خبراء يحذرون: خفض معونات اللاجئين في النمسا قد يُلغى قضائيًا
فيينا – INFOGRAT:
أعلنت الحكومة النمساوية الجديدة نيتها خفض المساعدات الاجتماعية لطالبي اللجوء المعترف بهم، من خلال فرض فترة انتظار تصل إلى ثلاث سنوات قبل أن يتمكنوا من الحصول على الدعم الكامل، إلا أن هذه الخطة تواجه تشكيكًا قانونيًا واسعًا، حيث يرى خبراء في القانون الدستوري والاجتماعي أن هذا الإجراء يتعارض مع الدستور النمساوي والقوانين الأوروبية، ما قد يعرضه للنقض أمام المحاكم العليا.
وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، وفقًا لما ورد في الاتفاق الحكومي، ستفرض النمسا فترة انتظار مدتها حتى ثلاث سنوات على طالبي اللجوء المعترف بهم قبل حصولهم على المساعدات الاجتماعية الكاملة، خلال هذه الفترة، سيتم منحهم فقط “منحة اندماج” بدلًا من المعونة الاجتماعية التقليدية، والتي ستكون أقل من الحد الأدنى المضمون حاليًا.
وبحسب التقديرات، سيحصل الأفراد العُزّب على نحو 950 يورو شهريًا بدلًا من 1209 يورو، وهو مبلغ يعادل المعونة المقدمة للباحثين عن عمل المشاركين في دورات سوق العمل، كما سيتم تقديم برامج لدعم العمل وتعلم اللغة الألمانية، بهدف دفع المستفيدين إلى سوق العمل قبل انقضاء فترة الانتظار.
لكن هذه السياسة تواجه عقبات قانونية كبيرة، حيث سبق للمحكمة الدستورية النمساوية إلغاء محاولات سابقة لفرض فترات انتظار أو تخفيضات مماثلة للمساعدات الاجتماعية، باعتبارها تمييزًا ضد اللاجئين.
خبراء قانونيون: الإجراء غير دستوري ويتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي
يرى فالتر فايل (Walter Pfeil)، الخبير في القانون الاجتماعي وأحد واضعي نظام الحد الأدنى للدخل في النمسا، أن هذا الإجراء محكوم عليه بالفشل قانونيًا.
ويشرح فايل أن الحكومة يمكنها تخفيض المساعدات لكل العاطلين عن العمل بغض النظر عن وضعهم القانوني، لتشجيعهم على دخول سوق العمل، لكن استهداف اللاجئين تحديدًا بخفض المساعدات يمثل تمييزًا غير قانوني.
وأضاف فايل:
“القوانين الأوروبية تلزم الدول الأعضاء بتقديم نفس مستوى المساعدات الاجتماعية للاجئين كما للمواطنين المحليين، أي محاولة لتخفيضها بشكل انتقائي ستواجه تحديًا أمام محكمة العدل الأوروبية”.
تخفيض معونات الأطفال: تهديد إضافي للأسر الفقيرة
من بين التعديلات الأخرى المقترحة، تنوي الحكومة تخفيض المخصصات المالية للأطفال في الأسر اللاجئة، بحيث يحصل كل طفل على 30 يورو شهريًا فقط، بدلًا من المبالغ التي تقدمها بعض الولايات حاليًا، مثل فيينا (326 يورو لكل طفل) والنمسا السفلى (145 يورو لكل طفل مع انخفاض المبلغ لكل طفل إضافي في الأسرة).
يؤكد فايل أن هذا التخفيض غير منطقي وغير قانوني، مشيرًا إلى قرار المحكمة الدستورية النمساوية عام 2019، الذي ألغى محاولة سابقة لخفض المساعدات الاجتماعية إلى 50 يورو شهريًا لكل طفل، معتبرًا أن هذا المبلغ لا يغطي احتياجات الطفل الأساسية.
نقابات العمال تحذر: “تدهور شديد للأسر الفقيرة”
حذرت غرفة العمال النمساوية (Arbeiterkammer) من أن هذا التعديل يمثل ضربة قاسية للأسر الفقيرة، معتبرةً أن الجمع بين خفض المساعدات الاجتماعية وإلغاء الإعانات العائلية الإضافية سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر، خاصة بين الأطفال.
وتساءلت غرفة العمال عن كيفية توافق هذا القرار مع تعهد الحكومة بتخفيض نسبة الفقر بين الأطفال إلى النصف، خاصة أن البرنامج الحكومي يتحدث عن إدخال “معونة أساسية للأطفال”، دون توضيح آلية عملها أو كيفية تعويض الأسر عن التخفيضات الأخرى.
معركة قانونية مرتقبة أمام المحاكم الأوروبية
مع تصاعد الانتقادات، يبدو أن خطة الحكومة مهددة بالإلغاء قضائيًا، حيث تواجه نفس التحديات القانونية التي أسقطت محاولات سابقة لتقييد المساعدات الاجتماعية لطالبي اللجوء.ومع انتظار تفاصيل التنفيذ، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الحكومة من تمرير هذه التعديلات دون اعتراضات قانونية، أم ستواجه معركة قضائية تنتهي بإلغائها؟



