الصيد الجائر يفتك بنصف الطيور الجارحة في النمسا سنويًا

قُتل أكثر من نصف الجوارح البرية في النمسا سنويًا بسبب أعمال الصيد الجائر والتسميم غير القانوني، بحسب ما أفادت به منظمات حماية البيئة والطيور. وتحقق الشرطة حاليًا في حادثة جديدة بمنطقة سانكت بولتن (St. Pölten)، حيث عُثر على ستة طيور نافقة من نوع “روهرڤايه” (Rohrweihe) بالإضافة إلى بيض مسموم.

كل طائر جارح ثانٍ يُقتل في النمسا بسبب التسميم أو إطلاق النار غير المشروع

تحقق مديرية الشرطة الجنائية في ولاية النمسا السفلى (Landeskriminalamt NÖ) حاليًا في حادثة موت ستة طيور جارحة في محيط مدينة سانكت بولتن (St. Pölten)، يُعتقد أنها سُممت عمدًا. لكن وفقًا لخبراء ومؤسسات بيئية، فإن هذه الحوادث تمثل ظاهرة مستمرة في النمسا، حيث يُقتل سنويًا مئات الطيور الجارحة بوسائل غير قانونية، بما في ذلك التسميم أو إطلاق النار.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، يقول راينر راب (Rainer Raab)، وهو عالم أحياء ومدير المكتب الفني للأحياء في دويتش-واغرام (Deutsch-Wagram) بمقاطعة غينسرسدورف (Gänserndorf)، إن “حالات تسميم الطيور الجارحة في وسط أوروبا منتشرة للأسف أكثر مما يُعتقد”. ويشارك مكتبه حاليًا في مشروع الاتحاد الأوروبي “Life Eurokite”، الذي يهدف إلى حماية الطيور الجارحة عبر تتبّع آلافها بأجهزة إرسال عبر الأقمار الصناعية.

بيانات لحظية تكشف الحقيقة

وبفضل أجهزة GPS المثبتة على الطيور، يمكن تتبّع تحركاتها وحالتها الصحية لحظة بلحظة، كما يُمكن تحديد مكان وزمان نفوقها بدقة عالية، كما حصل في حالة نسر قيصري (Kaiseradler) مفقود منذ أكثر من أسبوع. كانت آخر إشارة منه صادرة بين لويپرسدورف (Loipersdorf) وهافينغ (Hafing)، ما دفع فريق راب إلى إبلاغ الشرطة.

العثور على بيض مسموم وجثث طيور نادرة

وخلال تفتيش الموقع، لم يُعثر على النسر، لكن تم اكتشاف جهاز الإرسال الخاص به في راغيلسدورف (Ragelsdorf). كما وُجدت ست جثث لطيور “روهرڤايه” (Rohrweihe) – وهي من الطيور المحمية – إلى جانب بيض ملوّث بالسمّ. وأظهرت التحاليل أنه تم استخدام مادة كاربوفوران (Carbofuran)، وهي مبيد حشري ممنوع على مستوى الاتحاد الأوروبي بسبب سميته العالية.

“لا علاقة له بالصيد المشروع”

وأشار راب، الذي يُعتبر أيضًا صيادًا مرخّصًا، إلى أن مرتكبي هذه الأفعال غالبًا ما يكونون صيادين، لكن دوافعهم ترتكز على معتقدات خاطئة وليس على ممارسات الصيد التقليدية:

“هؤلاء ليسوا صيادين حقيقيين. هم قلائل، ولكن ما يفعلونه ليس صيدًا بل جريمة. يظنون أنه إذا قتلوا الطيور الجارحة، فسيزداد عدد الفرائس الصغيرة في الخريف. هذا جنون”.

ويضيف يوهانس هوهينيغر (Johannes Hohenegger) من منظمة BirdLife أن طيور “روهرڤايه”، التي تتغذى في الغالب على الفئران الصغيرة والعصافير، لا تمثل تهديدًا حقيقيًا لأعداد الأرانب البرية (Feldhasen) كما يُشاع.

الجوارح: دور بيئي مهم وعقوبات مشددة

يرى الخبراء أن الطيور الجارحة تؤدي وظيفة بيئية حيوية، إذ تساعد على تنظيف الطبيعة من الجيف والفرائس المريضة، مما يحد من انتشار الأمراض. وتشير منظمات مثل WWF وBirdLife إلى أن قتل هذه الطيور يشكل جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن حتى عامين، علمًا بأنها محميّة قانونيًا.

وصرّحت كريستينا وولف-بيتره (Christina Wolf-Petre) من منظمة WWF أن الحادثة الأخيرة ليست معزولة، بل تشير إلى وجود نمط ممنهج من التسميم المتكرر للحيوانات. كما نددت باستخدام مادة شديدة السمية محظورة أوروبياً، والتي قد تشكل خطرًا على الحيوانات الأليفة وحتى البشر.

تحذيرات للسكان والمتنزهين

الشرطة دعت السكان، وخاصة المتنزهين وأصحاب الكلاب، إلى توخي الحذر من احتمال وجود بقايا مواد سامة في المنطقة. وما تزال التحقيقات جارية، حيث تطلب الشرطة أي معلومات من المواطنين يمكن أن تساعد في كشف هوية الجناة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى