سياسة “الضغوط القصوى” لترامب تدفع بورصات النمسا وألمانيا إلى تراجعات حادة
فيينا – INFOGRAT:
شهدت البورصات الأوروبية تراجعًا حادًا مجددًا بسبب سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث سجّل مؤشر DAX الألماني هبوطًا بنسبة تصل إلى عشرة في المئة عند افتتاح التداول يوم الإثنين، بينما تراجع مؤشر ATX النمساوي بنسبة 7,4 في المئة، وفقد مؤشر Euro Stoxx 50 نسبة 6,3 في المئة من قيمته، فيما امتدت الخسائر إلى أسواق آسيا وأستراليا.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، واصلت الأسواق المالية حول العالم مسارها الانحداري الذي بدأ في الأسبوع السابق مع إعلان ترامب عن خططه الجمركية، حيث تراجع مؤشر DAX في فرانكفورت بنسبة 7,3 في المئة ليصل إلى 19.127 نقطة، بعدما كان قد خسر مؤقتًا أكثر من عشرة في المئة، قبل أن يستقر لاحقًا عند تراجع بنحو 6,5 في المئة، أما مؤشر ATX النمساوي فقد هبط في أول عشر دقائق من التداول بنسبة 7,42 في المئة ليصل إلى 3.483,58 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر.
وفي آسيا، أغلق مؤشر Nikkei-225 الياباني على تراجع بنسبة 7,8 في المئة، في حين انهار مؤشر Hang-Seng في هونغ كونغ بنسبة 11,8 في المئة، علمًا بأن السوق هناك لم تشهد تداولات يوم الجمعة بسبب عطلة. كما شهدت أسعار النفط انخفاضًا جديدًا، وكذلك قيمة عملة Bitcoin، التي وصلت مؤقتًا إلى 74.638 دولار (نحو 67.720 يورو)، متراجعة بذلك إلى ما دون حاجز 80.000 دولار.
ترامب يقلل من شأن الخسائر ويطرح نفسه للتفاوض
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حاول تهدئة المخاوف بشأن هذه التطورات، حيث صرّح قائلًا: “أحيانًا يجب أن تتناول الدواء لكي تشفى”، مؤكدًا في الوقت ذاته استعداده للدخول في مفاوضات، وأضاف أثناء رحلة عودته من عطلة نهاية أسبوع قضاها في ممارسة رياضة الغولف في ولاية فلوريدا إلى العاصمة واشنطن: “أريد حل مشكلة العجز التجاري التي نواجهها مع الصين، والاتحاد الأوروبي، ودول أخرى”.
وتابع: “إذا أرادوا التحدث عن الأمر، فأنا منفتح على الحوار. لقد تحدثت خلال عطلة نهاية الأسبوع مع العديد من القادة السياسيين من أوروبا وآسيا وسائر أنحاء العالم، وهم متحمسون للغاية لإبرام اتفاق.”
في المقابل، أكّد ترامب أنه لن يرفع الرسوم الجمركية دون مقابل، مشددًا على أن الحكومات الأجنبية يجب أن تدفع “الكثير من المال” لتفادي الرسوم. كما انتقد مجددًا ممارسات الدول الأوروبية، قائلاً إن لديها فائضًا تجاريًا هائلًا مع الولايات المتحدة، وإنها “أساءت معاملة أمريكا كثيرًا وجنت من وراء ذلك ثروات كبيرة”.
وأضاف: “الاتحاد الأوروبي أُسس لغرض واحد فقط: الاستفادة ماليًا من الولايات المتحدة.”
الإدارة الأمريكية تواصل سياسة التصعيد الجمركي
من جانبه، أعلن وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك أن الحكومة ستواصل تشديد السياسة الجمركية، حيث ستبقى الرسوم سارية “لأيام وأسابيع” قادمة. أما وزير المالية سكوت بيسنت، فقد أفاد بأن أكثر من 50 دولة بدأت مفاوضات مع الولايات المتحدة منذ الإعلان عن الرسوم، مشيرًا إلى أن ترامب “أوجد لنفسه أقصى قدر ممكن من أدوات الضغط”، بحسب ما صرح به لقناة NBC.
أوروبا تتحرك: استراتيجيات للرد وتفادي التصعيد
في لوكسمبورغ، ناقش وزراء التجارة في دول الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين الخطوات الممكنة لإقناع ترامب بالتراجع عن الرسوم الخاصة. كما تناول الاجتماع التحضير لردود فعل محتملة في حال فشل المفاوضات، بما في ذلك فرض رسوم مضادة وإجراءات انتقامية أخرى.
ومن المقرر أن تقدم المفوضية الأوروبية للدول الأعضاء قائمة بمنتجات أمريكية يمكن أن تُفرض عليها رسوم جمركية انتقامية، وتشمل هذه المنتجات اللحوم، الحبوب، النبيذ، الأخشاب، الملابس، العلكة، خيط الأسنان، المكانس الكهربائية وورق التواليت.
اليابان تتخذ خطوات مماثلة
كما أعلنت الحكومة اليابانية أنها ستواصل الضغط على الولايات المتحدة لتقليص الرسوم الجمركية المفروضة عليها. وقال رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أمام البرلمان:
“لن تأتي النتائج بين ليلة وضحاها، لكن علينا استخدام جميع الوسائل المتاحة لتقليل الأضرار الاقتصادية، بما في ذلك الدعم المالي للشركات المحلية وإجراءات لحماية الوظائف.”
تداعيات متوقعة على الاقتصاد الأمريكي والعالمي
تهدف إدارة ترامب من خلال الرسوم الجمركية إلى تصحيح ما تعتبره اختلالات تجارية، وتشجيع عودة الإنتاج الصناعي إلى داخل الولايات المتحدة. كما تأمل في أن تُسهم هذه الرسوم في تمويل وعود ترامب الانتخابية بخفض الضرائب.
لكن العديد من الخبراء الاقتصاديين حذّروا من أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى أعباء كبيرة على المستهلكين الأمريكيين. وقد شهدت البلاد في عطلة نهاية الأسبوع مظاهرات كبيرة احتجاجًا على السياسة الاقتصادية للرئيس ترامب.
تدهور مستمر في الأسواق العالمية
تواصلت موجة الهبوط في أسعار الأسهم حول العالم. ووفقًا للبيت الأبيض، فإن ما يحدث هو مجرد “اضطرابات مؤقتة” ستخرج منها الاقتصاد الأمريكي أكثر قوة. لكن في نيويورك، سجل مؤشر داو جونز انخفاضًا أسبوعيًا بأكثر من ثمانية في المئة، وهو أسوأ أداء له منذ سنوات.
وبحسب المحللين، لا يُتوقع حدوث انتعاش قريب في الأسواق، إذ يرجح استمرار التقلبات الشديدة في الأسعار إلى أن تتضح نتائج الصراع التجاري، أو يتم التوصل إلى اتفاقيات أولية، أو تظهر تفاصيل واضحة عن الرسوم الجمركية المضادة.



