فسيفساء رومانية نادرة في النمسا تعيد رسم خريطة التأثير الثقافي للإمبراطورية

كشف فريق من علماء الآثار في منطقة Thalheim قرب مدينة Wels في ولاية النمسا العليا عن ثلاث لوحات فسيفساء رومانية محفوظة على نحو استثنائي، تعود إلى القرن الثاني الميلادي، وذلك خلال أعمال تنقيب تقودها مؤسسة الثقافة الإقليمية في النمسا العليا بالتعاون مع جامعة سالزبورغ. الاكتشاف الأثري، الذي يُعد من أبرز الاكتشافات الحديثة في المنطقة، أزاح الستار عن أرضية فسيفسائية فريدة تتضمن مشاهد نادرة وتصميمات فنية عالية الدقة، أبرزها فسيفساء تُصوّر دلافين بأسلوب غير مألوف في السياق المحلي.

يمتد موقع التنقيب على مساحة تزيد عن 1000 متر مربع، وتشير المؤشرات الأثرية إلى أنه كان يشكل جزءًا من فيلا رومانية فاخرة تعود لعائلة ذات مكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة في مقاطعة Noricum الرومانية. وتُعد هذه الفسيفساء واحدة من أندر التصاميم المعروفة في المقاطعات الشمالية للإمبراطورية الرومانية، إذ يعكس تصوير الدلافين، وفقًا للخبراء، روابط فنية محتملة مع مراكز إنتاج الفسيفساء في مناطق البحر الأبيض المتوسط، خصوصًا في جنوب الإمبراطورية.

بالإضافة إلى لوحة الدلافين، تم اكتشاف فسيفساء ثانية تصور وعاءً مزخرفًا يُستخدم لمزج المشروبات الكحولية، وهو رمز أيقوني في الولائم الرومانية التقليدية، بينما حملت الفسيفساء الثالثة أنماطًا هندسية متناظرة نُفذت بدقة عالية.

وأكد الباحثون المشاركون في المشروع، بحسب ما نقلته صحيفة Greek Reporter، أن هذا الاكتشاف لا يبرز فقط ثراء النخبة الرومانية في المنطقة الشمالية من الإمبراطورية، بل يُسلط الضوء أيضًا على الانتشار العميق للثقافة الرومانية وتأثيرها في الفنون البصرية والمعمارية خارج حدود المركز الإمبراطوري.

ومن المرتقب أن تتواصل أعمال التنقيب الأثري في الموقع خلال الأشهر القادمة، كما سيُتاح للزوار الاطلاع المباشر على الفسيفساء من خلال جولات ميدانية يشرف عليها الخبراء. وضمن جهود نشر نتائج البحث، ستُقام محاضرة عامة بعنوان “العملات، القبور، الفسيفساء” في الخامس والعشرين من يونيو الجاري، حيث سيعرض الباحثون نتائج الاكتشاف بتفاصيله التقنية والتاريخية.وتجري في الوقت الراهن مناقشات بين الجهات الثقافية المحلية ومتحف قلعة Linz حول عرض دائم للفسيفساء المكتشفة في معرض الآثار المُعاد تصميمه بالمتحف. كما يُقترح عرضها ضمن فعاليات معرض الحدائق الدولي 2027 في مدينة Wels، ما يتيح فرصة موسعة للجمهور للتفاعل مع هذا الإرث الثقافي المذهل، الذي يُعيد رسم ملامح الحضور الروماني في الأراضي النمساوية المعاصرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى