الحكومة النمساوية تتفق على إنشاء نيابة عامة اتحادية مستقلة وغير خاضعة للتعليمات

اتفقت الحكومة النمساوية على إنشاء نيابة عامة اتحادية مستقلة بالكامل عن التعليمات، في إطار إصلاح قضائي واسع النطاق، من المقرر أن يعرض رسمياً على مجلس الوزراء الأسبوع المقبل. واطّلعت صحيفة “DER STANDARD” النمساوية على مسودة العرض الوزاري الخاص بهذا المشروع، الذي يحمل عنوان “عرض لمجلس الوزراء – إنشاء نيابة عامة اتحادية مستقلة وغير خاضعة للتعليمات”.

استقلالية كاملة في عمل النيابة

يهدف الإصلاح إلى تعزيز استقلالية النيابة العامة في القضايا القضائية الحساسة، من خلال فصلها تماماً عن السلطة التنفيذية. ففي النظام القضائي الحالي، تُمثّل وزيرة العدل – وهي حالياً Anna Sporrer من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) – الجهة العليا التي تصدر التعليمات للنيابة العامة، وهو ما تسعى الحكومة إلى تغييره.

ومن المرتقب أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقليص سلطات وزيرة العدل نفسها، حيث تُنقل صلاحيات الرقابة والتوجيه في عمل النيابة العامة إلى هيئة مستقلة بالكامل. وتُشكّل هذه الخطوة تنفيذًا لاتفاق الائتلاف الحكومي المبرم بين أحزاب ÖVP وSPÖ وNEOS، بعد فشل محاولة سابقة في الفترة التشريعية الماضية عندما لم تتمكن وزيرة العدل السابقة Alma Zadić (الخضر) من التوصل إلى اتفاق مع حزب ÖVP رغم التفاهم الأولي في فبراير 2021.

مجلس ثلاثي لرئاسة النيابة العامة الاتحادية

وبحسب ما ورد في الوثيقة، ستعمل النيابة العامة الاتحادية الجديدة كـ”هيئة تحقيق وادعاء عليا مستقلة وغير خاضعة للتعليمات”، وتكون مكانتها مماثلة لمكانة رئيس المحكمة العليا (Oberster Gerichtshof).

وسيترأس النيابة العامة مجلس ثلاثي متساوي الصلاحيات، يتناوب أعضاؤه على الرئاسة كل ثلاث سنوات، بينما تستمر مدة عضويتهم تسع سنوات. ويجب أن يكون الأعضاء من القضاة أو وكلاء النيابة من ذوي الخبرة الواسعة في القانون الجنائي، ممن يملكون عشر سنوات على الأقل من الممارسة وخبرة مهنية وشخصية عالية المستوى.

آلية تعيين بإشراف رئاسي وبرلماني

ينص مشروع القانون على أن يتم التعيين من قبل رئيس الجمهورية بناءً على ترشيح من الحكومة الاتحادية، بعد تقديم مقترحات من لجنة خاصة يشكلها وزارة العدل، وبمشاركة البرلمان. وتؤكد الوثيقة أن الرقابة البرلمانية ستُنظم بطريقة تحفظ فاعلية عمل النيابة العامة، حيث لن يُسمح بلجنة فرعية دائمة لمراقبة التحقيقات الجارية.

ضمانات ضد التدخلات السياسية

في حال محاولة التدخل أو الضغط السياسي، يُسمح لأعضاء النيابة العامة بالكشف عن مواقفهم وتصويتهم داخل الهيئة. كما تم التأكيد على أن الأعضاء يخضعون لنفس المسؤوليات القانونية والدستورية المنصوص عليها في المادة 142 من قانون الدستور الاتحادي B-VG، والتي تنظم كيفية التعامل مع الانتهاكات القانونية في أداء المهام.

Generalprokuratur كنواة للهيئة الجديدة

تُشير المسودة إلى أن “النيابة العامة العليا” (Generalprokuratur) ستُشكّل النواة التنظيمية والمؤسسية للنيابة العامة الاتحادية الجديدة. وسيُمنح لوكلاء النيابة العاملين فيها الحق في الانتقال إلى الهيئة المستقلة الجديدة.

كما ستُحافظ الدولة على الصيغة الدستورية الحالية التي تعتبر وكلاء النيابة العامة جزءاً من السلطة القضائية، وذلك لضمان مكانتهم الخاصة في هيكل الدولة.

التصويت المرتقب في مجلس الوزراء

حالياً، يخضع المشروع للمراجعة الحكومية النهائية، والتعديلات عليه لا تزال ممكنة. وتشير مصادر من داخل الائتلاف الحكومي إلى أنه من المتوقع أن يتم التصويت عليه في اجتماع مجلس الوزراء المقبل يوم الأربعاء، في حال سارت الأمور حسب الخطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى