اختتام زيارة الرئيس الألماني إلى النمسا بزيارة ميدانية لمشروع نفق “برينر” الأساسي و”شتاينماير” يدعو برلين للوفاء بالتزاماتها

فييناINFOGRAT:

اختتم الرئيس الألماني Frank-Walter Steinmeier زيارته الرسمية التي استمرت ثلاثة أيام إلى النمسا يوم الخميس، متوجهاً إلى مقاطعة تيرول برفقة نظيره النمساوي Alexander Van der Bellen. وشملت الزيارة المشتركة تفقد موقع بناء مشروع نفق “برينر الأساسي” (BBT) العملاق، برفقة رئيس حكومة مقاطعة تيرول Anton Mattle (من حزب الشعب “ÖVP”)، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

ويُعتبر نفق “برينر” الأساسي، الذي بدأ العمل فيه عام 2007، نفقاً للقطارات فقط ويبلغ طوله الإجمالي 64 كيلومتراً، ويمتد بين مدينة Innsbruck (في النمسا) وبلدة Franzensfeste في جنوب تيرول (إيطاليا) على مسافة 55 كيلومتراً. ويُعد هذا المشروع عنصراً أساسياً في شبكة السكك الحديدية الجديدة التي تربط مدينة München (في ألمانيا) بمدينة Verona (في إيطاليا).

وفي سياق الزيارة، أعرب الرئيس Steinmeier عن أمله في ألا “تُحرج ألمانيا نفسها” فيما يتعلق ببناء نفق “برينر” الأساسي، مؤكداً أن بلاده ستنهي أعمال خطوط الاقتراب في الجانب البافاري في الوقت المحدد. ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ألمانيا تستطيع تحمل فشل إتمام المشروع، أجاب: “آمل ألا يحدث ذلك”. ولهذا السبب، سيناقش البرلمان الألماني (بوندستاغ) مسألة التمويل مرة أخرى في الشتاء الحالي، لا سيما أن الجانب الألماني لم يضع بعد خطة ملزمة لمسار السكك الحديدية في وادي Inn.

افتتاح السفارة الألمانية الجديدة في فيينا

وفي وقت سابق من الزيارة، افتتح الرئيس Steinmeier والسيد Van der Bellen رسمياً، يوم الأربعاء، المبنى الجديد للسفارة الألمانية في العاصمة فيينا. ووصف Steinmeier بناء منزل جديد بأنه “فعل ثقة”، مضيفاً: “أنت تبني في المكان الذي تشعر فيه بالتفاهم وتَرى فيه مستقبلاً”. من جهته، وصف Van der Bellen السفارة الجديدة بأنها “رمز لشراكتنا الوثيقة”.

كما أكد Steinmeier على “الطبيعة المدهشة” لتعايش البلدين جنباً إلى جنب على أساس قيم مشتركة، مشيراً بمزاح إلى أن ذلك يشمل أحياناً “المزاح المتبادل”، وقال: “من الجيد أن نتمكن من الضحك على بعضنا البعض، لأن هذا لا ينجح إلا بين الأصدقاء الحقيقيين”. أما Van der Bellen، فأكد أن النمسا وألمانيا يجمعهما “الإرادة لمواجهة المستقبل”، ووصف السفارة بأنها “مكان جديد للتبادل” و “فصل جديد للدبلوماسية الألمانية في النمسا ورمز لشراكتنا الوثيقة”.

تذكير بالفصل الأكثر قتامة في العلاقة الثنائية

وفي سياق آخر من الزيارة، أشار الرئيس Steinmeier إلى أن أحلك فصل في العلاقات بين البلدين كان “الحكم النازي في النمسا بعد دخول القوات الألمانية في عام 1938″. وجاء تصريح Steinmeier هذا خلال منح “الوسام الاستحقاقي لجمهورية ألمانيا الاتحادية” للسيد Friedrich Forsthuber، رئيس محكمة فيينا الإقليمية للشؤون الجنائية. وأشاد Steinmeier بجهود القاضي “المتميزة في البحث التاريخي لجرائم القضاء النازي في النمسا“.

وأكد الرئيس الألماني على أهمية التذكير بالكيفية التي دمر بها النظام النازي دولة القانون بشكل منهجي، مستشهداً بعبارة من وثائق محاكمات نورنبرغ ضد قادة النظام النازي (منذ أواخر عام 1945 حتى 1949): “كان خنجر القاتل مختبئاً تحت رداء القاضي”. ويُذكر أن Forsthuber كان وراء إنشاء نصب تذكاري لتكريم جميع ضحايا القضاء النازي، وتم الكشف عنه عام 2015 أمام المحكمة الإقليمية للشؤون الجنائية في فيينا.

أوروبا في صلب المحادثات

وكان الرئيس Van der Bellen قد استقبل نظيره Steinmeier بمرتبة الشرف الكاملة يوم الثلاثاء، حيث أشار الرئيسان إلى ضرورة التعاون على المستوى الأوروبي. وأكد رئيسا الدولتين خلال مؤتمر صحفي مشترك في فيينا أن أوروبا “على مفترق طرق حاسم” في قضايا مثل “التنمية الاقتصادية، والهجرة، ونقص العمالة الماهرة، وحماية المناخ، والأمن”، مشددين على أن مثل هذه القضايا لا يمكن حلها إلا بشكل جماعي.

وأكد Van der Bellen وSteinmeier أن النمسا وألمانيا ستواصلان العمل في الاتحاد الأوروبي من أجل السلام والازدهار والتنمية المستدامة. واعترف Van der Bellen بضرورة أن يُعيد الاتحاد الأوروبي النظر في هياكله لتسريع العمليات الداخلية، مشيراً إلى ضرورة تجنب تمكين الدول الأعضاء من عرقلة القرارات المتخذة بأغلبية كبيرة في المستقبل.

تحديث “الجيش الاتحادي النمساوي”

واتفق الرئيسان على أن “الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا قد أدت إلى انهيار البنية الأمنية الأوروبية”. وقال Steinmeier: “علينا أن نتكيف مع هذا الوضع على المستوى الأمني. هذا يعني تعزيز أنفسنا عسكرياً بشكل حاسم”.

وفي هذا السياق، ذكّر Van der Bellen بأن إحدى نقاط القانون الدستوري النمساوي المتعلق بالحياد تنص على ضرورة أن تدافع النمسا عن نفسها، مشيراً مازحاً إلى أن هذا البهم “كان يُفهم بطريقة نمساوية للغاية” حتى الآن. ومع ذلك، أكد Van der Bellen أن النمسا هي “عضو في الاتحاد الأوروبي“، وقد شاركت في جميع العقوبات المفروضة على روسيا وستواصل ذلك “بإخلاص”، مؤكداً أن الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 يمثل حجة إضافية “لوضع الجيش الاتحادي على أسس حديثة”.

الشرق الأوسط: مسؤولية خاصة

وفيما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط، أكد الرئيس النمساوي أن “النمسا وألمانيا، لأسباب تاريخية، تتحملان مسؤولية خاصة”، ولهذا قد تكونان “أكثر وضوحاً من غيرهما في التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”. وشدد على أن كلا البلدين سيواجهان “بكل قوة واقتناع أي شكل من أشكال معاداة السامية”. ومن ناحية أخرى، أكد Van der Bellen أن مكافحة الإرهاب يجب ألا تتم بدون قواعد.

أعلى أشكال التقدير الدبلوماسي

تُعد الزيارة الرسمية أعلى أشكال التقدير الدبلوماسي بين دولتين، وهي مخصصة حصراً لرؤساء الدول. وكانت آخر زيارة دولة لرئيس ألماني إلى النمسا قد جرت قبل 28 عاماً، في عام 1997، عندما قام Roman Herzog بزيارة استغرقت ثلاثة أيام بدعوة من Thomas Klestil. وكان الموضوع الرئيسي آنذاك هو التوسع الوشيك للاتحاد الأوروبي شرقاً. يُذكر أن كلا الرئيسين السابقين قد توفيا.

كما قام الرئيس الألماني Steinmeier بـ “زيارة عمل رسمية” إلى فيينا في يوليو 2017، بعد أشهر قليلة من توليه منصبه، وكان قد زار النمسا عدة مرات في وظائف أخرى، كوزير للخارجية.

مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى