تصاعد تأثير تنظيم “داعش” على المراهقين في النمسا عبر “تيك توك” وسط غياب الدولة
فيينا – INFOGRAT:
حذر الخبير في التطرف أحمد منصور من تسارع وتيرة التطرف الإسلامي بين الشباب، مشيرًا إلى أن منصة “تيك توك” أصبحت البيئة الأساسية لنشر الفكر المتطرف وتجنيد المراهقين، جاء هذا التحذير بعد وقوع حادثتي عنف صادمتين: الأولى في مدينة فيلاخ النمساوية، حيث هاجم شاب سوري المارة بسكين، مما أسفر عن مقتل فتى يبلغ من العمر 14 عامًا، والثانية في فيينا، حيث تم إحباط هجوم آخر في اللحظات الأخيرة.
في مقابلة مع صحيفة Die Presse، أوضح منصور أن هناك تحولًا جذريًا في أنماط التطرف الإسلامي، خاصة بعد 7 أكتوبر، وأكد أن وسائل التواصل الاجتماعي، وبالأخص “تيك توك”، أصبحت المنصة الرئيسية لنشر الأفكار المتطرفة، حيث يتم التلاعب بالمراهقين بسهولة عبر محتوى مبسط ومؤثر. وأضاف:
“رسالة الإسلاميين المؤثرة على الشباب تتمثل في أن الغرب هو المسؤول عن كل المآسي، وأن مقاومته واجب”.
التطرف الإسلامي كـ”ثقافة شبابية”؟
يرى منصور أن الإسلاموية لم تعد مجرد حركة دينية، بل تحولت إلى ثقافة شبابية تعكس مشاعر الغضب والاغتراب، مشابهة لحركات الاحتجاج الأخرى، ويقول:
“لم تعد المساجد تلعب دورًا في هذا، بل أصبح تيك توك هو الساحة الأساسية، الشباب ينخرطون في التطرف خلال أسابيع فقط”.
وأشار إلى أن الكثير من الشباب الذين ينجذبون إلى هذه الأفكار لا يبحثون عن مناقشات دينية بقدر ما يبحثون عن هوية وانتماء، حيث يجدون في الفكر المتطرف ملاذًا واضحًا ضد المجتمع الذي يشعرون بالاغتراب عنه.
من طالب لجوء إلى متطرف: فشل سياسات الاندماج
أحد أكثر الجوانب المثيرة للقلق، بحسب منصور، هو أن العديد من منفذي الهجمات المتطرفة كانوا قد قدموا إلى أوروبا كطالبي لجوء، لكن بدلاً من الاندماج، أصبح لديهم رفض متزايد للمجتمع المضيف، وأوضح أن هذه الظاهرة تعود جزئيًا إلى الخلفيات الثقافية التي نشأ فيها هؤلاء الشباب، حيث تتجذر نزعات التسلط، ومعاداة السامية، واحتقار الغرب.
ويضيف منصور أن عملية التطرف تتسارع عندما يمر الشاب بأزمة شخصية، ويجد نفسه محاطًا بمحتوى متطرف عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون أي بدائل فكرية أخرى.
“لا يمكننا دمج الجميع” – انتقادات للسياسة الأوروبية
يؤكد منصور أن الساسة الأوروبيين بحاجة إلى الاعتراف بأن سياسة الاندماج لا تنجح مع الجميع، ويقول:
“المجتمعات الأوروبية تعاني من ضغط الهجرة غير المسبوق، وبلغنا أرقامًا تجعل الاندماج غير ممكن للجميع”.
ويحذر من أن هذه الأوضاع تؤدي إلى نشوء مجتمعات موازية، حيث تزدهر الأفكار المتطرفة دون قيود، ويوضح أن عوامل مثل فقدان الهوية، الأزمات الشخصية، والغضب تجاه الغرب بسبب الأوضاع في الشرق الأوسط، تساهم في تسريع التطرف.
“الإسلاميون يهيمنون على تيك توك – والدولة بلا رد فعل”
بينما نجح المتطرفون في استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم، لا تزال الحكومات بطيئة في التصدي لهذه الظاهرة، ويرى منصور أن هناك حاجة ملحة لمراقبة دقيقة لما يجذب الشباب على الإنترنت ووضع استراتيجيات مضادة.
ويضيف أن الجماعات المتطرفة تنتج محتوى احترافيًا وعاطفيًا يستهدف الشباب، بينما لا يوجد حتى الآن أي جهود فعالة لمواجهة هذه الدعاية على نفس المنصات.
المجتمعات المسلمة مسؤولة أيضًا: “دور الضحية لم يعد مقبولًا”
إلى جانب الدولة، يرى منصور أن على المجتمعات المسلمة أيضًا أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهة التطرف، موضحًا أن بعض المنظمات الإسلامية أعلنت موقفًا واضحًا ضد معاداة السامية بعد 7 أكتوبر، لكن معظمها لا يزال يتبنى دور الضحية بدلاً من مواجهة المشكلة بشكل مباشر.
ودعا إلى دور أكبر للمؤسسات الإسلامية في وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أن غياب الأصوات المعتدلة يتيح للإسلاميين الهيمنة على المشهد الرقمي.
الحاجة إلى تحرك سياسي عاجل
يختتم منصور تحليله بالتحذير من أن الإسلاموية لم تختفِ، بل تطورت، وباتت الآن تستهدف الفئات الأصغر سنًا، مع تسارع ملحوظ في عمليات التجنيد والتطرف.
ويؤكد أن النقاش حول مواجهة هذه الظاهرة يجب أن يكون صريحًا، قائلًا:
“من يرفض قيم الغرب، ويمارس العنف، أو يتحرش بالنساء، يجب أن يقال له بوضوح: لقد فقدت فرصتك”.
واختتم منصور حديثه بالتأكيد على ضرورة التحرك الفوري:
“السؤال ليس إن كنا سنتصرف – بل إن كنا سنفعل ذلك في الوقت المناسب”.



