النمسا تبرر للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان خطط ترحيل سوري مدان بالسرقة والسطو المتعدد
أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (EGMR) في أغسطس/آب ترحيل شاب سوري من النمسا، وفرضت حظراً مؤقتاً حتى 8 سبتمبر/أيلول. وردّت الحكومة النمساوية على المحكمة بمذكرة من المكتب الاتحادي لشؤون الأجانب واللجوء (BFA)، حصلت عليها صحيفة “Die Presse” النمساوية، موضحة أسباب إصرارها على الترحيل وكاشفة عن الجرائم التي ارتكبها الشاب السوري.
خلفية القضية
أثار موضوع الترحيل إلى سوريا جدلاً أوروبياً واسعاً منذ أشهر، خصوصاً بعدما قامت النمسا هذا العام لأول مرة بترحيل مجرم سوري قسرياً إلى بلده. وأعلن وزير الداخلية Gerhard Karner (ÖVP) حينها أن سقوط نظام الأسد يفتح الباب لمزيد من عمليات الترحيل. إلا أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أوقفت محاولة ثانية لترحيل سوري في أغسطس/آب، مطالبة النمسا بتقديم ضمانات ومعلومات أوفى عن وضع المرحّلين.
وطلبت المحكمة من الحكومة النمساوية توضيح ما إذا كان الرجل سيكون آمناً في منطقته داخل سوريا، وما إذا كان معرضاً لخطر الاختطاف. يأتي ذلك في ظل انتقادات من لجنة أممية بشأن تجاهل النمسا متابعة مصير أول شخص تم ترحيله بالفعل، والذي لم يعد من الممكن التواصل معه.
الجرائم المنسوبة إلى الشاب السوري
المذكرة الرسمية، المؤرخة في 19 أغسطس/آب، كشفت أن المعني بالقرار هو شاب سوري يبلغ 25 عاماً، صرّح أن تاريخ ميلاده هو الأول من يناير/كانون الثاني 2000. وقد صدر بحقه هذا العام حكم بالسجن لمدة 21 شهراً بسبب جرائم “السرقة، إخفاء وثائق رسمية، والسطو المسلح”. كما أُدين عام 2024 بتهمة “السرقة المتكررة بدافع الكسب”.
ووفق أقواله، فإن والديه وستة من أشقائه يقيمون في سوريا، بينما يخشى هو العودة بسبب الأوضاع الأمنية. وأوضح أنه غادر سوريا في عام 2022 “بسبب الحرب فقط”.
موقف المكتب الاتحادي لشؤون الأجانب واللجوء
في مذكرة من ثماني صفحات، دافع المكتب عن مشروعية الترحيل، مؤكداً أن الشاب يمكنه العودة “بأمان إلى موطنه الأصلي”، مستشهداً بإفادة من السلطات السورية التي أكدت أن العائدين “يتابع وصولهم إلى مناطقهم المقصودة داخل سوريا”.
وأضاف المكتب أن المنطقة التي ينحدر منها الشاب “لا تشهد وضعاً يرقى إلى مستوى نزاع مسلح مفتوح”، مشيراً إلى أن “عدد الحوادث الأمنية فيها منخفض نسبياً”، وأن “أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين عادوا بالفعل إلى بلدهم”.
وجاء في المذكرة أن “المكتب الاتحادي لشؤون الأجانب واللجوء يرى أن جميع الفحوصات القانونية اللازمة المرتبطة بعملية الترحيل أُجريت بعناية ووفقاً للقوانين الوطنية والدولية، ولا سيما مبدأ عدم الإعادة القسرية (Non-Refoulement) كما أرسته اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.
انتقادات منظمات حقوقية
في المقابل، انتقد Lukas Gahleitner-Gertz، ممثل منظمة “Asylkoordination”، الرد النمساوي بشدة، قائلاً: “إن ضعف مستوى المذكرة الرسمية لافت للنظر”. وأضاف أن “المعايير التي تعتمدها المحكمة الأوروبية منذ عقود لم تُستوفَ مطلقاً”. وأكد أن الانطباع السائد هو أن الحكومة النمساوية “تتقبل عمداً صدور قرار سلبي من المحكمة، لتقول لاحقاً إن المسؤولية تقع على عاتق المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان”.



