من بينهم النمسا.. 25 دولة تطالب بوقف فوري للحرب في غزة وسط تصاعد العمليات الإسرائيلية

دعا وزراء خارجية 25 دولة، بينها النمسا، يوم الإثنين إلى وقف فوري للحرب في قطاع غزة، محذرين من استمرار إراقة الدماء دون جدوى، في وقت وسّعت فيه إسرائيل عملياتها العسكرية، لا سيما في وسط القطاع، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

أصدر وزراء خارجية 25 دولة، من بينها النمسا، إيطاليا، فرنسا، المملكة المتحدة، بلجيكا، كندا، والمفوّضة الأوروبية لشؤون المساواة وإدارة الأزمات، بيانًا مشتركًا طالبوا فيه بـ”إنهاء فوري للحرب في غزة”، مؤكدين أن “سفك المزيد من الدماء لا يخدم أي غرض”. وأشار البيان إلى أن طريقة تعامل الحكومة الإسرائيلية مع إيصال المساعدات الإنسانية “خطيرة، وتؤجج حالة عدم الاستقرار، وتحرم سكان غزة من كرامتهم الإنسانية”.

في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية البيان، معتبرة أنه “منفصل عن الواقع ويوجّه رسالة خاطئة إلى منظمة (حماس) الإرهابية”، على حد وصفها.

من جانبه، أعرب البابا ليون الرابع عشر عن معارضته لما وصفه بـ”الترحيل القسري للفلسطينيين”، وذلك في مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وأدان البابا، بحسب بيان للفاتيكان، “الاستخدام العشوائي للعنف” و”التهجير الجماعي القسري”. ويأتي ذلك في سياق استهداف الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي للكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في قطاع غزة.

وفي النمسا، دعا أسقف إنسبروك Germann Glettler إلى إنهاء “هذه الكارثة المدمّرة”، أما الملك البلجيكي فيليب فقد وصف، في تصريح نادر ومباشر، الوضع في غزة بأنه “عار على البشرية”.

من جانبها، نشرت وزيرة الخارجية النمساوية Beate Meinl-Reisinger (عن حزب NEOS) منشورًا على منصة X دعت فيه إلى “وقف دائم لإطلاق النار”، مؤكدة على “ضرورة الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني” و”ضمان الوصول غير المقيد للمساعدات الإنسانية”. وأضافت أن حماية المدنيين يجب أن تكون أولوية قصوى.

وطالب الموقعون أيضًا بالإفراج الفوري عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، معتبرين أن “وقف إطلاق نار يتم التفاوض عليه هو أفضل أمل لإعادتهم إلى ديارهم وإنهاء معاناة عائلاتهم”.

توغل في دير البلح

على الصعيد الميداني، توغلت دبابات الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين في أجزاء جنوبية وشرقية من مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. وأفاد مسعفون فلسطينيون بمقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، بينما فرّت عشرات العائلات باتجاه الساحل ومدينة خان يونس المجاورة، التي شهدت بدورها مقتل خمسة أشخاص، بينهم زوجان وطفلاهما، في غارة جوية إسرائيلية، بحسب مصادر محلية.

وذكرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن مقر إقامة موظفيها في دير البلح تعرّض لثلاث هجمات، كما أُصيبت مستودعاتها الرئيسية في القطاع. وأكد المدير العام للمنظمة، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، على منصة X أن الجيش الإسرائيلي اقتحم المنشآت، وتم اعتقال موظفَين اثنين للمنظمة ومرافقيهما، وأُفرج لاحقًا عن ثلاثة منهم، فيما لا يزال أحد الموظفين رهن الاحتجاز. وطالب تيدروس بالإفراج الفوري عن الموظف المحتجز وضمان سلامة جميع كوادر المنظمة.

ووفق مصادر إسرائيلية، فإن سبب التوغل في دير البلح يعود إلى اعتقاد الجيش بأن حركة حماس تحتجز رهائن في تلك المنطقة. وبحسب التقديرات، لا يزال من بين الرهائن الذين تم اختطافهم في هجوم 7 أكتوبر 2023 نحو 50 شخصًا، يعتقد أن 20 منهم على الأقل ما زالوا على قيد الحياة.

أوامر إخلاء جديدة وتداعيات إنسانية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر إخلاء جماعية جديدة في دير البلح، واصفًا الخطوة بأنها “ضربة مدمّرة” للجهود الإنسانية. وأضاف المكتب أن المنطقة تضم مستودعات للمساعدات، أربع عيادات، خزان مياه، ومحطة ضخ للصرف الصحي، محذرًا من أن “أي ضرر يلحق بهذه البنية التحتية قد تكون له عواقب مهددة للحياة”.

وقد اندلع النزاع في غزة عقب الهجوم الذي شنّته حركة حماس وحلفاؤها على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ما أسفر، وفقًا لإسرائيل، عن مقتل حوالي 1,200 شخص واختطاف 251 آخرين. بينما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس عن مقتل ما يقرب من 59,000 شخص في غزة، من دون التفريق بين مدنيين ومقاتلين، وهو ما ترفضه إسرائيل وتشكك في دقته.

كارثة إنسانية تتفاقم

وأعلنت منظمات الأمم المتحدة عن تدهور كبير في الوضع الإنساني، حيث قال برنامج الأغذية العالمي (WFP) إن أزمة الجوع بلغت “مستوى جديدًا من اليأس”. وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أطلق النار يوم الأحد على حشد كبير من المدنيين بالقرب من قافلة مساعدات تابعة للبرنامج، ما أسفر عن مقتل العديد من الأشخاص.

وتدير مؤسسة Gaza Humanitarian Foundation (GHF)، المثيرة للجدل، عملية توزيع المساعدات في غالبية مناطق القطاع، بموجب آلية توزيع جديدة أقرتها إسرائيل بهدف منع استيلاء حركة حماس على المساعدات. غير أن الأمم المتحدة انتقدت هذه المؤسسة، معتبرة أنها تمتلك عددًا قليلًا من مراكز التوزيع، ويُعرّض الوصول إليها المدنيين للخطر.

وأكد برنامج الأغذية العالمي أن الحادث الذي وقع يوم الأحد يسلّط الضوء على الظروف المتدهورة التي تعمل فيها الوكالات الإنسانية. وكان النظام السابق الذي أدارت الأمم المتحدة من خلاله توزيع المساعدات يشمل نحو 400 مركز توزيع في مختلف أنحاء غزة، لكنها أصبحت شبه غير فعالة بسبب القيود الإسرائيلية على الإمدادات.

وفي تصريح شديد اللهجة، وصف المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني مراكز توزيع GHF بأنها “مصائد موت سادية”، وقال عبر منصة X: “القناصة يطلقون النار على الحشود عشوائيًا وكأنهم يمتلكون ترخيصًا بالقتل، في عمليات مطاردة جماعية للبشر وسط إفلات تام من العقاب”. وانتقد وجود شركات أمنية أمريكية خاصة تتولى حراسة هذه المراكز، مؤكدًا أن “المساعدات الإنسانية ليست عملاً للمرتزقة”.بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجددًا عن صدمته من الوضع في غزة، مؤكدًا أن “طرق الإمداد الحيوية للسكان تنهار بالكامل”، بحسب ما صرح به المتحدث باسمه Stéphane Dujarric. كما أشار غوتيريش إلى تزايد تقارير سوء التغذية بين الأطفال والبالغين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى