتايرمارك. ويعزى ذلك إلى أن فيينا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين، مما يجعل التحدي أكبر، كما أن وجود مؤسسات ومبادرات محلية مكثفة في المناطق الريفية يسهل الاندماج بشكل أفضل.
وأخيرًا، تناولت الدراسة بعض الفجوات الثقافية المتعلقة بمفاهيم العمل مثل الالتزام بالمواعيد والكفاءة بين أصحاب العمل واللاجئين، لكنها أكدت أن هذه القضايا قابلة للحل، مع الإشارة إلى أن اختلاف ثقافات العمل أمر شائع حتى بين دول أوروبية مثل الدنمارك وإيطاليا.



